يعد إصلاح صندوق المقاصة من أولى أولويات حكومة بنكيران في ولايتها الحالية ، فقد كان عنصرا أساسيا أثناء الحملة الترويجية للحزب برسم التشريعيات الماضية. و يمكن القول أن مطلب إصلاح هذا الصندوق مطلب شعبي قبل أن يكون توجها سياسيا حكوميا ، فالكل أصبح يعرف الكلفة الباهظة التي تقتطعها المقاصة سنويا من الميزانية العامة للدولة ، و التي فاقت 45 مليار درهم في السنة الماضية جلها ذهب إلى جيوب الفئات الميسورة التي تستهلك من المواد المدعمة أضعاف ما تستهلكه الطبقات الموجه لها أساسا هذا الصندوق ، و نخص بالذكر الطبقة الفقيرة و المتوسطة. فنحن نحيي شجاعة الحكومة و نيتها الأكيدة على إصلاح هذا الاختلال ، ونحن مع توفير دعم مادي مباشر للفئات الفقيرة قصد تعويض الفرق المهول الذي سيطال الأسعار ، لكن ماذا عن الطبقة المتوسطة ، صمام أمان السلم المجتمعي كما يصطلح عليها ؟ فإذا كانت الإحصائيات تتحدث عن حوالي 10 ملايين فقير سيستفيدون من دعم مباشر ، و 3 ملايين مواطن ميسور هم في غنى أصلا عن صندوق المقاصة ، فماذا عن 20 مليون مواطن المتبقين ؟ من البديهيات أن الحل الذي يخلق مشكلة لا يمكن اعتباره حلا أساسا ، فمنذ أن بدأ الحديث عن هذا الإصلاح لم نسمع وزيرا يتحدث عن زيادة في رواتب الموظفين و العمال ، أو التخفيض من قيمة الضريبة على الدخل ، أو توضيح الكيفية التي سيعتمدونها في مساعدة الحرفيين و باقي الفئات الكادحة الأخرى التي تحسب مجازا على الطبقة المتوسطة . فهل ستنتظر الحكومة إلى حين اشتعال الفتيل ؟ على بنكيران و رفاقه أن يعلموا أننا في المغرب لا نتوفر على طبقة متوسطة بالمعايير المتعارف عليها دوليا ، طبقتنا المتوسطة هشة ، منهكة ، لا يتحمل أغلب منتسبيها حتى مصاريف الدخول المدرسي و الأعياد . فالحذر الحذر أيتها الحكومة ، و لاداعي لرمي عود ثقاب في برميل مليء بالمتفجرات. ورحم الله عبدا أنجز عملا و أتقنه.