نشبت في الأيام القليلة الماضية حرائق أتت على الأخضر واليابس، وحولت واحات الجنوب الشرقي، لاسيما واحة أوفوس بإقليم الرشيدية، التي تعد مصدر عيش ساكنة المنطقة، إلى ركام من الرماد، مخلفة خسائر مادية قضّت مضجع المتضررين. هذا الحادث استنفر جمعيات ونشطاء مهتمين بالبيئة، مطالبين بتعويض المتضررين من الحرائق التي شهدتها مناطق متفرقة بجهة درعة تافيلالت، استدعت تدخل طائرتين من طراز "كنادير" من أجل إخماد ألسنة النيران الملتهبة. وفي هذا السياق، طالبت شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي، السلطات ب"التدخل العاجل للتخفيف عن المتضررين، من خلال تعويض الفلاحين مواساة لهم بما تكبدوه من خسائر فادحة بفعل هذه الكارثة الوطنية". واعتبرت الشبكة نفسها، وَفق بيان لها توصل موقع "أخبارنا" بنسخة منه، أن "هذه الحرائق نتيجة للتأثيرات المباشرة للتغيرات المناخية وإهمال المجال الواحي"، داعية السلطات إلى "إنجاز برامج مندمجة في الواحة، وتنقية شاملة للأعشاش، وترسيخ مقاربة تنموية محورها الإنسان". البيان ذاته أوضح أن شبكة الجمعيات المذكورة أعلنت "القيام بحملات تحسيسية وسط الساكنة للتوعية بمخاطر التغيرات المناخية"، علاوة على "تجهيز المنطقة بوحدات وتجهيزات حديثة لإخماد الحرائق". وختمت الشبكة نفسها بيانها ب"دعوة المجتمع المدني وجميع المؤسسات والهيئات والفعاليات المهتمة بالبيئة، إلى التكتل وتنسيق الجهود لحماية الواحات، باعتبارها نظاما إيكولوجيا ذا أهمية بيئية عالمية". تجدر الإشارة إلى أن الحبيب شوباني، رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت، سبق له أن علق على موضوع الحرائق التي اندلعت بواحات الجنوب الشرقي قائلا: "على طول حوالي عشر كيلومترات تقريبا، واحة أوفوس بإقليم الرشيدية صارت أثرا بعد عين. منظومة حياة كاملة، ونظام عيش وثقافة ممتدة في عمق التاريخ لآلاف السنين تحولها الحرائق إلى واحة أشباح". وزاد شوباني، في تدوينة له على صفحته الفيسبوكية بعنوان: "مأساة بيئية جديدة تحل بواحات جهة درعة تافيلالت"، "مشهد حزين ومؤلم. نظارة النخيل وجماله الساحر في موسم العطاء وهو يزهو بثمره المتدلي في العراجين تحول إلى سواد يملأ الأفق كآبة وغما. لقد تفحم كدح السنين وتراث الأجداد بمزارع البسطاء من الفلاحين في لمح البصر". رئيس "أفقر جهة في المغرب" تابع بالقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله". متسائلا: "كيف السبيل لتثبيت الساكنة في أرضها وضمان استمرار مقومات عيشها وقد صارت معالم النكبة شاخصة؟ كيف السبيل إلى حماية باقي المنظومة الواحية بالجهة من نفس المصير التراجيدي الذي يتربص بها؟".
وخلُص شوباني بالقول: "أسئلة تتحمل جميع مؤسسات الدولة والمجتمع ذات الصلة مسؤولية التعاون على تحقيق أسرع جواب فعال لجبر الضرر من جهة، ولبناء مستقبل آمن لمنظومة العيش في الواحات من جهة أخرى. والله المستعان".