أكثر من مليون ونصف شخص أغلبهم من النساء هم عدد ضحايا القروض الصغرى بالمغرب وفق ما صرحت به ل"أخبارنا " أمينة مراد، مؤسسة حركة ضحايا القروض الصغرى. وإذا ما أضيف إلى هذا الرقم قروض الأبناك ، فإن الرقم سيبدو مهولا.. نساء وفتيات في طور التمدرس تمكن من الحصول على قروض تقدر بالملايين في ظرف دقائق معدودة، وأخريات تمكن من الحصول على قروض دون أن يكلفن أنفسهن حتى عناء زيارة وكالة بنكية متخصصة في القروض الصغرى، نساء يكابدن مرارة الحياة بأداء أقساط ديون بفوائد خيالية من مؤسسات و"جمعيات" مقرضة ظاهرها مكافحة الفقر ومحاربة الهشاشة ودعم مشاريع المقاولات الصغرى وباطنها تعميق معاناة الفقراء، مستفيدة من الدعم العمومي والإعفاء من الضرائب ومن وجود ميزانيات وبرامج كبيرة في مجال مكافحة الفقر (صندوق الحسن الثاني للتنمية، مؤسسة محمد الخامس..) ناهيك عن الأموال الطائلة التي تحصل عليها من الإتحاد الأوروبي وبرنامج الأممالمتحدة للتنمية والبنك الألماني ونادي باريس وصندوق النقد الدولي.. لتتحول الأموال الضخمة إلى قروض وبنسب عالية يمكن للتلميذة والمتسولة التي تصارع من أجل لقمة العيش والمنظفة والطباخة والتاجرة والموظفة الرفيعة في الوكالة البنكية الحصول عليها بنسب فوائد مرتفعة جدا، وهو ما يحول هذه الجمعيات إلى صناديق سوداء تعمق معاناة ومآسي الفقراء بدل أن تساعد في محاربة الفقر والهشاشة. إنها سخرية الأقدار التي قادت نسوة وفتيات في مقتبل العمر إلى مؤسسات للقروض الصغرى هروبا من الفقر ليسقطن ضحية استغلال بشع وأزمة جاثمة ومآس كثيرة، لعل أبشعها سقوط بعضهن في براثين ممارسة الدعارة لسداد أقساط ديون بسيطة. فلو استثنينا عرضا الجانب الديني الذي يحرم القروض الربوية، ويعلن فيها الباري عز وجل الحرب على المتعاملين بها، واكتفينا بالجانب الأخلاقي المجرد، اكتشفنا أن نسب الفائدة المتداول في هذه القروض يتراوح بين 20 و30 في المائة أي ثلاثة إلى أربعة أضعاف النسب المتداولة عادة في القروض البنكية، هذا في الوقت الذي كان المسئولون يؤكدون النسبة العالية جدا لتحصيل هذه القروض و بالتالي الكلفة المتواضعة للتحصيل. وهذا يطرح السؤال عن الأجور الحقيقية التي يتقاضاها الأطر العليا لهذه المؤسسات، من جهة، وعن السبب في تحويل المقرضين الصغار، وهم عادة فقراء إلى ممولين لصندوق القروض نفسها، وبالتالي تلبية الارتفاع السريع للطلبات على القروض. وحسب أمينة مراد فإن نسبة الفائدة لدى الجمعيات لاتتجاوز 2,8 في المائة، فإن الزبناء يفاجأون بتضمن العقد بعد تسلم القرض لنسبة تتراوح مابين 40 إلى 100 في المائة، ولدينا حالات لضحايا يؤدون قروضا بفوائد تبلغ 100 في المائة، بل وأحيانا 300 في المائة، بالإضافة إلى كون الوصل الذي يسلم للزبناء لحظة سداد القسط من الديون لا يتضمن أي توقيع رسمي أو مسؤولية قانونية، وهو ما يعني ضياع حقوق الزبناء.