يكتسي قطاع الصناعة التقليدية أهمية كبيرة بالنظر لما يختزنه من مقومات حضارية وثقافية مرتبطة بعادات وتقاليد المملكة العريقة٬ فضلا عن مكانته الاقتصادية والاجتماعية وإسهامه في تحقيق التنمية وتوفير فرص شغل٬ غير أنه في مقابل ذلك لا يزال الوضع الاجتماعي للصناع التقليديين يتطلب مزيدا من الجهود من أجل تحسينه موازاة ما يقدمه هؤلاء من مساهمة في تطوير الاقتصاد المحلي الوطني. ويعتبر هذا القطاع بمدينة مراكش من أهم القطاعات التي تساهم في تطوير الاقتصاد المحلي ٬ بحيث يشكل٬ حسب المديرية الجهوية للصناعة التقليدية بمراكش٬ حوالي 11 في المائة من رقم المعاملات المسجل على الصعيد الوطني ويحتل المرتبة الثالثة بعد الدارالبيضاء وفاس كما يشغل القطاع بالمدينة الحمراء ما يناهز عن 9 في المائة من اليد العاملة على الصعيد الوطني (المرتبة الثانية بعد الدارالبيضاء)٬ وتعتبر قطاعات النسيج (29.4 في المائة) والمعمار التقليدي (25.2 في المائة) والخشب (13.6 في المائة) من أهم الفروع المشغلة. ويحتل هذا القطاع المرتبة الأولى من ناحية الصادرات الوطنية من منتجات الصناعة التقليدية بما يناهز 50 في المائة٬ وقد ارتفعت قيمة هذه الصادرات بحوالي 3 في المائة خلال الإحدى عشر شهرا من سنة 2012 مقارنة مع نفس الفترة من السنة التي سبقتها. وتأتي الولاياتالمتحدةالأمريكية في صدارة قائمة الدول المستوردة لمنتوجات الصناعة التقليدية بالمدينة الحمراء بنسبة 23.29 في المائة تليها فرنسا ب17.07 في المائة ثم ألمانيا ب11.88 في المائة٬ أما في ما يتعلق بالمنتوجات المصدرة فتحتل منتوجات الحديد المطروق المرتبة الأولى بنسبة 19.24 في المائة متبوعة بالمنتوجات الفخارية ب18.89 في المائة والمصنوعات الجلدية ب15.21 في المائة. وأوضح السيد عبد العزيز الرغيوي٬ المندوب الجهوي للصناعة التقليدية بمراكش٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ أن قطاع الصناعة التقليدية يساهم بشكل فعال في الناتج الداخلي بجهة مراكش تانسيفت الحوز٬ وهو ما يعكسه مؤشرا الصادرات المتنامية وخاصة في اتجاه الأسواق الواعدة كبريطانيا وألمانيا وكندا٬ وسوق الشغل والعدد المتزايد للورشات والمقاولات المحدثة بالمدينة. وأضاف أن القطاع بمراكش يضم حوالي 28 ألف صانع تقليدي في إطار الإنتاج الخدماتي وحوالي 59 ألف فيما يتعلق بالحرف ذات الحمولة الثقافية والإنتاجية٬ تشكل فيها النساء نسبة تقدر بحوالي 35 في المائة٬ مبرزا أن 80 في المائة من الصناع تقل أعمارهم عن 40 سنة. وأشار في هذا السياق إلى الدور الهام الذي تضطلع به مراكز التكوين المهني بشقيه النظامي والتدرج المهني في الرفع من مستوى أداء هذا القطاع من خلال تكوين عدد كبير من الشباب في هذا المجال مما يسمح بضخ يد عاملة متمرسة ومكونة تكوينا جيدا وخلق قيمة مضافة بالنسبة للقطاع بالمدينة. وفي معرض حديثه عن الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع بالمدينة الحمراء٬ أشار السيد الرغيوي إلى