مازالت بقايا عظام بشرية تقبع في مستودع الأموات بالمركز الاستشفائي الإقليمي بالجديدة، في انتظار دفنها في مثواها الأخيرالعقار الذي وجدت به الرفات البشرية (خاص) إذ بات ذلك مقيدا بتوصل المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بأمن الجديدة، بنتائج التحليلات الكيماوية من المختبر العلمي بالدارالبيضاء، الذي كان تلقى من الفرقة الجنائية الأولى، عينة من الرفات، شهر مارس الماضي، وستعمد المصلحة الأمنية، في أعقاب ذلك، إلى رفع تقرير نهائي في الموضوع، إلى الوكيل العام لدى استئنافية الجديدة، الذي سيحسم في النازلة. وكان خبراء البناء بالجديدة اكتشفوا، في حدود الساعة السادسة، من مساء السبت 20 مارس الماضي، بقايا رفات بشرية، يحتمل أنها لشخص أو أشخاص، مجهولي الهوية والجنس، في أعقاب أشغال حفر، همت أرضا خلاء، مساحتها قرابة 500 متر مربع، كائنة في فضاء نادي جمعية الأعمال الاجتماعية لمستخدمي المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة. وكان عمال البناء انتهوا لتوهم من حفر الأساس الخاص بسكنيات اصطيافية، بعمق متر و10 سنتمترات. وللتأكد من صلابة البقعة المهيأة للبناء، باشر خبراء مختبر البناء خبرة جيوتقنية، إلا أنهم تفاجئوا بكون الأرضية هشة، لوجود فرشة ماء. ما جعلهم يواصلون الحفر، في مكان اختير بشكل عشوائي، بعمق 90 سنتمترا، وعرض 50 سنتمترا، وطول 90 سنتمترا، ليعثروا، من باب الصدفة، على رفات بشرية، عبارة عن 13 ضلعا كبيرا، و10 أضلع صغيرة مكسرة، و16 أصبع، و6 فقرات من عمود فقري، وجمجمة مهشمة، وكانت "معلمة" بحجرة. واستنفرت العظام الآدمية السلطات المحلية والأمنية والأجهزة الموازية، كما باشرت مصلحة الشرطة التقنية والعلمية المعاينة والتحريات، التي استمرت إلى التاسعة ليلا. وأحالت الدائرة الأمنية الثانية، التي كانت تؤمن مهام المداومة، العظام البشرية على مستودع الأموات بالمركز الاستشفائي الإقليمي. وجرى إشعار الوكيل العام لدى استئنافية الجديدة، وعامل الجديدة بالنيابة. وعاينت "المغربية" الحفرة، مسرح الاكتشاف الغريب، التي تبعد بحوالي 100 متر عن حفرة عرضها ، وعمقها ثمانون سنتمترا، وكان عمال البناء عثروا داخلها، مساء الثلاثاء 13 ماي 2008، على رفات 8 أشخاص مجهولي الهوية والجنس، عبارة عن جماجم وبقايا عظام أيدي وأرجل، عندما كانوا منهمكين في عملية حفر، همت أرضا خلاء بالجوار، محاذية لمخيم "لافارج"، بغية بناء مشروع سياحي. وكان تعاقب على ملكية هذا العقار، العديد من المالكين، منذ عشرينيات القرن الماضي، قبل أن يؤول إلى الشركة الفرنسية، صاحبة المشروع. وأمرت السلطات الأمنية والمحلية، السبت 20 مارس الماضي، مقاول البناء، بتوقيف الأشغال فورا في الورش، حتى إشعار آخر. وما زالت الرفات البشرية تقبع في مستودع الأموات، بمستشفى محمد الخامس. وكان الرأي العام والمهتمون ينتظرون أن توفد الإدارة العامة للأمن الوطني، خبراء من مصلحة الشرطة التقنية والعلمية، لمعاينة ميدانية للحفرة، وأخذ عينات من البقايا العظمية، إلى المختبر العلمي بالدارالبيضاء، لإجراء تحاليل كيميائية على الحمض النووي، لتحديد هوية أو هويات الأشخاص المدفونين، وكذا، الاستعانة بالكاربون 14، لتحديد تاريخ الدفن. وكان ينتظر أن تستعين إدارة الأمن بالمعهد الوطني للحفريات والآثار، لإيفاد خبير في الأركيولوجيا، إلى الجديدة، لمباشرة عملية مسح في الحفرة، التي استخرجت منها الرفات، والبحث في محيطها، عن رفات أو هياكل عظمية محتملة، والوقوف على جيولوجيا وتضاريس المنطقة، وأخذ عينات من الأتربة والصخور، لإخضاعها للتحاليل المختبرية. وبالنظر إلى الحفرة فعمقها متران، ومحدودية بقايا العظام التي عثر عليها، التي كانت بعضها مهشمة، والطريقة التي دفنت بها، وإحاطتها بحجرة، يستبعد أن يتعلق الأمر بقبر أو مقبرة "منسية"، وضاربة في القدم، أقيمت على عقار، كان دائما، حسب الذاكرة الجماعية، مكسوا بالقصب، الذي ظل ينبت بشكل طبيعي، والذي جرى إزالة بعضه، أواخر القرن العشرين، وإقامة بنايات مكانه، كالمخيم الدولي. ويستحيل، من جهة أخرى، أن تكون الترسبات غمرت، في ظرف زمن محدود، هذا العقار، وبعمق فاق المترين، لكون هذه العملية الجيولوجية، التي تمارسها قوى الطبيعة، تتطلب آلاف السنين. ويبقى الباب مفتوحا على مصراعيه على جميع الاحتمالات، في انتظار قطع الشك باليقين، من خلال نتائج الأبحاث والتحريات، التي تباشرها المصالح العلمية والقضائية لإدارة الأمن الوطني.