ما قيمة تصريحات حكام الجزائر الرافضين لفكرة تمكين المغرب من صحراءه، مادام المغرب يحضن أراضيه الصحراوية. ويباشر منذ عقود أشغال التنمية والاستثمار بها. ومادام الرأي العام الدولي يؤكد على ضرورة تسوية ملف الصحراء المغربية داخل قبة الأممالمتحدة. وما دامت كل القوى العالمية المؤثرة والجادة، تقر بمصداقية المقترح المغربي المتمثل في الحكم الذاتي. المقترح الذي قبل به الشعب المغربي على مضض أملا في إنهاء هذه الأزمة المفتعلة ؟. لماذا يصر هؤلاء الحكام المتعاقبون على ترسيخ معاناة الشعب الجزائري. هؤلاء الكراكيز الذين يدارون بأجهزة التحكم من طرف قادة النظام العسكري. المدمنون على مضايقة المغرب، وفرض دوام العداء لشعبه، رغم أنوف الجزائريين والمغاربة الأشقاء؟.
محاولة تبرير عداءاتهم بالأوهام والمهازل، لا يمكن أن يصدقها عاقل ولا حتى جاهل. آخرها ما جادت به قريحة الرئيس (الفشفاش) الفائز في انتخابات رئاسية مرفوضة من طرف معظم الشعب الجزائري.
الرجل وفي محاولة لكسب تعاطف العسكر، لكسب رهان حملته الانتخابية. كان عليه أن يظهر عداءه للمغرب. فربط فتح الحدود المغربية الجزائرية بشرط اعتذار المغرب. ونسج من خلاله مبرر واه. حيث قال إن الأمر يعود إلى قرار فرض التأشيرة على الجزائريين" وذلك في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي شهدته مدينة مراكش سنة 1994. كما عاد وجدد خزعبلاته في المؤتمر الصحفي الذي نظمه بعد انتخابه رئيسا للدولة. حيث أكد أن فتح الحدود مرتبط بانتفاء الأسباب التي دفعت في تلك الفترة إلى إغلاقها.
عوض شكره للمغاربة على دعم استقلال الجزائر. وعوض شكر المغاربة على الصبر والصمت، اتجاه مضايقات واستفزازات من سبقوه في الحكم. وعوض تقديم الاعتذار للشعبين الجزائري والمغربي ، على 44 سنة من المعاناة بسبب فرض إقامة ورعاية جمهورية وهمية فوق أراضي جزائرية، تضم قذارة البشر الإفريقي. واستغلالها من أجل ابتزاز المغرب وتعليق التنمية بجزء من أراضيه.
الكل يعرف أن النظام العسكري الجزائري الحاضن الرسمي لجمهورية الوهم. اعتاد المراهنة على افتعال أزمة التوتر مع المغرب، عن طريق ملف الصحراء المغربية، الذي لا ناقة ولا جمل له فيه. من أجل شغل الشعب الجزائري عن مآسيه وهمومه التي لا تنتهي. وإيهامه بخطر خارجي لا يتواجد إلا في مخططاته المزعومة ومخيلات قادته العسكريين.
الكل يعلم أنه لا مجال ولا فرصة لانتخاب رئيس جديد يعارض نزوات وحقد العسكر الدفين ضد المغاربة. وحتى وإن تم انتخابه، فإن الآلة العسكرية تمتلك كل الوسائل لإرغامه على الخضوع والخنوع، أو الانسحاب. ولما لا حتى التصفية الجسدية.
هاهو الرئيس (الفشفاش)، الذي نصب رغم أنف الجزائريين الأحرار، المطالبين بتنحي كل رواد الإرث السياسي القديم. يرى في إشعال فتيل التوتر مع المغرب. حلا آنيا. للتخلص من احتجاجات الشعب الجزائري الرافض للانتخابات الرئاسية. بدل من الإنصات إلى نبض الشارع الجزائري. وإنصافه من مهازل التدبير والتسيير والفساد التي أقر بها هو شخصيا في خطابه الأول بعد توليه الرئاسة.
هاهو القائد الجديد يترك مهمته المنحصرة في الاهتمام بمطالب الشعب، ويفضل الاهتمام والمتاجرة بمرتزقة البوليساريو، وقادتهم الذين نصبوهم خصوم المغرب بدعم من العسكر الجزائري، من أجل تبذير أموال الشعب الجزائري وأموال المساعدات الإنسانية.
هاهو يؤجل كل المطالب الاجتماعية والاقتصادية، التي انتفض من أجلها الشارع الجزائري لعدة أشهر. ليتفرغ ل(صداع الرأس) مع المغرب. ويجعل من الجزائر الشقيقة تلك الدولة (الشْقيقة). التي خيب نظامها آمال المغاربة والجزائريين. وأصابهم بآلام حادة في الرأس والقلب. بسبب سلوكيات نظام يتغذى من العدوانية الدائمة اتجاه المغرب.
