ولوج المؤسسة التربوية التي زارتها أخبارنا المغربية اليوم، اقتضى من طاقمها فحصا لدرجة الحرارة، إلى جانب التزام بمعايير الحماية والسلامة، من تباعد إجتماعي، ووضع للكمامات من طرف الجميع أطرا ومرتفقين أو زوارا، واستعمال للمعقمات. استرعت انتباهنا ونحن نلج مبنى الإدارة حركة دؤوبة بالمكاتب، فالعديد من الأولياء يتابعون مآلات طلباتهم التي قدموها ارتباطا بمستحقات شهور أبريل، ماي ويونيو، التي خلقت وتخلق الحدث منذ أيام. الأداء، كيفيته واستحقاقه، أشعلت فتيل توتر ببعض المؤسسات التربوية الخصوصية، وبمواقع التواصل الإجتماعي، لتتناسل المطالب والآراء بشكل حَادَ مرارا عن أدبيات الحوار المتمدن وانزلق أحيانا في اتجاه هجومي صِرْف. مولاي أحمد العمراني، إعتبر في تصريح لأخبارنا المغربية أن جائحة كورونا فَرضت على قطاع التعليم عموما إغلاق المدارس، لتعوضها بالتعليم عن بعد، مؤكدا أن كل مكونات المنظومة التربوية اندمجت في هذه العملية، وحاولت بذل كل جهودها لإنجاحها، ومن ضمنها مؤسسات القطاع الخاص في كل أنحاء المغرب وفي مراكش خصوصا، وأعطت الكثير لإنجاحها، من خلال انخراط اساتذتها في العملية ولساعات متأخرة، وعبر استعمال تقنيات التواصل الحديثة... فقرار التعليم عن بعد - يؤكد مؤسس مؤسسة العمراني - هو قرار دولة، ولا يمكن لموسساتنا في التعليم الخاص التنصل منه، خصوصا وأن هذا الأمر سيهدد لا محالة صحة بل وحياة تلاميذنا وتلميذاتنا. هذه العملية أنتجت مشكل آداء واجبات التمدرس يقول المتحدث، والجميع يعلم أن مؤسسات التعليم الخصوصية هي مقاولات تجارية، تؤدي ضرائبها، والتزاماتها المالية تجاه أطرها ومستخدميها وتجاه الدولة، والوضع الحالي أفرز لنا حوالي 70 بالمائة من هذه المؤسسات في وضع مالي صعب، قد يدفع الكثير منها لإغلاق أبوابها نهائيا بحلول نهاية السنة الدراسية الجارية، فالعديد من المؤسسات لم تستطع أداء أجور مستخدميها برسم شهري مارس وأبريل، في غياب أي مساعدة تذكر من الدولة عكس ما تم الترويج له، بل أن حتى أساتذة التعليم الخصوصي المتوقفين عن العمل لم يستفيدوا من التعويض الجزافي الذي استفاد منه مستخدمو القطاعات الأخرى. العمراني أوضح لنا كذلك أن أي مؤسسة تربوية خصوصية تتكون من شطرين: أولهما هو الجهاز التربوي الساهر على إنزال برامج ومناهج وزارة التربية الوطنية كسلطة تربوية مسؤولة على القطاع، والثاني هو الجهاز الإقتصادي للمؤسسة، وتربط بين هذين الجهازين علاقة جدلية، فالأول لا يمكنه العمل والدوران إلا إذا مكنه الثاني من الوسائل والإمكانيات وخصوصا جودة تكوين الأساتذة، والتي تستلزم نوعا من الإستقرار المهني والمالي لهؤلاء، بل وضمان مسارين مهني وتربوي محفزين لهم، واحترام هاته المعايير رغم كلفتها مكن المؤسسات التربوية من تحقيق نتائج إيجابية وخصوصا بالأقسام الإشهادية والباكالوريا على الخصوص. وعن مبادرة أطلقتها مؤسسة العمراني مؤخرا بهذا الخصوص، أكد لنا مؤسس المؤسسة، أن هاته الأخيرة أصدرت قرارا منذ 16 مارس الأخير، تاريخ توقف الدراسة الحضورية، مفاده أنها ستؤجل أي حديث عن الواجبات والمستحقات الدراسية لغاية انتهاء الحجر الصحي، وبعد 20 ماي، أصدرت المؤسسة بلاغا آخر، أخذت فيه وضعيات الآباء بعين الإعتبار، حيث قررت إعفاء كل من فقد عمله في هذه الظرفية بشكل كلي خلال فترة أبريل - يونيو، وتخفيض هاته الواجبات لمن انخفضت أجورهم بشكل يتناسب وهذا الإنخفاض، وبالنسبة لأصحاب المهن الحرة وغيرهم فعرضت المؤسسة عليهم جدولة لهاته الواجبات قد تمتد لسنة كاملة، في حين أن غير المتضررين يبقون مطالبين بأداء مستحقات تمدرس أبنائهم وبناتهم. مبادرة المؤسسة عرفت تفاعلا مهما من الأولياء حيث أكد لنا العمراني أن حوالي 17٪ من أولياء تلاميذ المؤسسة تفاعلوا في ظرف وجيز لا يتعدى 4 أيام، وتقدموا بطلباتهم للإدارة، والتي تدرسها واستجابت فعليا لجزء مهم منها، إما بالإعفاء الكلى أو الجزئي أو بإعادة الجدولة. بعض من آباء وأولياء تلاميذ المؤسسة، الذين استفادوا من المبادرة، التقتهم أخبارنا بعين المكان، حيث أكد محمد وهو بقال وأب لتلميذة في المستوى الثالث ابتدائي، أن ظروف وساعات العمل في الظرفية الأخيرة إلى جانب تناسل الأسواق الكبرى، أضرت بمصالح محمد ومماثليه، بحيث "أصبحنا نجد صعوبة في ضمان قوتنا اليومي" يقول المتحدث، مؤكدا أنه تقدم بطلب لإدارة المؤسسة إستفاد على إثرها من إعفاء كلي من واجبات شهور أبريل، ماي ويونيو. عثمان أب لثلاث تلاميذ بالمؤسسة، ويعمل بالملاحة التجارية قال لأخبارنا: "ظروف كورونا فرضت علينا التوقف عن العمل مؤقتا، وتخفيض الشركة لأجورنا بحوالي 50 ٪، وراسلت المؤسسة كتابيا والتي استجابت لطلبي، حيث تم تخفيض واجبات تمدرس أبنائي الثلاثة بالمؤسسة ب50 ٪، وهو مبلغ مهم" يؤكد عثمان. وبخصوص إستفادة مؤسسات التعليم الخصوصي من اعفاءات وامتيازات ضريبية أخرى مقارنة بقطاعات أخرى، نفى العمراني الأمر، موضحا أن الذي كان في السابق هو عدم مطالبة المؤسسات بأداء ضرائبها، لكن منذ 96 المؤسسات التعليمية الخاصة تؤدي ضرائبها ولا تستفيد من الإمتيازات الضريبية والمساعدات المعتمدة بدول مجاورة كتونس وفرنسا.