بعدما اعتقد العالم أنه ماضٍ في الطريق الصحيح للقضاء على كوفيد والعودة إلى الحياة الطبيعية دون خوف ولا وجل، عبر تنظيم حملة التلقيح وتطعيم المواطنين، ما مكّن من تخفيف الإجراءات الاحترازية وتيسير تنقلات المواطنين بين المدن والدول لقضاء مآربهم وأغراضهم الشخصية؛ ظهر المتحور الجديد في جنوب إفريقيا، المسمى في علم الفيروسات "أوميكرون"، ليربك أوراق بلدان العالم. ظهور هذا المتحور الجديد، وما صاحبه من تشديد الإجراءات مرة أخرى، دفع عددا من الدول، ومنها المغرب، إلى تعليق الرحلات الجوية، من أجل الحفاظ على المكاسب المحققة بفعل حملة التلقيح الوطنية، وخوفا من تسلل "أومكيرون" إلى الوطن، وما يمكن أن يترتب عنه من اتخاذ تدابير جديدة ستؤثر على عدد من القطاعات؛ لاسيما قطاع السياحة على وجه التحديد. محمد جدري، المحلل الاقتصادي، يرى أن "الجميع كان يطمح إلى تحقيق إقلاع اقتصادي مع نهاية 2021 وبداية 2022، بسبب استقرار الحالة الوبائية في المغرب، موازاة مع التقدم الكبير الذي حققته بلادنا في حملة التلقيح الوطنية، وخير دليل على هذا هو رفع حظر التجوال الليلي والسماح للمواطنين بالتنقل بين المدن". وزاد جدري، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "التخفيف من الإجراءات كان سيساهم، لا محالة، في إحداث إقلاع اقتصادي في المغرب؛ بيد أن ظهور المتحور الجديد بعثر أوراق الدول منها المغرب، ما دفع بلادنا إلى اتخاذ إجراءات استباقية؛ منها تعليق الرحلات الجوية بغية الحفاظ على المكتسبات التي حققتها بلادنا". المحلل الاقتصادي تابع بالقول إن "تعليق الرحلات وإغلاق المجال الجوي سيؤثر على الاقتصاد الوطني، خصوصا قطاع السياحة والصناعة التقليدية"، مردفا أن "الحكومة اليوم مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بمواصلة دعم القطاعات التي يُتوقع أن تتأثر جراء قرار تعليق الرحلات". وشدّد جدري على أن "المغرب سيكون أمامه سيناريوهان اثنان لا ثالث لهما؛ الأول ألا يشكل هذا المتحور خطورة على العالم، وبالتالي سيتيح لنا هذا المعطى إعادة فتح الأجواء بعد مرور أسبوعين أو ثلاثة، ويمكن للقطاع السياحي في هذه الحالة أن يستعيد عافيته تدريجيا". السيناريو الثاني والأسوأ يكمن، وفق المحلل الاقتصادي نفسه، في "التأكد من خطورة 'أوميكرون'؛ وهذا الوضع سيُرغم بلادنا على مواصلة إغلاق المجال الجوي لوقت أطول، وهنا تكون الحكومة مطالبة بدعم الاستهلاك المحلي، علاوة على تشجيع السياحة الداخلية، فضلا عن تخفيض الإجراءات الضريبية، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلا فإن حالة القطاعات المتضررة لزُهاء سنتين، بفعل انتشار الجائحة وما خلفته من تداعيات اقتصادية، ستكون مزرية". تجدر الإشارة إلى أن اللجنة بين وزارية لتتبع كوفيد أعلنت، أول أمس الأحد، تعليقَ جميع الرحلات المباشرة للمسافرين في اتجاه المملكة، لمدة أسبوعين، ابتداء من أمس الاثنين 29 نونبر 2021 على الساعة الحادية عشرة ليلا و59 دقيقة. وأوضحت اللجنة، في بلاغ لها توصل موقع "أخبارنا" بنسخة منها، أنه "بسبب التفشي السريع للمتحور الجديد لفيروس كوفيد-19 +أوميكرون (B.1.1.529)+، خاصة في أوروبا وإفريقيا، ومن أجل الحفاظ على المكاسب التي راكمها المغرب في مجال محاربة الجائحة وحماية صحة المواطنين؛ تقرر تعليق جميع الرحلات المباشرة للمسافرين في اتجاه المملكة المغربية، لمدة أسبوعين".
وأضاف المصدر ذاته أنه سيتم تقييم الوضع بشكل منتظم من أجل تعديل الإجراءات الضرورية عند الحاجة.