ليس في السياسة الخارجية للإدارة الأمريكيةالجديدة على ما يبدو أي تغيير عميق خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية ، فقبل أيام صرح أنطوني بلنيكن وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية أمام لجنة في مجلس الشيوخ في اجتماع الإستماع اليه ، حيث أكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية سوف تبقي على السفارة الأمريكية بالقدس ، وهذا التأكيد لوحده يغينا عن البحث عن أي تغيير في المواقف الأمريكية إزاء قضية فلسطين وأنها لن تأتي بجديد في هذا الملف الذي عمر عهودا واثقلته السنون بالعقبات التي استطاعت إسرائيل الكيان الذي أنشئ بدعم من الغرب الأوروبي وامريكا، وبدعم مباشر او غير مباشر من قبل عملاء هذه الدولة العنصرية في المنطقة وجعلت القضية الفلسطينية التي هي مفتاح كل المشاكل للنزاعات التي في الشرق الأوسط ، هذه القضية التي كانت ومازالت هي السبب لكل ما يجري في البلاد العربية والمنطقة عامة من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية ، والكيات الصهيوني الذي زرع في قلب الشرق الأوسط ليس خطئا تاريخيا بل هو تخطيط يهدف الى تفكيك الشعوب العربية وحتى لا تصبح في يوم من ألأيام كقوة جهوية واقتصادية وسياسية إن هي تحررت من الأنظمة التي تقمع كل تيار يسعى للحرية والإنعتاق ، هذه الأنظمة التي تجد الدعم المادي والإعلامي والتقني من قبل الكيان الصهيوني وأعوانه في الغرب ومن مراكز صهيوينة لها من القوة المالية و الإعلامية الكبيرة الإنتشار بل هي مصدر للأغلب ما ينشر أو يذاع ويبث في الفضائيات وكل وسائل التواصل الاجتماعي وبجملة واحدة فاللوبي الصهيوني هو من يصنع الرأي العام العالمي ويجعل إسرائيل في قلب العالم بأنها واحة لا تجف ،ومنبع للديموقراطية في الشرق الأوسط الذي لا ينضب وتصور العرب خاصة شعوب دول الخليج بأنهم متخلفون ينامون على آبار النفط دون أن يعرفو ا ما يفعلون بها بل ينفقونها على الكماليات وحياة البذخ ... وهذا فيه جزء من الحقيقة ولكن من يدعم هذا الوضع ويسعى الى استمرار؟ طبعا إسرائيل التي تضع كل جهودها لبقاء الوضع العربي كما هو الآن تفرقة دائمة بين كل مكونات الشعوب العربية ونزعات هنا وهناك تهدر كل مدخلراتهم المالية والبشرية والنخبوية والتعليمية وتبقيهم في تبعية تامة . . نعم هذا وضع عربي مفكك في كل أجزائه وحتى الشعب الفلسطيني لم ينفلت من هذه القاعدة فالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ومنظمة حماس في قطاع غزة كل يعزف على وتر مغاير للآخر وبالتالي هذا يفتح الباب واسعا لإسرائيل بأن تنسج وتصور هذا الشعب المحتلة أرضه والمهدورة حقوقه ، بأنه مجرد مجموعة من منظمات إرهابية تريد أن تعيث في" واحة الديموقراطية" فسادا وتشتت كيان" شعب الله المختار" والحال أن الشعب الفلسطيني ذاق ويذوق على مر السنين كل أنواع الكراهية والتمييز والإضطهاد والترحيل والتعذيب والسجن بدون استثناء حتى الأطفال يسجنون في" واحة الديموقراطية " الصهيونية ، هذا لم يجعل من اليهود الذين ذاقوا عذابات النازية والعنصرية لنظام هتلر ، والذي كان من المفروض أن يجعل قلوبهم تمقت الكراهية والتمييز وتملئ بالمحبة والسلام ، لكنهم لم يتعظوا ولم يقرؤوا التاريخ على حقيقته ، بل مارسوا على الشعب الفلسطيني ، اسوء مما كان هتلر يمارسه اليهود. . وهكذا لن تجد إدارة "بايدن" في ركام ممارستها للسياسة الخارجية عبر تاريخها فيما يعود للقضية الفلسطينية سوى مرجعية صنعتها الآلة الإعلامية الصهيونية والرأسمال في وال ستريت لكبار اثرياء آل صهيون ، ونعرف أن اربع سنوات