السوال:هل صحيح أن إبليس سلب منه التوفيق للتوبة فلا يتوب؟ اذا كان كذلك؟ معناتها أن إبليس معذور اذا لم يتوب؟ لأن عدم توبة إبليس من الأمور الجبرية على إبليس؟ يعني إبليس مجبور على عدم التوبة؟ فهل من العدل أن إبليس مجبور على عدم التوبة؟ بينما نحن بني آدم مخيرين بين التوبة و عدمها؟ الجواب: أولاً: لو صحت نظرية سلب التوفيق هذه لقلنا انها لم تأت من فراغ وانما هي استحقاق لذنب عظيم فكما ان بعض الذنوب توجب انقطاع الامل او الرزق او حجب الدعاء او نزول البلاء كذلك هناك ذنوب تسلب التوفيق فيكون سلب التوفيق للتوبة بالنسبة لابليس انما هي بفعل معصيته العظيمة لا بسبب خارجي قهري فلا معذرية في المقام مادام الامر كان باختياره والمعصية كانت من اجراءه فعليه ان يذوق وبال امره بلا ادنى شك.
ثانياً: لم يرد في القرآن ذلك انما اكد لنا ان ابليس عصى امر الله وجوزيّ بمعصيته وعاقبه المولى بالطرد الى يوم الدين (( قَالَ فَاخرُج مِنهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيكَ لَعنَتِي إِلَى يَومِ الدِّينِ )) (ص:77-78) والمعول في مقام المعرفة هو في الرجوع لكتاب الله تعالى.
ثالثاً: ومن الظريف ان ابليس طلب من الله تعالى ان لا يعجل له العقوبة والعذاب فاستجاب له المولى تعالى (( قَالَ رَبِّ فَأَنظِرنِي إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ * إِلَى يَومِ الوَقتِ المَعلُومِ )) (ص:79-81). مما يعني انه هو الذي طلب ان تكون عقوبته بهذه الكيفية لا بعلة سلب التوفيق.
رابعاً: ولا يمكن ان نحتمل له التوبة من الناحية العقلية اذ انه امتنع من طاعة السجود لله بسبب امر خطير مركوز في ذاته وهو التكبر قال تعالى (( فَسَجَدَ المَلَائِكَةُ كُلُّهُم أَجمَعُونَ * إِلَّا إِبلِيسَ استَكبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ )) (ص:73-74).
فكان التكبر ملاكا وسبب الامتناع عن السجود فلا يمكن ان يأتي بطاعة التوبة لنفس الملاك وهو وجود التكبر وعدم زواله منه.
خامساً: يمكن ان نفهم من قوله تعالى (( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ )) (ص:82) ان ابليس صاحب مشروع اجرامي عدواني وان التوبة لم تخامره في حين من الاحيان ولم تخالط ذهنه او تشكل نقطة تحول لديه.