الخلافات بين المنتخبين في المغرب تمر عبر مرحلتين ، المرحلة الاولى وهي ما يسمى بالحملة الانتخابية والتي يمكن أن تصل الى العنف الجسدي بين المنخرطين في الاحزاب ، وذالك اعتقادا منهم ان الكثرة في العدد واظهار القوة على الساحات ،او على الحلباتىن، او على المنصاتن، أو في الاسواق ، هو العامل الاساسي للوصول الى ربح أصوات المواطنين ، وبهذا تكون مرحلة طرح البرامج والتحسيس والتوعية قد ولت وغابت عن قاعات الاجتماعات ، وهنا لابد من الاشارة أنه سواء بالمدن أو القرى المغربية ، يمكن الجزم أن الحملات الانتخابية المنبثقة من المبادء والمواقف والبرامج والنقاشات انتقلت الى الفوضى والاشتباكات بالايادي وتحطيم الطاولات في بعض الاحيان . وبعد هذه المرحلة تأتي عملية الاختفائات ، حيث يتعمد بعض المنتخبين الاختفاء عن الانظار بشكل مريب وذالك تناغما مع تطبيق خطة محكمة ، ألا وهي عدم حضور الجلسات التي تفضي الى منصب الرئاسة ونوابه ، وهذا الغياب يكون مقصودا ومتعمدا لئلا يكتمل عدد أعضاء المجلس الجماعي حتى تبقى مهمة الرئاسة معلقة .
المرحلة الثالثة ، أو الاشكالية التي ترسم بوضوح الخلافات بين المنتخبين والتي تقف أمام جميع البرامج التي تساهم في التنمية تبقى هي المعارضة من أجل المعارضة ، هذه المعارضة أصلها انقلاب على الفريق الذي يقود المجلس وعلى برامجه وعلى مقترحاته وعلى كل مشروع مطروح فوق الطاولة . وهناك اشياء أخرى لا مجال لذكرها لانها تبقى بعيدة عن جميع أدبيات السياسة وأخلاقيات التنافس الشريف للوصول الى مقاعد الحكم . الاكراهات التي ترافق هذه الخلافات لها واجهتان ، الواجهة الاولى وتبقى الساكنة هي ضحية هذه الظاهرة ، والتي يتراجع لديها الامل الذي طالما كان يراودها بغية الوصول الى تقدم ملحوض في البنيات التحتية وتوفير ملاعب القرب للشباب ، وخدمات القرب ، وجلب الاستثمارات لتحريك عجلة الاقتصاد ومشاريع تساعد على تحقيق التنمية . بالنسبة لساكنة القرى ، تعاني أكثر من ساكنة الحواضر لان مكونات الفوراف المجالية تدخل مباشرة في الموضوع ، وهنا يصبح النقل المدرسي والماء الصالح للشرب ومياه السقي ، وجمع النفايات وتهيئ الدواوير بالمدارس والنقل العمومي في مهب الريح ، بسبب خلافات بين المنتخبين سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر . الواجهة الثانية ، وهي موقع وزارة الداخلية من هذه الواقعة والتي تقلق المواطن وتكعر مزاجه وتجعله يفقد الامل في الوصول الى التنمية ، وهنا لابد من الاشارة ان المجالس الجماعية سواء بالمدن او القرى فهي تابعة لوزارة الداخلية والتي تعتبر الوصي الاول على الانتخابات وعلى الجماعات والمقاطعات أيضا . ومن هذه المعطيات لابد من تدخل وزارة الداخلية على الخط كي تصلح ما يمكن اصلاحه ، واٍبعاد كل من لا يستحق ولا يرقى الى مراعاة مصلحة المواطن في جميع ألوانها وتشكيلاتها . واٍذا لم تتدخل وزارة الداخلية لوضع حد لهذه الممارسات الاجتماعية الغير السوية ، أقول الممارسات الاجتماعية عمدا ، لأنها بعيدة عن الممارسات السياسية ، اذا لم تتدخل فاٍن الفوضى باسم القانون سوف تسود وتنتشر ، وهذه الامور مجتمعة تحطم المواطن وتزكي في نفسيته مقولة المصالح الشخصية قبل الوطن وقبل المواطن.
كثير من الشباب لا يشاركون في السياسة ويمتنعون عن الانتخابات ، وهي ظاهرة العزوف السياسي ، وهو ما يعني أن الثقة بين المواطن والاحزاب ضعيفة ، والسبب هو الابتعاد عن الكفاءات والاعتماد على أسلوب الانتهازية من خلال تزكية أبناء وأقارب ومعاريف قيادية بدون حرج ، وهو ضرب للديموقراطية .