وهاهي خارجية الرئيس الجديد، تحظى بإصدار أول بلاغ لها، خصص لمهاجمة المغرب ووحدته الترابية. ومحاولة التدخل في شؤون دولة افريقية حرة ومستقلة (جزر القمر). دولة اقتنعت بمصداقية ومشروعية المغرب في صحرائه، وقررت فتح قنصلية بمدينة العيون. ليبرز بجلاء مدى تفاهة الرئيس ومحيطه، ومدى غطرسة وتسلط العسكر الجزائري. الذي ارتقى به الغرور إلى مستوى الظن بأنه قادر على التحكم في قرارات الدول الإفريقية المستقلة.
كتب على شعب الجزائر الطيب والسموح أن يعيش تحت رحمة نظام لا يأبه بمطالبه. نظام جعل من أولى أولوياته مضايقة المغرب. والدفع نحو زعزعة استقراره. لسبب بسيط يعرفه كل الجزائريين. وهو أن المغرب، اعتبر ولازال يعتبر لدى الأشقاء ببلد الأمن والآمان، بلد منفتح ومنشغل بشؤونه. والشعب الجزائري يطالب بحياة مثيلة. يرفض العسكر تحقيقها، رغم
ما تتوفر عليه الجزائر من ثروات غازية ونفطية. توزع مداخيلها المالية بين القادة العسكريين والموالين لهم. كما تصرف في التسليح ودعم الوهم والفتنة.
هل يعلم (الفشفاش) أن هناك إجماع وطني شعبي على مغربية الصحراء. وإجماع وطني شعبي على التضحية من أجل كل شبر من أرضه وكل حبة رمل من رمال صحرائه؟. وأن كل أسرة مغربية، شاركت بمتطوع في المسيرة الخضراء التي هندسها الملك الراحل الحسن الثاني، وحرر بها الصحراء. أو شاركت وتشارك بجندي لحمايتها. وأنه لا مجال للاستسلام أو التفاوض من أجلها. فملف الصحراء المغربية، لم يعد فقط بيد النظام أو الحكومة، بل هو بيد الشعب المغربي قاطبة. فلا داعي لتلك الخرجات والشطحات السياسية التي لن تنفع رئاستك في شيء. ولن تقود نظام العسكر إلا للهلاك.
نحن المغاربة مقتنعون أيها الفشفاش، أن لا بلد في العالم يريد مغرب بصحرائه. مغرب حر في استغلال ثرواته والاستثمار في أراضيه الجنوبية كاملة. وأن الجزائر في مقدمة تلك البلدان الرافضة لنهضة وثراء المغرب. حتى لا ينتفض شعبها المقهور. كما نؤمن بأن لا بلد يريد أن تحدث هناك (دويلة) جديدة، تعيد تشكيل خريطة قد تضر بمصالح دول الجوار ومعها الدول المنتفعة منها. ونؤمن جيدا أن الجزائر في مقدمة تلك الدول التي ترفض إحداث دولة جديدة. بموارد طبيعية قد تحرج نظام العسكر الجزائري. بمعنى أن النظام الجزائري يسعى فقط إلى أن يبقى ملف الصحراء المغربية عالقا إلى الأبد. ليبقى منتفعا به في مواجهة الانتفاضات الداخلية للشعب وابتزاز المغرب.
كنا نأمل في اتحاد مغاربي قوي يضم كل شعوب دول المغرب العربي (عرب وأمازيغ). نؤثث لبيت آمن، حيث يمكن للأشقاء التماسك والتلاحم والتناغم والعطاء والتميز. لكن أمال وأحلام الأشقاء، لم تكن لتتحقق وسط أجواء مشحونة بالحقد والخيانة، والعداء المجاني للمغرب الذي كانت تنفثه قادة دولتي ليبيا والجزائر. قبلنا بالاكتفاء بضمان حسن الجوار. وتمكين الأشقاء من التواصل والتعاون. لكن حتى هذا المطلب الإنساني والاجتماعي لم يكن ليتاح مع هؤلاء المتربصين الرافضين لكل تنمية أو لم شمل.. وخصوص من الجارة التي يقود نظام جائر.
ففي الوقت الذي يفتح المغرب ذراعيه من أجل طي صفحات الماضي الأليمة، ويبعث الملك محمد السادس برسائل واضحة عن حقيقة العلاقات المقلقة بين البلدين، ويجدد طلبه بأمله في فتح الحدود وتطبيع العلاقات بين الأشقاء. ويتوسم خيرا في الوافد الجديد. نجد بالمقابل نفور غير مبرر. وعنف لفظي صادر من قمة هرم القيادة الجزائريةالجديدة... على العموم نحن المغاربة نسير وندرك مسارنا.. ولن نيأس من أمل لحاق أشقاءنا الجزائريين بقافلتنا.. لأن الزمن كفيل بالإنصاف.