بات المواطن الجزائري يستيقظ على وقع ارتفاع الأسعار، وجاء الدور هذه المرة على البطاطا التي تعد المادة الاستهلاكية الأساسية والضرورية لدى العائلات، ما خلق حالة استياء وزاد من الضغوطات على الشارع، الأمر الذي جعل السلطات تتحرك من أجل مواجهة الوضع. بعد نجاحها في خفض أسعار فاكهة الموز، انطلقت حملة مقاطعة جديدة تستهدف مواجهة البطاطا أو "سيدة الأطباق" التي التهبت أسعارها بشكل جنوني من دون سابق إنذار، وقد بلغت حدود ال 160 ديناراً جزائرياً للكيلوغرام، ما يعادل نحو 11 درهما. وكما في الحملة السابقة، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منصات للدعوة إلى عدم الإقبال على شراء البطاطا، وتركها تتكدس في المحلات والأسواق لحين انهيار أسعارها. وتوسعت حملة المقاطعة لتنتقل إلى المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك التي دخلت على الخط، وأكدت أن أسباب ارتفاع أسعار البطاطا تعود بالدرجة الأولى إلى صعوبة ضبط السوق وتنظيمها، وانتقدت الحكومة على ذلك، وقالت في بيان إنه "في ظل الارتفاع غير المسبوق لأهم منتج فلاحي للمستهلك الجزائري، وهو الأمر الذي حذرنا منه منذ أسابيع عدة وتنبأنا بوصول سعره إلى ما هو عليه الآن، وبعد مناشدة الكثير لنا بالتحرك وتحمل المسؤولية الأخلاقية، على الرغم من قلة حيلتنا في هذه الظروف العصيبة التي نعيشها، في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية وارتفاع تكلفة المنتجات الفلاحية، إضافة إلى اختلال السوق وصعوبة ضبطه وتنظيمه، فإن المنظمة تدعو إلى مقاطعة ظرفية للمنتج كاملاً أو جزئياً بحسب حالة كل أسرة واستطاعتها، على الرغم من إدراكنا صعوبة المهمة، لا سيما أن الأمر يتعلق بمادة أساسية، معتمدين على وعي المواطنين وصبرهم وتآزرهم"، مطالبة الحكومة بتسقيف أسعار البطاطا وفق آليات مضبوطة. وجاء نجاح حملة مقاطعة فاكهة الموز ليشجع الجزائريين على اعتماد هذه الطريقة لمواجهة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار الذي فشلت الحكومة في الحد منه، خصوصاً خلال شهر رمضان الذي يعرف إقبالاً واسعاً على المواد الغذائية ومنها البطاطا، التي يستهلك منها الفرد الجزائري نحو 100 كيلوغرام سنوياً، وفق إحصائية رسمية. إلى ذلك، تبين دراسة معدة من قبل الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، أن أزمة البطاطا في الجزائر تتكرر كل أربعة أشهر من السنة، وشددت على أن المشكلة تكمن في العجز المسجل في التخزين الذي لا يغطي إلا 4 في المئة من الاستهلاك، في حين يستهلك الجزائريون شهرياً بين 350 و400 ألف قنطار من البطاطا. وتحاول السلطات منع وقوع السوق في أيادي المضاربين، وتخفيف الضغوطات على المواطنين الذين يعانون تدهور القدرة الشرائية، إذ شرعت فرق رقابة مشتركة تجمع بين ممثلين عن وزارة التجارة والفلاحة ومصالح الأمن، في حملة لتنظيم الأسعار في أسواق الجملة الخاصة بالخضر والفواكه، مست في مرحلة أولى منتج البطاطا الذي يشهد جدلاً واسعاً بعد بلوغه أسعاراً قياسية، وتم إجبار باعة الجملة بمختلف محافظات البلاد على تسويق البطاطا بسعر 80 ديناراً، أي ما يعادل 5 دراهم تقريباً، في محاولة لتسقيف الأسعار، وهو ما رفضه التجار ودخلوا في مناوشات كلامية مع الفرق الرقابية. كما قامت كل من وزارة التجارة بالتنسيق مع الاتحاد العام للفلاحين الجزائريين بحملة لتأطير جني محاصيل البطاطا وضبط الأسعار، وذلك بالقيام بعديد من الإجراءات التي تتمثل في تتبع المنتوج من الفلاحين إلى أسواق الجملة والتجزئة، بهدف القضاء على ظاهرة تعدد الوسطاء والمضاربين، إلى جانب تسقيف الأسعار عند الفلاحين وإجبارهم على جني المحاصيل وتفادي التخزين في المرحلة الحالية، التي تتطلب إغراق الأسواق بهذه المادة، مع وضع مخطط لتشجيع المنتجين وترشيد التخزين.