بعدما ارتفعت وتيرته في السنوات الأخيرة، أطلقت نساء اتحاد العمل النسائي، أول أمس، من فندق «ايدو آنفا» بالدار البيضاء صرخة من أجل الوقوف ضد زواج القاصرات، وذلك خلال عشاء مناقشة، اختار له الاتحاد شعار «زواج القاصرات وتزويجهن بالمغتصب». قبل الشروع في مناقشة الموضوع، اختارت رفيقات زهرة وردي رئيسة اتحاد العمل النسائي، التقديم له بعرض شريط قصير حول تزويج القاصرات بالمغتصب، والذي أعاد قضية أمينة الفيلالي، الفتاة التي فضلت وضع حد لحياتها بعد تزويجها بمغتصبها إلى واجهة النقاش، بالإضافة إلى حالات أخرى عرفها المغرب خلال الآونة الأخيرة. لكن، ما إن انتهى الشريط، حتى أخذت عضو المكتب التنفيذي والرئيسة السابقة لاتحاد العمل النسائي عائشة لخماس، معلنة افتتاح النقاش. لخماس، المحامية والفاعلة الجمعوية، وبعد أن خاضت في أسباب ومسببات زواج القاصرات، من اقتصادية وثقافية واجتماعية، لم يكن همها مناقشة المشكل وكفى، بقدر ما تأمل في التوصل من خلال النقاش إلى مقترحات عملية لايقاف النزيف، قائلة « نريد التوصل إلى إجراءات عملية للتحرك ضد خطر زواج القاصرات الزاحف بناتنا». وبعد مقاربة القيادية الحقوقية للظاهرة من جوانبها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، انتقلت في ما بعد إلى لغة الأرقام لتبيان التوسع المستمر لدائرة زواج القاصرات، ضدا على القوانين، قائلة إن العدد وصل إلى 47089 في سنة 2009، و هو في تزايد مستمر، إذ وصل إلى حوالي 12 في المائة من مجموع الزيجات التي تمت سنة 2011. لغة الأرقام لم تقف عند هذا الحد، فلخماس، النائبة البرلمانية، والتي تخوض معركة صحبة فريقها الاشتراكي بمجلس النواب من أجل تعديل المادتين 20و 21 من مدونة الأسرة اللتين تبيحا زواج القاصر والمادة 475 من القانون الجنائي، والتي تعطي للمغتصب إمكانية الزواج من الفتاة المغتصبة، قالت إن عدد زواج القاصرات في السنة الماضية «وصل إلى 49000 حالة». وإذا كانت مداخلة عائشة لخماس موثقة بالأرقام، فإن رفيقتها على رأس اتحاد العمل النسائي، تكلمت بدورها نفس اللغة، فبعدما توقفت عند التشريعات التي تمنع زواج القاصرات، أكدت أن هناك «خرقا سافرا لها»، والمبرر، الذي ساقته وردي ، هو أن «زواج الفاتحة لا يزال منتشرا في العديد من المناطق»، وهو مااعتبرته «عائقا حقيقا أمام الحد من ظاهرة زواج القاصرات». أستاذة التعليم الثانوي المتقاعدة والفاعلة الجمعوية في مجال حقوق المرأة، لم تخرج من جعتبها مبررا واحدا، فقد أضافت إلى مبررها السابق، مبررا آخر، والمتمثل في الفصلين 20 و 21 من مدونة الأسرة، اللذين يسمحان بزواج القاصر، بدون أن تخفي خيبة أملها من الالتفاف، الذي يتعرض له النصان القانونيان، قائلة « الاستثناء الذي فتحته مدونة الأسرة في هاتين المادتين أصبح قاعدة»، لتنتقل مباشرة إلى لغة الأرقام لتبرير كلامها، مؤكدة أنه في سنة 2010 فاق عدد الطلبات 44 ألفا، 99 في المائة منها متعلقة بتزويج بنات قاصرات، لتختم بلغة كلها حسرة وأسف «حكمت المحاكم بقبول 92 في المائة من بينهن فتيات لم يتجاوز سنهن 14سنة». وإذا أجمعت كل المتدخلات على أن هناك بونا شاسعا مابين القوانين وبين ما يجري في الواقع، فإن قياديات اتحاد العمل النسائي لم يخفين في النهاية على أن هناك تراجعا كبيرا على مستوى حقوق المرأة خلال ولاية الحكومة الحالية، ومبررهن في ذلك أن «الحكومة وضعت قضايا النساء في آخر أولويات المخطط التشريعي»، في الوقت الذي أكدت فيه لخماس، أن «لا وزير العدل والحريات ولا وزيرة الأسرة والتضامن يريدان فتح نفاش معنا حول قانون محاربة العنف ضد النساء».