لا أجد مضاضة في القول إن ما نراه من تجاوزات و أفعال متناقضة من طرف شابات وشباب مغاربة أمر عادي جدا، فالمغربيات عموما تربين في بيئة مليئة بالتناقض و "الحگرة" والميز الجنسي الذكوري، بينما تربى الذكور المغاربة في عالم مليء بالتجهيل و قلب المفاهيم، فالمغربي يصف كل فتاة ترفضه "بالمومس" كما أنه يصف تلك التي تقبل عليه وتتعلق به "بالمومس" أيضا، ويطلق عليها ألقابا تحط من كرامتها فقط لأنها تعلقت به، فالإنسان المغربي سيكولوجيا، مريض، و يحتاج لعلاج، و أنا أقصد الشعب المغربي في غالبيته مرضى نفسيون، ويحتاجون لصدمة توقظ ما خمد من رجولة رجالهم و مروءة نسائهم. إن المغربيات، فتيات تعرضن منذ صغرهن لأنواع من المضايقات، و أنواع المعاملات النقيضة للتربية، بدء بالتمييز المنزلي، مرورا للعنف الرمزي المبني على الجنس، وصولا للتقاليد و الأعراف التي رسخت كل مظاهر هذا التمييز و هذا الفرق، فالفتاة المغربية، إما "بنت الدار" أو "بنت الزنقة" وليس هناك تعريف ثالث، بينما يتم تحديد مفهوم "بنت الدار" في فتاة لا تخرج ولا تدرج، تدرس قليلا، و إذا أكملت دراستها، فهي فتاة يجب أن تتميز بكل شروط المظهر و المعاملة المحدودة جدا مع الذكور، و أن تظل في برج عاجي لأمل مجيء الفارس المعظم، على سيارة من نوع مُرض للعائلة، ليأخذها "باقي فميكتها" عذراء رتق خباؤها، لم يطمثها إنس قبله ولا جان، و مع هذا التصور الأخلاقي لمفهوم "بنت الدار" في نظر الأب و الأخ و الأسرة و الجيران، فإن بنت الدار في عرف الشباب و زملائها في العمل و الدراسة، هو "معقدة" ومعنى معقدة يعني ( مخبية شي فضيحة) و في الأخير تظل الفتاة بين نقيضين من الآراء حولها، و كلا الرأيين مؤثرين في شخصيتها كإنسان اجتماعي، يريد رأيا جيدا فيه من قبل الجميع، و ليس آراء متناقضة، لمفهوم واحد!!
أما إذا كانت الفتاة المغربية، منفتحة المظهر و اللباس، و التعامل، فإن أول تعريف و انطباع من "الشاب المغربي" حولها هو أنها "متاحة" يعني أنها مشروع مؤقت لإمضاء الوقت، يعني " علاقة مفتوحة" ومفهوم العلاقة المفتوحة في مجتمع مركب تقليدي معقد التفكير كالمجتمع المغربي، هو "العهر" فالشاب المغربي يعرف و يعتبر و هو على يقين أن هذه الفتاة هي مجرد "عاهر" حتى و إن أبدى وجوها متغيرة، من وجوه التعامل العصري، و المتفتح أمامها، فهو لا يفعل ذلك لأنه يعتقد ذلك، بل يفعله ليحصل منها على اكبر قدر ممكن من استغلال لجسدها، و وقتها، عبر زخم كبير و متواصل من رسائل التغرير و التلاعب بعقلها و مشاعرها، باسم الحرية و الانفتاح، و لا أدل على أن الشاب المغربي، مجرد مخادع، لا يؤمن بقيم العصرنة و الحرية الجنسانية، ولا يحترمها، هو أنه في أقرب فرصة، يتخلى عن خليلته، أو رفيقته، أو حبيبته، ليتزوج "بنت دارهم" بحثا عن العذرية، و النقاء، والصفاء، بل و يبدأ في وصف السابقة بمواصفات التحقير، و الإذلال، إن هي أصرت على حقها فيه، ليخرج عن صمته، ويظهر رأيه الحقيقي فيها " كبنت الزنقة" ومشروع جنسي لتمضية الوقت وكفى، كما أن العديد من الشباب المغربي، ونسبتهم كبيرة جدا، يرفضون زواج المطلقة، أو الأرملة، أو المغتصبة، أو الفاقدة لعذريتها لسبب من الأسباب، لنفس السبب الذي ذكرناه سابقا، وهو أن الفتاة النموذجية في عرف الشاب المغربي، مقرونة "بالعذرية" و عدم المساس، فمخيال الشاب المغربي، بسبب العادة و التقاليد، يربط الطهارة بمحور الجهاز التناسلي، الذي يعتبر طبيعيا مجرد جهاز للبول و إخراج الوليد، وليس معبدا ولا مسجدا يصلى فيه، ليكون معيارا أو مكانا للطاهرة و النقاء و الصفاء ...
