ما تزال الجزائر تنفث سمومها تجاه المغرب بمناسبة أو بدونها، في إشارة منها إلى حجم الحقد الذي تُكنه ل"جارها الغربي" دون سبب معقول، رغم الأواصر والصلات الكثيرة والمتنوعة التي تجمع الشعبين الشقيقين، بصرف النظر عن التوتر الحاصل في العلاقات الدبلوماسية. ففي خطوة استفزازية؛ وصفت إحدى الصحف الجزائرية المسماة (المسار العربي) المغربَ ب"جار السوء"، في عنوان لمقال صحافي يتحدث عن نتيجة المباراة التي جمعت، أول أمس السبت، منتخبي البلدين في ربع نهائي بطولة كأس العرب المقامة بقطر. وفي هذا السياق، نشر محمد الشرقاوي، الأكاديمي المغربي وأستاذ تسوية النزاعات الدولية بجامعة "جورج ميسين" الأمريكية، مقالا مطولا حول الموضوع على صفحته الفيسبوكية بعنوان: "حتى لا يجهلوا.. فوق جاهل الجاهلين". وجاء في التدوينة نفسها أن "الجمهور المغربي بالآلاف كان أول المترجمين للروح الرياضية في صفائها المغاربي الراقي، بتهنئة نظرائهم في جنبات "ملعب الثمامة" حال انتهاء المباراة التي حسمتها الأهداف الترجيحية. لكن هؤلاء الناقمين من أهل الصحافة أرادوا ترجمة تعسفية وفق أهواء شوفينية هدامة، فغدت الروح الرياضية العارمة روحا عدائية وتفريغا لشحنة قومية سلبية أخرى لديهم في الخطاب الجزائري إزاء المغرب". وتابع الشرقاوي أنهم "أطلقوا عياراتهم على شعار "خاوة خاوة"، وخنقوا الأنفاس من روح "كأس العرب"، وأضحوا مارقين يتنكرون لمعايير الصحافة الاحترافية، وميثاق شرف المهنة، وضوابط المسؤولية، أمام الرأي العام الجزائري والمغربي والعربي حتى مسامع الدوحة على حد سواء". المصدر عينه أضاف بالقول: "مع تواتر لغة التعصب الأعمى عينا وقلبا؛ لا يجد المرء في بلاد مثل الجزائر مسافة تفصل بين سرديات الخطاب الإعلامي وتوجيهات الخطاب السياسي. وثمة تواز ملحوظ في تدهور هذين الخطابين منذ بداية العام؛ ليس في شيطنة المغرب فحسب، بل وأيضا في الاستخفاف والتحقير لعدد من مؤسساته ورموزه الوطنية، وأخيرا في تلويث السرديات حول منافسات "كأس العرب"". ومنذ شهر غشت المنصرم، يردف الأكاديمي نفسه، "بدأ قاموس الصحافة الجزائرية يستخدم عبارة "جار السوء" بشكل متواتر، كما جاء في منشورات صحيفة "النهار"، أو من قبيل "الخطايا التسع لجار السوء" في صحيفة "الجزائرالجديدة"، ومجلة "الجيش"، دون تمحيص في حملة العداء الهيجاء وتمادي السيميائية المتطرفة دون رقيب لغوي أو حسيب سياسي". وتساءل الشرقاوي "عمّن نحت هذه العبارة المسمومة "جار السوء" في الأصل، ومن دفع بها حتى تتصدر قاموس الصحافة الجزائرية هذا العام؟"، مشددا أن "الخطاب المغربي في بعديه السياسي والإعلامي لم ينجرف نحو تركيب عدائية مضادة، أو رد الصاع صاعين كما تقول العرب". أستاذ تسوية النزعات الدولية خلُص إلى أنه "لا يستوي منطق المقارنة بين خطاب المسؤولين الجزائريين عند وصف المغرب بأنه "العدو الكلاسيكي"، و"البلد المحتل"، و"الدولة الراعية للإرهاب" في الخطاب الرسمي الجزائري، مقابل توخي نظيره المغرب العفة السياسية وتلجيم لغة المرحلة بوصف الجزائر بأنها "البلد الجار والشقيق الذي لن يأتيه من المغرب سوى الخير"". تجدر الإشارة إلى أن المباراة التي جمعت المنتخبين المغاربيين اتّسمت بالروح الرياضية. كما أنها موقعة امتازت بالحماسية في صفوف لاعبي الفريقين، انتهت لصالح الجزائر بالضربات الترجيحية بعد استنفاد 90 دقيقة الأصلية والأشواط الإضافية.