المخطط الجهوي للنهوض بالقطاع (2010-2015 )٬ مبرزا أن كل المشاريع المبرمجة سنويا في إطار هذا المخطط والتي تهم الأقاليم الست بالجهة يتم انجازها في الأجل المحدد لها. ومن بين الجهود الرامية٬ أيضا٬ إلى إعطاء هذا القطاع المكانة اللائقة به٬ مشروع إحداث المدارات السياحية والذي يهم خمس ممرات بالمدينة العتيقة تمتد على طول 25 كيلومترا يحمل كل ممر منها لونا معينا في التشوير ويرمز إلى قطاع معين. وأوضح المندوب الجهوي أن عملية التشوير التي انطلقت في نهاية الشهر المنصرم وتمتد إلى غاية مارس المقبل٬ ستتضمن التعريف بالمعالم التاريخية المتواجدة بالمدينة وخاصة بالنسبة للأبواب٬ مشيرا ٬ في هذا السياق٬ إلى أنه سيتم وضع أزيد من 500 علامة تشوير ومن 50 لوحة تعريفية٬ مما من شأنه المساهمة في التعريف أكثر بقطاع الصناعة التقليدية وخاصة لدى السائح الأجنبي. كما أكد السيد الرغيوي على أن الصانع التقليدي يعتبر في صلب اهتمام الوزارة كصانع فردي من خلال مساعدته ومصاحبته لكي يرقى إلى الانتظام في إطار مقاولة صغرى مهيكلة حتى يمكن التدخل بشأنها بشكل مرن سواء على مستوى وسائل الإنتاج أو القروض البنكية أو تحسين مناخ اشتغاله بشكل عام. ولتحقيق هذا المبتغى٬ يضيف السيد الرغيوي٬ تم اعتماد مجموعة من البرامج سواء على مستوى التكوين من خلال إخضاع الصانع التقليدي للتكوين المستمر في كل أصناف الحرف التقليدية وفي كل ما يتعلق بطريقة تسويق البضائع والإبداع وإعادة صياغة التصاميم التي يشتغل عليها أو الصحة والسلامة بالنسبة إليه. وبخصوص بعض الحرف المهددة بالانقراض٬ أبرز أن هذه الحرف والتي من قبيل التسفير وصناعة السروج والمشاطين واللبادة٬ تعرف تطورا بالرغم من قلة استعمالها من قبل المستهلك وذلك بعدما تأقلمت مع الوضع الجديد وأضحت تستخدم في صناعات أخرى. وللحفاظ على هذه المهن وحمايتها من الاندثار تم إحداث مركز للتكوين والتأهيل في مهن الصناعة التقليدية والذي دشنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ مؤخرا بالمدينة الحمراء٬ والذي يولي أهمية كبرى لهذه الحرف٬ كما أن الوزارة تضع مخططا سنويا تدرج فيه على الأقل ما بين 3 و6 من هذه الحرف من أجل تطويرها على الصعيد الوطني. ومقابل ما يكتسيه قطاع الصناعة التقليدية بمراكش من أهمية بالنظر لما يحققه من عائدات يكون لها الأثر الإيجابي في الرفع من أداء الاقتصاد المحلي إلى جانب قطاع السياحة ٬ يبقى الوضع الاجتماعي للصانع التقليدي صعبا للغاية وخاصة فيما يتعلق بالتغطية الاجتماعية. وفي هذا السياق٬ أكد المندوب الجهوي أن الوضع الاجتماعي للصناع التقليديين لازال يحتاج إلى مجهودات كبيرة جدا على مستوى التغطية الاجتماعية٬ مبرزا في هذا الصدد أن هناك لجنة حكومية تترأسها وزارة الصحة٬ وتعتبر وزارة الصناعة التقليدية عضوا فيها٬ تنكب على إعداد منتوج يكون في متناول الصناع٬ سيتيح لهم الولوج إلى المصحات العمومية والخاصة واسترداد جزء من مصاريف العلاج من قبل الصانع أو ذويه.