إلى أخي العزيز عبد العظيم هريرة : أيها الحالم بمغرب يستوعب كلّ أولاده ،، يا من أفنى زهرة عمره في خدمة المهمّشين ، من سقطوا عن صهوة الوطن !!! فلو كان بيتك الصغير يسعهم لما تركت واحدا منهم نهبا للشّقاء!!! على هامش دردشتنا الأخيرة التي أنهيتَها بعبارة " الحمد لله مغربية" عبارة ألهمتني عتابا آخرا للوطن،، الذي نأى عني!! فاخترت المنافي ، لأجد نفسي "عالقة في حبه حدّ الجنون" أهي لعنة تطاردني وتسري في روحي الهائمة عبر دروب الدنيا ؟؟!!، يناديني هدير الأطلسي بصوت أمواجه العاتية ،،فتسافر عبر اوردتي المصلوبة!! تستفيق جراحي المعتّقة ،، وأصرخ بأعلى صمتي ما الذي دهاك أيها الوطن؟؟،، ألا يكفيك وأد عرسي!! ومسح الحنّاء عن كفي !!؟؟ ونزع اللون عن ثوبي ؟؟؟ ماذا أفعل اليوم بعد أن شارف العمر على الانحدار!!؟؟ من يّعوّض مرأة عن بستان عمرها !! ؟؟ وليل شعرها؟؟ فكل محاكم الدّنيا تُغلق أبوابها عندما يتعلّق الأمر "بمظلومية امرأة" !!في منفاي أردت ان اطرد شبح الوطن أو أن أتركه مُعلّقا على مشجب الباب،، كمعطف لا أتذكره إلا عند ابتغاء الدفء مع قدوم الشتاء، تمنّيت أن أعيش في إجازة مفتوحة "كعذاباتنا"، فأنسى ملامح الأهل ، ولون التّراب ، ونكهات الألم ، فاحتجزت جواز سفري وكل مايذكرني بمغربيتي لسنوات في درج منسي لا أفتحه أبدا ، خوفا من خروج "المارد" وتسونامي الحنين والذكريات ، أردت أن أتماهى مع مفردات الارض الجديدة التي احتضنتني ولملمت ما تبقّى من جسد امرأة خرجت للتو من كرنفالات الوطن،، فهل هي لعنة أن تكون مغربيا" ،، حقيقة تغتالني توقظني من وهم الإجازة ،، ينتفض جسدي من شدة الألم، وأتوقف عن الإحساس بكل ما يحيط بي ، ينجلي الضباب، ولا أرى أمامي إلا تلك البقعة الرابضة هناك "وطني" بأبي انت واُمي ... فأنتحب كمن فقدت رضيعها بعد مخاض عسير،، لتبدأ طقوس الصفح والعفو، والعتاب ،" فمن ذا يصدّق غضب امرأة أو حقدها،، !!؟؟،، ثمّ أتسمّر أمام شاشة عرض بحجم حنيني،، تأخذني عبر عوالم تعرفني ،وفي لمحة!! تحوّلت لطفلة صغيرة خدّرها الفرح، فعجزت عن ملامسة أقرب هدية لها؟؟!! فتأكدت أن الهروب من الوطن التصاقا به أكثر ،فالهروب الأول عندما تحزم "رزمة الشقاء" وتضعها أعلى كتفك مغادرا ثرى الوطن ، والهروب الثاني عندما يجتاحك الحنين بحلوه ومرّه ، وتتدافع تضاريس الوطن بحثا عن نظيرا لها اختبأ تحت جلدك ، حتى الأماكن التي شهدت "صلبك" تتمنّاها محرابا لصلواتك ،، وأن تمرّغ جبهتك عندها تبرّكا بقدسيتها،، وكيف لا وقد تركتَ فيها بعضك!!، ، وتحمد الله على مغربيتك" التي لن تنطفئ جدوتها لانها شعلة نور وإيمان،،، ولان الوطن يستحق مني كل هذا الالم ، أشرّع مسامات الجسد لاستقبال مزيدا من الالم،، ليس حبّا في جلد الذات!! وإنما ايمانا بقدرة الوطن على مسح الجراح ، وتحويلها إلى أمل في وطن يسع الجميع ،، ، فكيف أشكو من أرض صنعها الألم ؟؟!!، وغدى خبزها وترياقها،،، ويح قلبي ما أظلمك ...........