لا شك أن حالة الاحتقان الشديد التي تطبع العلاقات المغربية الجزائرية خلال الفترة الأخيرة، كان لها ما بعدها، خاصة في ظل الحملة الإعلامية المسعورة التي يقودها النظام الحاكم في الجارة الشرقية، مستعينا بأبواقه المأجورة، التي تمرست على نشر الكذب والبهتان والتضليل، الأمر الذي كان من الطبيعي جدا، أن تقابله ردود أفعال غاضبة بالمغرب، جلها يدخل ضمن حملات "التكذيب" و "كشف الحقيقة"، وهو ما يؤكد أن حكام الجزائر يسعون بشتى الطرق إلى جر الشعبين الشقيقين نحو مستنقع من الحقد والكراهية، عبر افتعال أزمات متتالية الغرض منها بالدرجة الأولى صرف انتباه الجزائريين عن مشاكلهم الأساسية والجوهرية التي لأجلها انبعث الحراك في الجارة الشرقية. لأجل ما جرى ذكره، صار لابد من الانتباه إلى هذه الجزئية الدقيقة، والتي للأسف الشديد انساقت وراءها العديد من المنابر الاعلامية الزميلة، وانخرطت ب"حسن نية" في هذه المعركة النفسية الافتراضية، مقدمة بذلك هدية ثمينة على طبق من ذهب ل"النظام الجزائري" الذي يأمل في استثمار مخلفات هذا الصراع الثنائي، من أجل تأليب الجزائريين على إخوانهم في المغرب، وهو ما ينبغي الحرص على تجنبه، لأننا بذلك نخدم مصالح العسكر الجزائري من حيث لا ندري، ونساعدهم في تحقيق أهدافهم ومخططاتهم العدائية التي صرفوا من أجلها ملايير الدولارات طوال ال 40 سنة الماضية.
وعليه، فالظرفية التي يمر منها المغرب، تزامنا مع هذه النهضة الاقتصادية الضخمة التي يقودها جلالة الملك، والتي بلا شك أزعجت قوى إقليمية ودولية، في مقدمتها الجزائر، ينبغي أن تتسم بكثير من "الحكمة" و"التروي" في مواجهة العدوان الخارجي المترصد بنا، وأعتقد أن خير رد على عداء الجزائر هو "التجاهل" والمضي قدما نحو تحقيق أهدافنا الأساسية، وأن نعرض عن الرد على كل ما يقال ويحاك في السر والعلن، تفعيلا للمثل المغربي الدارج الذي يقول: "هما يدير فينا الشر واحنا ندير فيهم الخير فالأخير يغلب خيرنا على شرهم"، ولعل هذا الإجراء كفيل بأن يصحح الكثير من المغالطات التي يحاول "كابرانات" الجزائر غرسها وتكريسها في عقول شعبهم، وإذا نجحنا في تطبيق هذا السلوك الحضاري، فأكيد أن الشعب الجزائري الشقيق، سيكون أول من سيتصدى لحكامه.