للمرء أن يتصور حجم الدهشة التي أصابت علماء الآثار وهم يكشفون النقاب في صحراء المكسيك عن مقبرة احتوت على جمجمة «مخلوق فضائي». ولكن سرعان ما اتضح لهم أنهم في حضرة صدفة مثيرة جمعت الواقع والخيال العلمي الهوليوودي. وصفت الصحف الغربية الصورة التي نشرتها مع هذا الخبر بأنها «تفوق كلّ تصور» ويمكن نسبتها الى سلسلة أفلام Alien «المخلوق الفضائي» الشهيرة للمخرج ريدلي سكوت.
لكن الواقع أن الصورة - وهي لجمجمة مع هيكلها العظمي - رفات اكتشفها علماء الآثار بالقرب من قرية تسمى اونافاس في المكسيك. وقبل أن يسارع المرء لاستقاء أنها لمخلوق فضائي فعلا، فقد قال هؤلاء العلماء إنها لبشر عاش قبل نحو ألف سنة وكان يعاني تشوهًا في عظام الرأس. وأرجع العلماء والمؤرخون السبب في هذا التغيّر، الذي أعطى لهذه الجمجمة شكل المخلوق الفضائي الهوليوودي، الى عادة تطويع العظام منذ ليونتها في الصغر حتى تتخذ شكلا معينا في الكبر، وفقا لما كان سائدا في ذلك العصر لمختلف الأسباب.
ونقلت الصحف عن عالمة الآثار كريستينا غارثيا مورينو، التي قادت فريق العلماء، إن تطويع العظام في ثقافات أميركا الوسطى القديمة كيما تتخذ أشكالا معيّنة كان عادة تهدف للتمييز بين مختلف الجماعات والقبائل والعشائر وأيضا في حالات تستدعيها طقوس معيّنة. والجمجمة المشار اليها هنا ليست الوحيدة. فهي واحدة وسط رفات 25 شخصا استخرجها العلماء، منها 13 خضعت جماجمها للشيء نفسه بينما أصاب التغيّر البقية ولكن في الأسنان. وقالت مورينو: «هذا الكشف الفريد يوضح شكلين من أشكال تدخل الإنسان في بنية الجسد البشري شمال المكسيك خلال الفترات التي سادت فيها تلك الثقافات».
وأضافت قولها إن أهمية الكشف تنبع أيضا من وجود «اكسسوارات الزينة» المصنوعة بأشكال معينة من الصدف ومختلف القواقع البحرية وكان يعتقد سابقا أنها حكر على سكان خليج كاليفورنيا (في مراحل زمنية لاحقة). وقالت مورينو إن هذا يوضح إن أثر ثقافات اميركا الوسطى (باعتبارها الأقدم) امتد الى الشمال مسافات أبعد كثيرا من ذلك المدوّن في كتب التاريخ.