جمعية أنوار للمساواة والمواطنة تطلق النسخة الثانية من "هاكتون المبادرات المواطنة مع ومن أجل الشباب"    بايتاس يوزع جوائز المجتمع المدني مشيدا ب"أدوار الجمعيات في مواكبة تطور المجتمع"        رئيس مجلس النواب يجري مباحثات مع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية    الأرجنتين تبدأ تصدير لحوم الأغنام والماعز إلى المغرب    أخنوش يستقبل رئيسة سوق الرساميل    أخنوش يتباحث مع أمين مجلس الخليج    غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالمغرب.. إحالة 71 ملفا على النيابة العامة    مصرع جنديين بالقوات المسلحة الملكية بعد انفجار لغم تحت قدميهما    رئيس الحكومة يستقبل رئيس هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي    إنفانتينو يعد بأن تكون كأس العالم فيفا 2030 بالمغرب "احتفالية كبرى للإنسانية"    وفيات مفاجئة بمستشفى بسبب انقطاع التيار الكهربائي والنقص في الأوكسجين        ابن الحسيمة انس موسى ينال فضية كأس العالم للفيفا في كرة القدم الإلكترونية    المهدي بنسعيد يُبرز أهمية الدبلوماسية الثقافية في تعزيز صورة المغرب عالميا        نفقات صندوق المقاصة تتراجع ب40 في المائة حتى الآن        الحوارات الأطلسية تُبرز أهمية المبادرة الملكية في بناء جسور التضامن    الدار البيضاء تحتضن الدورة الثانية للمعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    إجهاض محاولة لتهريب 3,619 طن من مخدر الشيرا    لقاء حقوقي بوجدة يناقش وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب    الشامي.. أصغر مُشترك يفوز بأكبر عددٍ من الجوائز في حفل جوائز "بيلبورد" عربية        ريال مدريد يكشف تفاصيل إصابة لاعبه كيليان مبابي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    طاكسيات تستنفر أمنيي الدار البيضاء    الأمين العام لجامعة الدول العربية: تنظيم المملكة المغربية لكأس العالم لكرة القدم 2030 إنجاز رياضي مغربي وعربي كبير    الحكومة تقوي "السياسة المساهماتية"    مداخيل الجمارك تفوق 83 مليار درهم عند متم نونبر    المغرب يدخل عصر تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.. انطلاق مصنع مغربي-صيني مشترك في يناير المقبل    الانفراد بالنفس مفيد للصحة النفسية    حقيقة استعانة "بعيوي" بموظفي سجن عكاشة لنقل تعليماته إلى الخارج    متى يصل الأمر إلى المغرب؟.. أستراليا تعتزم فرض ضريبة على منصات رقمية ترفض تقاسم إيراداتها مع المؤسسات الإعلامية    رئيس الاتحاد البرتغالي: الملف المشترك بين المغرب والبرتغال وإسبانيا عرض تاريخي سيخدم مصالح كرة القدم العالمية    إصدار جديد للباحث محمد تنفو ملامح من الرواية الأفريقية: المجتمع والتراث والتاريخ    هذه حقيقة منع فيلم الناصيري "نايضة" من العرض في القنوات العمومية        سلطات كوريا الجنوبية تعزل رئيس الأمن ووزير العدل    النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تواصل التصعيد لثلاثة أسابيع إضافية من الإضراب    أوضاع "التجارة غير المالية" بالمغرب    النيابة السويدية تقرر إغلاق التحقيق في قضية "اغتصاب" استهدفت كيليان مبابي لعدم كفاية الأدلة    اختيار المغرب لاحتضان كأس العالم 2030، إلى جانب اسبانيا والبرتغال، مبعث "فخر كبير لكرة القدم الإفريقية" (رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم)    إسرائيل تفتك بحراس مساعدات لغزة    أدونيس: سوريا تحتاج تغيير المجتمع    القضاء المغربي في مواجهة التفاهة لحماية القيم الاجتماعية    الجيش الإسرائيلي يبدأ الانسحاب من جنوب لبنان ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    غارات تقتل 21 شخصا بقطاع غزة    مسرح رياض السلطان يقدم برنامجا حافلا ومتنوعا في شهر دجنبر    حملة تحسيسية لمحاربة السيدا بمدرسة ابن حمديس بآزمور    أسباب محتملة وأعراض .. ما المعروف عن "شلل النوم"؟    افتتاح مركز للتعليم العلاجي بالرباط    دراسة: كبار السن أكثر قدرة على استحمال ارتفاع الحرارة    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    بلاغ لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بخصوص استخلاص مصاريف الحج    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزيران وتهمة واحدة !
نشر في أخبارنا يوم 25 - 06 - 2020

مرة أخرى وقبل حتى أن تخبو نيران الغضب الشعبي العارم، التي أججها اكتشاف عدم تصريح عضو الأمانة العامة للحزب الأغلبي "العدالة والتنمية" ذي المرجعية الإسلامية، والوزير المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني المصطفى الرميد، بالراحلة جميلة بشر لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، التي ظلت في خدمة مكتب المحاماة التابع له من حيث تسيير شؤونه وضبط ملفاته بمدينة الدار البيضاء على مدى أربع وعشرين سنة بالتمام والكمال إلى أن وافتها المنية مؤخرا.

فإذا بدوي فضيحة أخرى مماثلة تهز الشارع المغربي، وليس بطلها سوى محمد أمكراز الكاتب العام السابق لشبيبة نفس الحزب ووزير الشغل والإدماج المهني "الشاب المعجزة" أو أعجوبة الزمان كما وصفه ذات مرة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، المتهم هو الآخر بعدم قيامه بالمتعين تجاه كاتبين شاب وشابة يشتغلان عنده بمكتب المحاماة الكائن بمدينة أكادير، على مستوى التسجيل بنفس الصندوق السالف الذكر.

