تتوجه معظم النصائح الصحية في هذا الشهر الفضيل نحو نوع الطعام، وكميته، وأوقات تناوله، وقليلاً ما يحظى موضوع فعالية الصائم ولياقته خلال الشهر باهتمام الناس. ماذا عسى الرياضي الذي يواظب على تمارين يومية بهدف تخفيف وزنه أو تنمية عضلاته أن يفعل عندما يصوم؟ هل يداوم على برنامج رياضته اليومية أم يتوقف عنها؟ وإذا داوم عليها، فكيف يكيف نفسه مع الامتناع عن الطعام والشراب كل ساعات النهار، وكيف يدرأ عن نفسه خطر التجفاف في هذه الأيام الأكثر طولا وحرارة في السنة؟
وماذا عن الذين لم يعتادوا أن يمارسوا أية رياضة ؟ هل يبقون على عادتهم في الركون إلى الراحة الجسدية طوال اليوم، أم يلجؤون إلى دعم واجباتهم الدينية بشيء من الحركة والتمرين، للحفاظ على بعض اللياقة البدنية إلى جانب لياقتهم الروحية؟
وفي ما يلي، نعرض بعض المبادىء التي نراها مناسبة للجميع في هذا المقام:
1- رمضان، بالدرجة الأولى، هو شهر يتضمن فرضا دينيا يتطلب من المسلم أن يوجه كل طاقاته نحو العبادة والذكر وتلاوة القرآن وصلة الرحم ومد يد العون إلى المحتاجين من الناس، ولكن يجدر بك -إلى جانب واجباتك الدينية التي سوف تأخذ الحيز الأكبر من جهدك ووقتك وتفكيرك- ألا تبقى عديم الحراك، قابعا في بيتك أو مكتبك طوال اليوم، بل أن تعطي جسدك حقه من الحركة والفعالية، حرصا على وظائف أجهزتك الحيوية من التقاعس والعطب.
2- ليكن هدفك الأول من تبني الحركة عدم العودة للوراء من حيث لياقتك البدنية قبل الصيام، فإذا كنت مثلا تجري التمارين الرياضية يوميا بهدف تنمية العضلات، فمن المناسب أن تتغاضى عن هذا المطلب في فترة الصيام، وتجعل هدفك ينحصر في الإبقاء على ما أحرزت من تقدم حتى اليوم، وإن كان هدفك من الرياضة تنزيل الوزن، فاعتبر هذا الشهر فرصة مثالية لخسارة الوزن بتعديل كمية ونوعية طعامك، لا بزيادة التمارين.
أما إن كنت متقاعسا عن تطبيق أي نوع من الرياضة، فقد آن الأوان لأن تزاول أبسطها ولفترات محدودة من كل يوم هذا الشهر.. المهم هو ألا تحمل جسمك وجهازك المناعي فوق طاقتهما، بإضافة جهد عضلي كبير إلى انقطاعك عن الطعام والشراب.
3- يستحسن أن تخفف من حدة تمارينك التي اعتدت عليها سابقا خلال فترة صيامك. فإذا كنت تركض فترة نصف ساعة يوميا قبل رمضان مثلا، فيمكنك خلال هذا الشهر أن تحدد أيام الرياضة بخمسة أيام أسبوعيا، وأن تستبدل الركض بالمشي السريع، وإذا كنت معتادا على رفع 5 كغ من الأثقال أثناء تمارينك، فلا بأس من إنقاصها إلى ثلاثة.
4- بدّل من توقيت تمارينك، الذي اعتدت عليه، إلى توقيت يناسب وقتي الإفطار والسحور. ولعل أفضل وقتين مناسبين للصائمين هما حوالى الساعة إلى الساعتين بعد الإفطار، وحوالى نصف الساعة قبل السحور، لأنك لن تتعرض فيهما للعطش، ولأنك تكون قد تلقيت حاجتك اليومية من الحريرات الغذائية، كما أن معدتك لا تكون حينها ممتلئة بالطعام، فتتطلب تحول جزء كبير من الدم الذي ستحتاجه عضلاتك إليها. واختر من الوقتين ما يريحك، بحيث لا تشعر بالإعياء، بل تلمس أنك ازددت نشاطا وحيوية.
5- مهما كان خيارك بالنسبة لنوع التمرين ومدته وتوقيته، فمن المفضل أن تلتزم ببرنامج منتظم تكرره طوال شهر رمضان، فهذا من شأنه أن يضع جسمك وذهنك في أفضل حالة صحية ممكنة.
6- إذا كنت ممن يزاولون نوعي الرياضة: القلبية cardio (المشي، السباحة، الدراجة)، والقوى resistance (رفع الأثقال، تشغيل أجهزة القوى في النوادي الرياضية) قبل رمضان، فلا بأس أن تبقي على النوعين بعد تخفيفهما خلال صيامك، وبإمكانك دمجهما معا فيما صار يدعى التدريب الدائري circuit training، الذي يكثف عددا من التمارين بتمرين واحد مختصر دون إعطاء فرصة راحة بين التمارين.