إنه المرحوم عبد الرحمان اليوسفي الذي جاهد من أجل تحرير الدولة من براثن الاستعمار في عهد المغفور له الملك محمد الخامس عن طريق تنظيم وإدارة حركة المقاومة وجيش التحرير، ودافع عن الوحدة الترابية وأنجح تجربة حكومة التناوب بعد تنصيبه كوزير أول من طرف المغفور له الحسن الثاني، وأرسى مبادئ حكمته ورصانته في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. إنه الرجل الذي حزن لموته جميع المغاربة، ولم تتحكم في مشاعرهم الولاءات الحزبية والسياسية ولا الميولات الفكرية والثقافية المختلفة، والكل عبر عن أسفه لفقدان رمز من رموز الدولة والسياسة. لقد كان مثالا يحتذى به طيلة مسيرته السياسية خلال عقود من الزمن، ونموذجا فعليا للإنسان الوطني الذي وضع خدمة الوطن فوق كل اعتبار. أبان للعالم أن حب الوطن الحقيقي لا يكمن في الأقوال بل يتجلى في الأفعال التي تبني الوطن في أسوء ظروفه قبل أحسنها. اعتذر لطلبات وطنية ودولية كثيرة لتكريمه والاحتفاء به بقوله: "ما قمنا به واجب وطني ونضالي، وفعل الواجب يسقط التكريم"، كما عُرضت عليه عدة مناصب في مؤسسات مغربية وأجنبية، لكنه تشبث باستقالته من العمل السياسي. وفي النهاية ترك رسالة شرف وإخلاص وهي أن: "المبادئ المتينة لا تتغير مهما طال الدهر ومهما قست الظروف". رحم الله الفقيد وتغمده الله بواسع رحمته، اللهم اجعل مأواه الجنة.. إنا لله وإنا إليه راجعون.