وكأن قدر المغاربة الذين يعانون من مختلف مظاهر الظلم والقهر والتهميش والتوزيع غير العادل للثروة، محكوم في هذه الظروف العصيبة التي تمر منها البلاد جراء تفشي جائحة "كوفيد -19"، بالحجر الصحي والطوارئ الصحية وانفجار البؤر الوبائية هنا وهناك في الوحدات الصناعية والمهنية المنتشرة والفضائح الوزارية. ومن مكر الصدف أن يكون بطلا الفضيحتين الأخيرتين الحاملتين لنفس التهمة (هضم حقوق مستخدم"ة")، ينتسبان إلى ذات الحزب الذي لم يفتأ يردد شعارات العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والاستبداء، ويتحدث عن القيم الأخلاقية والتعاليم الدينية وحماية حقوق الشغيلة والدفاع عن الفقراء والمستضعفين...

ذلك أنه إذا كان الأول المصطفى الرميد الوزير المثير للجدل، لم يكتف فقط بعدم تسجيل "كاتبته" قيد حياتها في الضمان الاجتماعي، وزاد بأن حاول تبرئة ذمته من المنسوب إليه من خلال التمويه، المتمثل في استنفار موظفي مقاطعة سيدي عثمان يوم السبت 20 يونيو 2020 خارج أوقات العمل الرسمية، من أجل المصادقة على ما سمي ب"بيان حقيقة"، يدعي من خلاله والد المرحومة أشياء لا يمكن لذي عقل سليم أن يصدق ما ورد فيه من مغالطات هجينة، كالادعاء مثلا رفضها تمكين المكتب من صورها وبطاقتها الوطنية للتسجيل بالصندوق مثار الجدل، وتمتيعها بمبلغ 230 ألف درهم نقدا في السنة الماضية 2019، فكيف لمن دفع مثل هذا المبلغ "السمين" أن يعود لأداء مصاريف علاجها بما قيمته 67 ألف درهم؟ !

فإن الثاني الوزير "السوبرمان" محمد أمكراز الذي من بين وظائفه رئاسة المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ويفترض فيه أن يكون قدوة لغيره عبر السهر على التنفيذ الأمثل لمدونة الشغل، التي تتضمن من المقتضيات ما يلزم أرباب العمل بضرورة التصريح بكافة مستخدميهم. كان قد أقدم على توجيه الكثير من التهديد والوعيد للمقاولات من قلب مجلس المستشارين، التي تتهرب من الامتثال للقانون والتصريح بأجرائها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأبدى رغبة قوية في تعميم التغطية الاجتماعية، وتشكيل لجنة مختصة لتعزيز المقتضيات القانونية المرتبطة بالتفتيش والمراقبة، بغرض جعل العقوبات الزجرية ذات فعالية، على مستوى عدم التصريح أو التصريح الجزئي بالمستخدمين، تقوية حماية جهاز التفتيش والمراقبة وفرض عقوبات صارمة على المشغلين المتعنتين والمخلين بالقوانين.

ولعل أكثر الأمور إثارة للاستعراب هنا والآن أن هناك عدة قواسم مشتركة تجمع بين الشخصيتين المحوريتين، فهما معا قياديان في نفس التنظيم "السياسي"، وزيران بذات الحكومة التي يقودها الأمين العام لحزبهما، وأنهما قادمان أيضا من مهنة المحامادة، أي أنهما رجلا قانون وعليهما أن يكونا مثالا بارزا للنزاهة وحماية حقوق الإنسان، لاسيما أن الرميد يعد وصيا رسميا على صيانة حقوق المغاربة ومكلفا من قبل ملك البلاد محمد السادس بالترافع عن أهم القضايا الوطنية في المحافل الدولية. فيما الثاني أمكراز يحمل حقيبة إحدى أهم الوزارات المكلفة بإعداد وتطبيق سياسة الحكومة في مجالات الشغل، والعمل على الرفع من المستويين الاقتصادي والاجتماعي للطبقة العاملة، لما تحتله من مكانة في بناء دعائم مجتمع متماسك ومتضامن، وإقرار مفهوم العمل اللائق وتطوير الترسانة القانونية بما يتواءم والمعايير الدولية وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية...

فأين نحن من كل ذلك؟ ! وهل صحيحا يا ترى ما ذهب إليه البعض من كون الرميد وأمكراز وجميع المنتمين لحزب العدالة والتنمية بمن فيهم أمينه العام ورئيس الحكومة الدكتور العثماني، يعيشون فكريا خارج مفهوم الدولة ومؤسساتها، وأن منطق الدولة لا يتماشى مع أهدافهم الحقيقية من وراء ممارسة "السياسة"، وليس هناك ما يربطهم بها سوى المناصب والمكاسب، ضاربين عرض الحائط بالقانون والحقوق والواجبات؟ ألم يقل للدولة يوما كبيرهم السابق صاحب أغلى معاش استثنائي، في شأن القيادي عبد العلي حامي الدين المتهم بالمشاركة في جريمة قتل الطالب آيت الجيد "لن نسلمكم أخانا"؟


إن أشد ما بات يؤرق المغاربة ويجعل قلوبهم تعتصر حزنا وألما، هو أن يتواصل إسناد مهام تدبير الشأن العام لغير مستحقيها من النزهاء وذوي الخبرة والكفاءة، وأن يستمر التغاضي عن الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة. إذ من العبث إيلاء مسؤولية تسيير شؤون البلاد والعباد لأشخاص لا يحسنون عدا لغة الخشب وازدواجية المواقف والخطاب، خاصة الذين يبيعون الناس الوهم ويقولون غير ما يأتون به من ممارسات، ناسين قوله تعالى: "كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.