قضايا كثيرةتتحدد من خلال سياقها المعرفي من التحديد اللغويالى مناطات الاصطلاح في شتى مجالات العلوم الانسانية والتجريبية ، مما يضفي على المصطلح نوعا من التجريد اللغوي الى التحديد العرفي، وبينهما تأتي خطوات التشتت الذهني الذي يعيشه الفرد داخل كتلة من الفهوم التي تحيط به من شتى المناحي العلمية ، وتجدر الاشارة إلى وجوب ردالاعتبار للسياق التاريخي والاجتماعي الذي نشأ منه المصطلح الخاص ، وفي أي مجال معين ، وما يقصد المؤسسأن يتوصل به اليه من خلال المفهوم الذي ربطه به ، مما يؤثر في تحديد مجاريه الاصطلاحية المقابلة له.. ( المتفرعة عنه، او الدالة عليه ) ولهذا قد عاشت الامة الاسلامية في فترات تاريخية تتأرجح فيها بين القوة والضعف، وبين الابتكار والابداع ، الى التقليد والاتباع ، ما أثار نوعا من التذبذب في قضايا اصطلاحية كثيرة، واخضاعها لمنط تفكير معين ، يوازي فيه الدارس بين القطعية والظنية في المجال الأصلي(المجال الأصولي) وفي التعامل مع الدلالة الدالة على المراد من تحديده في المجال الفقهي ، وبهذا المنهجتتم صياغة كتلة غالبة من المفاهيم الاصطلاحية التي تتحكم في كثير منالقضايا الفقهية، ونوازله المتجددة، لكن مايثير كثيرا من التساؤلات والاستفسارات ، ما هي تلك المساحة المتاحة التي يمكن العمل فيها لتجديد تلك المفاهيم الاصطلاحية ؟وماهي العلاقة التي تربط بين الحكم - فقهيا -على قضية من القضايا وبين المصطلح؟. إن المتأمل في جذور الذكاء الاصطلاحي يجده مرهونا بالفكر السائد في الحقبة الناشئة له، وقد حاول كثير من المفكرين المعاصرين التجديد في الفهم الاصطلاحي من الناحية التداولية ، لكي يواكب التطورات التي تحصل بين فينة وأخرى في الحقل الدلالي الاستعمالي للمصطلح، لكن ذلك لم يؤثر ايجابا على التطور في التجديد المقصود، رغم أن الفكر الفقهي الاسلامي الذي تنازعت في خاصيته المذاهب الفقهية التي تتمثل في رباعية أقطاب الفقه الاسلامي ،قضاياه الاختلافية اصطلاحية بالجملة ، ولهذا نجد أن اغلب الاختلافات الفقهية يؤول سببها الى الاختلاف الاصطلاحي اللفظي بعيدا عن الدلالة المعنوية ، بحيث إن المصدر الاصلي للتشريع هو القرءان والسنة ، لكن يكون التناوش عن نوعية الدلالة واطلاقاتها التي لها اعتبارات لدى كل طرف في الاخذ والعمل بها، ولتبيين ذلك نجد ان اطلاق الواجب او المحرم على واقعة من الوقائع ، يرجع الى أصلية المأخذ ونوعية الاصطلاح الذي يستعمل في ذلك ، ولكي تكون الامورعلى قدر من الوضوح ، لابد من وضع مصطلح الوجوب والحرام – على سبيل المثال -في معيار التوازن بين الواقع التي يستعمل فيه ، والنظر الذي استنبطه ، فإطلاق الحرام او الوجوب على كثير من الوقائع رغم تفاوت خطورتها من حيث الاثر والمدلول ، يزيل عن الحرام و الجوب صفة الالزام الذي بسببه اطلق هذا المصطلح لأن تلك الوقائع ليست على درجة واحدة من الحكمية ، لذلك اطلاق مصطلح واحد عليها بهذه البساطة فيه نوع من الاجحاف والمساس بقدسيته وتفريغه من المحتوى ، وعلى سبيل التمثيل