في سدة الحكم بالنسبة لأي رئيس أمريكي هو أن تمر بسلام على أمل أن يحضى بولاية ثانية ، له أو ل"كمالا هاريس"، بالرغم من ان الرئيس الجديد عايش كل تطورات القضية الفلسطينية منذ 50 سنة إلا أنه لن يقوى على مواجهة قوة الضغط التي يتمتع به انصار الكيان الإسرائلي والذين يجدون فيه موردا أساسيا لبقاء منطقة الشرق الأوسط باستثناء ايران والفصائل التابعة لها في المنطقة ،في وضع الخنوع والتبعية لأنظمة كل همها هو البقاء في سدة الحكم وتوريثه مع كل الإمتيازات والحماية التي تتمتع بها في عزلة تامة عن شعوبها المغلوبة على أمرها مع كل ما يترتب عن ذلك من الإبقاء على تلك الدول في قبضة الجشع الرأسمالي العالمي ونهب كل خيرات المنطقة لتطوير صناعاتها على حساب تلك الشعوب التي تقمع كل يوم في حريتها وقوتها اليومي وتقزيم بل وتحطيم كل تطلعاتها للتحرر والإستقلال الفعلي وامتلاك خيراتها والإستفادة منها عوض أن يستفيد منها المحتل الصهيوني وانصار هذا الكيان وبالأساس النظام الأمريكي الرسمي الذي يتقوى بطاقة وثروات وأموال الشرق الأوسط ويتمكن من تكوين اكبر قوة عسكرية قادرة على قمع كل تطلعات الشعوب في العالم للحرية. . في ظل هذا الوضع العام الذي استلم فيه الرئيس بايدن الإدارة الأمريكية لن يكون الرئيس الإستثناء الذي سيقف موقف المنصف في القضية الفلسطينية ، ويسعى الى حل الدولتين كما تنص على ذلك مواثيق اممية عديدة والتي مازالت في رفوف منظمة الأممالمتحدة يكسوها الغبار ولن تكون إلإدارة أمريكية جديدة قادرة على الوقوف بجد لحل مشكل طال أمده من أجل التخلي عن مزايا مادية واستراتيجية مازل يمنحها لها الوضع القائم في الشرق الأوسط بكل خريطته السياسية والإقتصادية وبكل بكل ما يشكله ذلك لها وللكيان الإسلرائلي من مناطق واسعة للمنوارة في ظل واقع سياسي للبلاد العربية تكلست نخبه واستكانت شعوبه بالقدر الكافي الذي استمر عليه الأمر من قمع وتنكيل وتجهيل واعتقالات لكل صوت يطالب بالتحرر والإنعتاق . . هل للشعوب التواقة للتحرر أن تسلم إرادتها الى الإدارة الأمريكية رغم كل التجارب التي مرت منها بحيث عرضت القضية الفلسطينية على الأممالمتحدة منذ 9471 ولقد اتخذت المنظمة عدة قرارات ، غير أن إسرائيل كانت دائما تتنكر للحقوق التاريخية والقانونية للشعب الفلسطيني ،والكل يعلم انه لا يمكن تحقيق الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط بدون سلام عادل وشامل بين الفلسطينيين والإسرائليين .؟ أم أن القضي الفلسطينية ستظل هكذا يساوم البعض باسمها وآخرون يطبعون لكل مبرراته ، والشعب الفلسطيني هو الوحيد التي يظل في المعاناة السزيفية بين هدر حقوقه الدنيا والإعتقال والتشريد وهدم المنازل والمستوطنات واستنزاف ثروات الشعب المحتل ، ولا ضمير للعالم الذي لا يرى سوى مصالحه ، لذا لا يمكن انتظار أية إدارة أمريكية ولا أي جهة كانت لتحرير فلسطين غير الإعتماد على القدرات الذاتية مهما كانت لتحرير الأرض وتحرير الإنسان من الجهل أولا ثم من الإستعمار الحديث والتمييز العنصري الذي يمثله عن جدارة الكيان الصهيوني وكل انصارهم في العالم بمن فيهم بعض دول المنطقة التي باتت غارقة في بركة التطبيع. إذن أعتقد أن لا افق في الأمد البعيد لإيجاد الحل للقضية الفلسطينية إلا بعد توفر عدة عوامل أساسية في الطرف الفلسطيني في كل من الشعب والنخب السياسية وفصائل مقاومة ، منها الوحدة على هدف التحرير بكل الطرق المؤدية له والإعتماد على النفس أولا وأخيرا ، والنصر لابد أن يأتي يوما وما تجارب الشعوب المتحررة إلا حقائق تاريخية في الفتنام والهند وجنوب أفريقيا والمغرب .