المهتم بالتوجهات الاستراتيجية للدول لن يفاجئه رد فعل خصوم الوحدة الترابية المغربية وأعداء تقدمه ومناوئي فكره المتسامح من طرف المتطرفين والمنتفعين من إطالة أمد النزاع حول الأقاليم الجنوبية المغربية ، بعد انتصار شرعية السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه بالاعتراف الكبير للولايات المتحدةالأمريكية ودعم الديبلوماسية المغربية من طرف المنتظم الدولي بإحداث قنصليات وتمثيليات ديبلوماسية بالعيون والداخلة ، فتوق أعداء المملكة المغربية الشديد لكبح جماح الثورة الديبلوماسية الملكية، خلط أوراقهم و أنساهم قواعد الرد المناسب أو الفعل الديبلوماسي الرصين. فصحيح أن الآلة الديبلوماسية المغربية التي انتقلت من ديبلوماسية التفاوض إلى ديبلوماسية تكسير عظام الأعداء بانتصارات متتالية ونوعية، قد استفادت من عمقها التاريخي في ظل دولة تضرب جذورها في أعماق التاريخ لما يزيد عن 12 قرن ، وصحيح أنها استطاعت بفضل حكمة وتبصر صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله توفير آليات ووسائل دبلوماسية مبتكرة بالاستثمار الأمثل لموقع الجغرافي ولعلاقته وتواجده بدول العمل بما فيها القوى الكبرى المؤثرة في النظام العالمي، لدعم مصالح بلده الحيوية، على رأسها قضية الوحدة الترابية، بالإضافة إلى التوجه نحو بناء وتطوير علاقات وشراكات استراتيجية جديدة على جميع المستويات ومع كل الدول، مع الحفاظ على دور المغرب الريادي بإفريقيا ، خصوصا، بعدما أدرك أن مجال التوسع الحيوي يكمن في التوجه دبلوماسيا و اقتصاديا نحو افريقيا جنوب الصحراء، في ظل الجمود أو "التجميد" الذي عرفه التعاون المغاربي، وكذا التوجه الجديد لهذه الآلية السيادية من خلال الاشتغال على تكريس وضمان حق مغاربة العالم بكل أطيافهم ودياناتهم في خدمات دولتهم الأم، بدأت بخلق نظام للتتبع والمراقبة، من ضمنها إحداث رقم أخضر لتلقي شكاياتهم، وانتهت بإعادة فتح مكتب الاتصال الخاص بالجالية اليهودية، مما يرسخ الاستثمار الأمثل للطاقات المغربية في كل بقاع العالم عبر التوجه نحو دعم دبلوماسية المواطن بدل الاقتصار على دبلوماسية المؤسسات، وهو وعي تشكل بعد اقتناعها بضرورة استثمار التواجد المغربي القوي، عبر مواطنيه، في دول المهجر على جميع المستويات، الذي من شأنه أن يدعم المواقف المغربية في ما يتعلق بكافة القضايا الاستراتيجية إقليميا ودوليا، خاصة في ظل ما عرفه ملف قضية الصحراء المغربية من تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة في ظل مساعي وجهود الأممالمتحدة من أجل وضع حد لهذا النزاع المفتعل، لصد البلبلة التي طالما حاول بثها اللوبي الجزائري وصنيعته عبر مؤسسات غير رسمية واستغلال انفصالي الداخل ومحتجزي المخيمات بتندوف، للترويج للأطروحة الانفصالية، والتشكيك في موقف المغرب الثابت بالرغم من إبداء حسن نيته عبر تقديمه لمقترح الجهوية الموسعة، مستمرا عبر مبادراته السلمية الرصينة في هذا السياق في حشد التأييد والدعم الدوليين. لذا فالمطلوب، الآن، من الجارة الجزائر بصفة خاصة ومن أعداء التقدم، وخصوم العمل الجماعي، ومناهضي السلام، بصفة عامة اللحاق بركب الدول الأشقاء والأصدقاء الأوفياء والانخراط بجدية وبحسن نية في الدينامية الجديدة التي فرضها المغرب في المنطقة، هذه الدينامية التي تدعو إلى التوافق والتجميع، والجنوح الى السلم والسلام لا إلى التسابق والانتصار والتسلح، وإلى منطق الربح الجماعي(رابح-رابح) لا إلى الربح الفردي الأناني.