الجزائر الشقيقة كان بإمكانها أن تكون من أحسن الدول في المنطقة ازدهارا ورخاء وذلك بما أنعم الله عليها من خيرات تمثلت في البترول والغاز ومشتقاتهما، وكان بوسع الدولة أن توفر للشعب الجزائري الشقيق كل ما يحتاج من عمل وتمدرس ورعاية صحية في المستوى وبنية تحتية عصرية متقدمة. لكن ومع الأسف الشديد، لم يحدث أي شيء مما ذكرنا: الاقتصاد منهار والشباب عاطل عن العمل والمستشفيات في حالة مزرية، حسب الروبورطاجات التي تقدمها الإذاعة الرسمية الجزائرية، واغلب الخضروات والفواكه مفقودة، والحالة الاجتماعية متردية في أغلب المدن، والاحتقان الشعبي بلغ ذروته ووصل حدا لا يطاق وينذر بانفجارلا قدر الله . اذا، اذا كان ما تحصل عليه الجزائرمن أموال طائلة تعد بالمليارات من مداخيل البترول والغاز، فما الذي جعلها تصل الى هذه الحالة المزرية ؟ الجواب عنهذا السؤال لا يحتاج الى تفكير عميق ، بل هو ظاهر للعيان. الجزائر ومنذ استقلالها وهي تعيش على الشعارات الزائفة والزعامات المفقودة، وكأن عجلة التاريخ توقفت عندهم عند فجر الاستقلال. نعم ،الشعب الجزائري الشقيق قدم ملايين الشهداء من أجل الاستقلال وقام بثورات ملحمية وتضحيات جسيمة لطرد المستعمروهو ما تم سنة1960. ولكن، ومنذ ذلك الوقت والجزائر تعيش على غياب المؤسسات وانعدام الديموقراطية. العسكر واقصد هنا بعض الجنرالات الذين أمسكوا بزمام الأمور منذ فترة الاستقلال الى الآن، لم يتركوا اية فرصة لعدالة اجتماعية أوانتخابات نزيهة. تغييب الديموقراطية كان جليا في التسعينات حيث جرت ولأول مرة في تاريخ الجزائر انتخابات اتسمت بالشفافية ومرت في جو ديموقراطي حسب المراقبين الدوليين. ولكن بعد فرز الأصوات وفوز جبهة الانقاذ، عادت حليمة الى عادتها القديمة، وقام العسكر مرة أخرى برفض النتائج واغتيال وسجن قادة الحزب والرجوع الى المربع الأول المتمثل في التسلط والتحكم . العسكر سبق وأن جاء كذلك بالمرحوم بوضياف الى الجزائر لسد الفراغ وادارة البلاد لفترة مؤقتة، لكن سرعان ما قام الجنرالات باغتياله على المباشر بوابل من الرصاص. واغتيال الراحل بوضياف واعدامه بتلك الطريقة الوحشية، تمت ليس لأنه كان خائنا أوعمل ضذ مصالح بلاده ، بل فقط لأنه عاش فترة معينة في المغرب، وكان بينه وبيننا تقارب، والحقد والكراهية للعسكرالجزائري تجاه المملكة المغربية جعلهم ينتقمون منه بتلك الطريقة الوحشية .ولو كان الراحل بوضياف رحمة الله عليه قد قضى تلك الفترة في اسرائيل لما اغتيل من طرف الجنرالات. العسكر المتحكم في زمام الأمور بالجزائر حاول دائما ولا زال تصدير مشاكله وفشله نحو المغرب والهاء الشعب الجزائري في أمورلا دخل لهم فيها، فكانت هذه الشعارات الزائفة لما يسمى" بتقرير مصير الشعوب"، حيث روج لها العسكر انتقاما من المغرب وللتشويش على صحرائه المسترجعة و محاولة وقف نموه وازدهاره، بغية الهاء شعبه عن الصفقات التي تدار ومنذ فترة طويلة، ونعني هنا صفقات الأسلحة التي ضخت فيها ميزانية الدولة ملاييرالدولارات ،ذهب نصفها الى