الواقعي نجد ان الصلاة واجبة ، وفي المقابل نلقى أن صلة الرحم ورد السلام أيضا واجب ، فاطلاق الوجوب على هذه الحالات يفقد له المصداقية الالزامية والالتزامية، فترك الصلاة ليس هو ترك رد السلام ، بينهما في الاثر اختلاف واسع ، فصدور هذا الحكم من عالم بالفقه وأمور الشريعة، يلتقط العامي منه هذا الحكم ، فتنتج عنه حالة من احدى هاتين الحالتين : إما الارتقاء برد السلام الى مرتبة الصلاة في الحكم والاثر والجزاء ، او انزالها الى مرتبة رد السلام في الحكم والجزاء أيضا، كلتاهما خاطئة ، لكن هذه هي النتيجة المحصلة لدى العامة ، رغم ان الشارع الحكيم لم يصدر حكما بالوجوب بهذه الدرجة لرد السلام ، لكن الفكر الفقهي اعطى له هذه الصبغة الالزامية من الناحية الاصطلاحية ، وفي المقابل نجده في الناحية الواقعية يتساهل بدعوى عموم البوى او رفع الحرج ، لكن ما لايدركه - المصدر للحكم- أن المتلقي لهذه الاحكام بهذه الاصطلاحات ، يزيل عن الصلاة تلك الصبغة الالزامية وينزلها الى درجة رد السلام وصلة الرحم ، فينشأ عن ذلك تهاون كبير، بحكم ان الواجب هذا وذاك ، لا فرق بينهما ، فتلك متاهات ، ولوجها بقصد تسوية الحكم فيها يصعب من الناحية الواقعية ، لتراكمات قديمة سارت على النمط العام السائد في مدد وحقب ماضية. وبعد هذه النظرة السريعة يتضح جليا أن كثيرا من الاحداث التي حدثت في مسار التاريخ الفقهي وحولته الى صراعات ونتاج لأقوال شاذة، فاغلب مظان اسبابه هي الاختلاف في صياغات الاصطلاحات المستعملة ونتاجها، وخاصة في المجال الدعوي، كثيرا مايذيع اغلب الناس فيه مصطلحات لها حمولات دلالية عميقة ، فيطلقها على كل مماثل من الناحية الصورية ، لا من الناحية المعنوية الاصلية ، فيتسبب في التشتت المعرفي اولا ، ثم الفكري والفقهي والديني ثانيا ، ولو كانت هناك مراجعة دقيقة لكثير من المصطلحات والتفريق بينها في مراتب الدرجات والأولوية ، لتفادى المجتمع الاسلامي كثيرا من التصدعات ، ويتحد على مبدأ المسالمة والسلم الاجتماعي مع الاخر، ولقد حاول فقهاء الأحناف قديما نهج هذا التجديد حينما ميزوا بين الفرض والواجب في الاحكام ، وهذا التفريق له مغزى دقيق من الناحية الواقعية ، ومما يثير الارتياب والاستغراب أن الجمهور شنوا عليهم حربا شعواء على كثير من القضايا رغم أن قوة الاقتراح لدى الحنفية من الناحية العملية والعلمية أقوى ، ولهذا فكثير من الاطلاقات الاصطلاحية القديمة يجب مراجعتها ، لأنها نشأت في بيئة ليست بالموافقة تماما مع العصر الراهن في كثير من المستجدات. ولرد الاعتبار لمدلولات المصطلح بين الاصالة وتوفيقه مع العصرنة ، لابد من بذل جهد من طراف المتخصصين في الدراسات الاصطلاحية ، لإعطاء كل حالة خاصة في المجال الاصولي مصطلحا يواكبها علميا وعمليا لتفادي كثير من الارتجالية في الفهم والتطبيق لدى العامة ،وتفادي التشتت في ضبط المصطلح، لأن به تضبط المفاهيم وتعرف المقاييس والمعايير بين المصطلحات وغيرها من المقارباتالموازية في الدلالة والمعنى ............. يتبع