يصر النظام الجزائري، الذي لم يفق بعد من هول الصدمات التي تلقاها اتباعا في قضية الصحراء المغربية، على تسويق اللقاء الذي عقد يومي 6 و7 يناير الجاري بين وزير الخارجية صبري بوقادوم ومساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شينكر، على أن أولى أولوياته كان تقييم العلاقات الأمريكية-الجزائرية وكذا التطورات الأخيرة في قضية الصحراء؛ والحقيقة أن هذا التسويق ليس سوى طمأنة الشعب الجزائري المغلوب على أمره على أن نظامه يمسك زمام الأمور ولم يفقد خيوط اللعبة بعد، وأنه ما زال قادرا على مزاولة حيله البالية ومناوراته العتيقة في قضية الصحراء المغربية، وأن جعبته لن تنفد أبدا من المكائد والقلائل التي يجيد ابتكارها والتحكم فيها. لا نحتاج لإقامة دليل على أن النظام الجزائري المتهالك لا يملك عناصر الندية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية ليُقَيِّم علاقاته معها؛ لكنه يملك من شروط الكذب الفاضح الشيء الكثير لكي يدَّعي ذلك دونما حياء أو استحياء؛ فهذا اللقاء يدخل في إطار جولة يقوم بها المسؤول الأمريكي للمنطقة بمعية وفد رفيع المستوى والتي تشمل أيضا دولة الأردن والمغرب لمناقشة الملف الليبي ومشاكل الهجرة والساحل؛ أما إذا صح خبر مناقشة موضوع الصحراء في الكواليس فلن يكون سوى في اتجاه مطالبة الجزائريين بقبول الوضع الذي آلت إليه الأمور وليس في اتجاه مراجعتها؛ ولك أن تتصور، عزيزي القارئ، هول الصدمة التي بدت على محيا السيد بوقادوم منصتا بإمعان للسيد شينكر وهو يتحدث عن خيار الحكم الذاتي في ظل السلطة المغربية كحل وحيد لفك النزاع الوهمي، هذا قبل ثلاثة أيام فقط من تدشين القنصلية الأمريكية بمدينة الداخلة بحضوره شخصيا. لن أكون مبالغا إذا قلت بأن النظام الجزائري مستعد لاعتناق المسيحية أو الانضمام للماسونية إذا كان ذلك سيساعده في الخروج من أزمة الصحراء التي أوقع نفسه فيها، ومستعد لبيع نصف الجزائر خِلسة إذا كان ذلك سيُمَكِّن شعبه الوهمي من شبر من أرض المغرب، الشيء الذي يبين كمية الغل التي تستوطن قلوب هؤلاء المسؤولين المغفلين اتجاه المغرب، ويكشف حجم الحقد الذي يُكِنُّونه لبلد لم يؤذهم في يوم من الأيام ولو بنصف كلمة. حينما نرى أساليب التودد والتملق التي ينتقيها بعناية فائقة النظام الجزائري اتجاه فرنسا كي لا يؤذي مشاعرها، ونسمع مفردات الغزل التي يخاطبها بها في القنوات الرسمية وغير الرسمية، وهي التي قتلت مليونا ونصف مليون جزائري، واحتلت أرضه قرنا وثلث قرن، واغتصبت مئات الآلاف من نسائه الحرائر واستولت على خيراته ومقدراته وما تزال، ثم نرى أساليب الهُمّج لهذا النظام في حديثه عن المغرب الذي خرج مواطنوه عن بكرة أبيهم فرحا وبهجة يوم استقلال الجزائر عن فرنسا المغتصبة وكأنه استقلال المغرب، نعلم يقينا بأننا نحتاج صبر الأنبياء لنتمالك أعصابنا أمام استفزازات هؤلاء المعتوهين.
أخيرا، أحب أن أرسل رسالة ود وحب للشعب الجزائري العظيم، كما أود أن أطمئن النظام الجزائري إلى أنه لن ينال من الصحراء المغربية إلا بقدر ما سيتحصل عليه من الماء وهو يدخل الإبرة للمحيط ثم يخرجها منه، أو ربما أقل من ذلك بقليل، وأنه لن ينال منها شبرا حتى يلج الجمل في سم الخياط، وأن تربة المريخ أو الزهرة أو عطارد أقرب إليه من التربة المباركة للصحراء المغربية.