جيوب بعض الجنرالات الذين قاموا بتهريبها خارج البلاد على حساب عيش المواطن البسيط . والسياسيون الجزائرييون أنفسهم قادرون على اكتشاف هذا الفساد الذي أوصل الجزائرالى هذه الحالة ، ويستطيعون معرفة حجم مداخيل البترول والغاز في السنوات الأخيرة ويقارنوها بما تحقق من مشاريع في الجزائر وسيكتشفون بانفسهم حجم الفساد والملايير التي حرم منه الشعب الجزائري وذهبت الى جيوب الذين يروجون لفكرة تقرير مصير الشعوب. الشيء الذي يجب أن يعلمه المسؤولون في الجزائر هو أن المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس وقبله والده الحسن الثاني طيبب الله ثراه ومعهم الشعب المغربي قاطبة حكومة وأحزابا ، لم يفكروا يوما من الأيام الدخول في اي حرب سواء مع الجزائر أومع غيرها. والمملكة المغربية تحت قيادة جلالة الملك منهمكة ومشغولة في التنمية وتحسين حياة المواطن والنظرالى شعوب المنطقة كوحدة متكاملة تحتاج الى الرعاية الصحية والتعليم والعمل والرخاء والازدهار. المملكة المغربية فتحت قلبها وبسطت ذراعيها للجزائر من أجل مستقبل زاهر وتكامل اقتصادي، لكن مع الأسف الشديد العسكر في الجزائر لا زال على حاله و منذ سنة 1975. السنة التي قام فيها بطرد 45.000 مغربي ومغربية يوم عيد الأضحى وفي ظروف مزرية وماساوية ، دون رحمة ولا شفقة ولم تراعى فيها لا العروبة ولا الاسلام ولا حتى الانسانية وحسن الجوار.و رغم ذلك فان المغرب لم يفكر في الانتقام ولم يدفع شعبه ان يكره الشعب الجزائري، عكس ما تقوم به النخبة العسكرية الجزائرية هذه الأيام من استغلال لمنابرالمساجد وتهييج الشعب الجزائري ضد المغرب ونشرالحقد والتفرقة بدل التسامح وأواصرالأخوة والمصيرالواحد . نريد أن نذكرالنخبة العسكرية في الجزائر،أن المغرب موجود في صحراءه والصحراء موجودة في مغربها .وكم تمنينا لو يسمح حكام الجزائر للمجموعة المحتجزة في تيندوف تحت اسم (البوليساريو) بالعودة الى وطنها وأرضها داخل الصحراء المغربية وتعيش عيشة كريمة وتبني مستقبل أطفالها، بدل احتجازها كرهينة وكذريعة في ظروف مزرية من أجل سرقة المساعادات الدولية التي تقدم اليها، علما أن الجزائر لم تبن ولو مسكنا واحدا حتى ولو كان مؤقتا لهؤلاء المحتجزين كما لا زالت تمتنع عن مد المؤسسات الدولية بأي احصاء لهؤلاء حتى لا تكتشف ألاعيبها.
أخيرا، نقول ونذكر حكام الجزائر بأن المغرب ملكا وحكومة وشعبا ، يتمنى كل الخير والازدهار للجزائر ولشعبها الشقيق وينتظر اليوم الذي تراجع فيه النخبة الحاكمة والمتحكمة في مصير ومستقبل الدولة الجزائرية الشقيقة مواقفها، وتقوم بفتح الحدود بين البلدين، وتتوقف عن تسليح المليشيات لضرب مصالح المغرب، وأن تهتم بالمواطن الجزائري الشقيق الذي يستحق حياة أفضل، ولو مدت الجزائر يدها الى المغرب وتخلت عن أوهامها وشعاراتها الزائفة وعن غرورها، واتسمت بنوع من الواقعية وأدركت أن العالم يتغير بسرعة فائقة وتجنبت معاكسة المغرب، لما كنا في حاجة لكوشنر أولترامب، أو لغيرهم ليؤكدوا لنا مغربية صحرائنا .