على غير عادته، وفي تصريح مثير خص به صحيفة "القدس العربي"، تحدث "رمطان العمامرة"، وزير الخارجية الجزائري عن العلاقات المغربية-الإسرائيلية، حيث قال: "إن إسرائيل استقرت على حدود الجزائر، بتحالفها مع المغرب"، حيث وصف هذا الأخير (المغرب) ب"الجار والأخ والصديق"، وهو التصريح الفجائي الذي طرحت معه أكثر من علامة استفهام، خاصة بعد أن سبقته تصريحات أخرى تضمنت سلسلة من الاتهامات المجانية المباشرة للمغرب، أدلى بها مسؤولون كبار بالجزائر، أبرزهم الرئيس "تبون" ورئيس أركان الحرب "شنقريحة" اللذين وصفا المغرب ب"العدو التقليدي". تصريح "لعمامرة" الذي وإن لم يخرج عن السياق المذكور، فقد تضمن عبارات منمقة ومختارة بعناية فائقة، الهدف منها بطبيعة الحال، توجيه رسائل معينة إلى من يهمه الأمر، بدليل قوله أن: "الجزائر تشعر الآن أنها دولة مواجهة مع الكيان الصهيوني الذي كنا نرسل قواتنا لقتاله مع الأشقاء العرب، بعد أن أصبح على حدودنا ويوقع اتفاقات عسكرية وأمنية واستخباراتية مع الجار والأخ والصديق"، الأمر الذي اعتبر بحسب عدد من المهتمين بالشأن السياسي "مناورة" إعلامية ليس إلا، سيما أن "لعمامرة" نفسه، سبق وأن هاجم المغرب في تصريح سابق، تزامنا مع قطع الجزائر لعلاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، حيث قال: "لقد ثبت تاريخيا، وبكل موضوعية، أن المملكة المغربية لم تتوقف يوما عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ودنيئة ضد بلدنا وذلك منذ استقلال الجزائر"، فضلا عن اتهام المغرب بضلوعه والوقوف وراء سلسلة من المشاكل الداخلية التي تتخبط فيها الجارة الشرقية، من قبيل حرائق غابات القبايل ونقص المياه، مرورا الإرهاب والحالة الكارثية لملاعب كرة القدم. وفي مقابل ذلك، لم يفوت وزير الخارجية الجزائري الفرصة، من أجل تمرير سلسلة من المغالطات التي تروم إظهار الجزائر في "توب البطل الضحية"، حينما أكد أنها دولة مناصرة للقضية الفلسطينية وأنها ضد إسرائيل، وأنها باتت مستهدفة بسبب مواقفها، حيث قال: "الجزائر تشعر الآن أنها في مواجهة مع الكيان الصهيوني بعد أن أصبح على حدودها ويوقع اتفاقات عسكرية وأمنية واستخباراتية مع الجار والأخ والصديق"، قبل أن يتابع قائلا: "الجزائر تسعى نحو لم شمل العرب في مؤتمر القمة القادم من أجل الوصول إلى موقف مشترك من دعم حقوق الشعب الفلسطيني وإعادة التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002، دون أن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول". ورأى عدد من المتتبعين أن محاولة "لعمامرة" الظهور بقناع "الحمل الوديع" و"الضحية المستهدف"، عبر تغيير لهجته العدائية تجاه المغرب، مرده بالأساس إلى إحساس النظام الجزائري بالعزلة واقتراب نهايته، في ظل الإجماع العربي على مغربية الصحراء ودعم كل الخطوات التي يقوم بها المغرب في سبيل حماية وحدة أراضيه وسيادته عليها، وهو الموقف الذي جسده فتح مجموعة من الدول العربية لقنصلياتها بالعيون والداخلة، فضلا عن أخبار أخرى تتحدث عن إمكانية تأجيل القمة العربية المزمع عقدها بالجزائر في مارس المقبل، أو نقلها إلى السعودية.