وفي مجتمع يغتصب فيه المغربي، أخته المغربية، ويستغلها جنسيا، و عقليا وفكريا، و يعتدي عليها ماديا ورمزيا، و يتحرش بها جسديا ولفظيا، و يشتريها بالمهر عرفيا، و يعتبرها أقل منه شأنا، و تابعا له شرعيا، و يصفها "بالعهر" سواء كان هو ما يمارسه معها أو غيره، وسواء كانت كان بإرادتها أو لا، و يساهم في جعلها عاهرة حقيقية، بكل ما يفعله ويفتعله من أساليب ممنهجة من الإذلال، والتدخل في رغباتها، و إقصاء لحقها الطبيعي، في أن تستمتع بحياتها، وتعيش في ظروف متكافئة معه، دون أي أحكام و تعييرات تخدش كينونتها كامرأة، بعد كل جرائم الشاب و الذكر المغربي، في حق أخته المغربية، يأتي ويطالبها بعد أن هشم كل معاني الارتباط و الاحترام له كرجل في مخيالها، بأن تترك هذا و تترك ذاك، وينسى أنه السبب الرئيسي في المرض النفسي الذي تعيشه المرأة المغربية، من تصديق للوهم الرومانسي التركي، أو الأوروبي، ومن ارتماء انتحاري في حضن النفط الخليجي، الذي تحترق به، سواء ظلت في بلدها الذي يدفعها للعهر، ثم يسمها به، أو في بلد آخر يمارس عهره عليها، لكنه يدفع أكثر.
إنني أعجب لنفاق الإنسان المغربي، فهو من يصنع العواهر، بثمن زهيد، عبر استغلالهن و الاعتداء عليهن، و التلاعب بهن، ثم يعاقبهن ويلعنهن إن فعلن ذلك مع غيره، شرعا، أو مقابل أجر أكبر، ليطلق كل أنواع السب والشتم، ويجعل نفسه حصورا تقيا، ويصف بنات بلده بالمومسات، رغم أن "العاهر" الحقيقي، هو الرجل المغربي، الذي فقد سلطة الرجولة على نفسه، ليسرقها منه غيره، عبر وسائط الاستغلال بالمال مقابل النجاة من الفقر، الذي يعتبر سببا بسيطا، في تفاهة المرأة المغربية، مقابل ضمور رجولة الرجال كحام ودرع لابنة بلده.
وفي ظل غياب لمفهوم الرجل الذي يحترم المرأة، في كثير من أوساط المجتمع المغربي، وجهل المغربي بمعاملة المرأة المغربية، و ممارسته للألاعيب عليها، فكيف تطالبها ألا تتأثر بمسلسل أو فيلم، و ألا يغيب وعيها في شخصية بطل رواية أو قصة، يحضر فيها كل ما يفقده ابن بلدها، من رحولة وشهامة، و اتقاد مسؤولية، واحترام، ولو كان مجرد تمثيل و افتراض !!!! فأين هي المسلسلات الرومانسية و الأفلام التي تجسد شخصيات أبطال مغاربة ذوي رجولة وشهامة وجاذبية حتى في أفلامنا و مسلسلاتنا المغربية، و أين هي الشخوص والأبطال التي قد تصور لنا مشاهد تستقر في ذاكرتنا، بهدف تربوي، أو قصة معبرة !! ومشاهد تعبر عن الاحترام والحب و الود الذي تفتقده المرأة المغربية، كامرأة رومانسية عاطفية، فكل أفلامنا و مسلسلاتنا تافهة، أو تحكي قصص الخيانة، أو التعويج و "التشرميل" التي تزيد من امتهان المرأة المغربية، أو مسلسلات "الحوار البدوي" و العلاقات الجافة، ناهيك عن الحوار والتعابير الخالية من الود و المشاعر، مسببة وجعا للمُشاهد، أكثر من "وجع التراب" ويبقى الاستثناء ضئيلا، اللهم إذا سألت بعض فتياتنا "العاطفيات" السريعات التأثر و البكاء، عن "البرتقالة المرة"، أما أبطال مسلسلاتنا و أفلامنا، فإما عجائز أو عواجز، أو شباب يفتقدون لمظهر الرجولة، و في آخر المطاف فعقليتهم لا تختلف عن عقلية الشاب المغربي المريض، إلا قليل منهم، والاستثناء كالشاذ لا حكم له...
وفي الأخير، إذا كان الشاب المغربي، يرى الجمال في الروسيات متأثرا بتشارابوفا، و السويديات متأثرا بالفردوس الأوروبي، وكل هذا التمثل، هو تمثل جنسي قائم على الرغبة، فكيف تلام الفتاة المغربية، إن هي اعتقدت (ولو مخطئة) أن الشاب التركي أكثر رجولة، أليس من حقها أن تستمتع في علاقتها الطبيعية، أم أن عليها أن تظل خاضعة لسلطة المجتمع الذي يفرض الجمال في المرأة كشرط للزواج، أو الاصطفاف في طابور 8 مليون عانس، بينما لا يشترط في الرجل سوى أن يكون أجمل من القرد بقليل ...!!!!
وإجمالا : وبالعودة للموضوع الذي قيل أنه تعرضت له قنوات تركية، في أخبار تمس شبكة نصب متخصصة في تزويج مغربيات بأتراك، مقابل 5 ملايين سنتم، في نفس التوقيت الذي رفعت فيه وزارة الاقتصاد و التجارة المغربية ورقة "الإنذار" في وجه المبادلات التركية، يجعل من الموضوع إن صح أمرا مدبرا، ومقصودا، وتافها أيضا ...