إن الحق في ولوج الخدمات الصحية قضية يكفلها و يضمنها الدستور و المواثيق الدولية ذات الصلة و التي يعتبر المغرب من أبرز الموقعين عليها. لكن واقع الحال بعموم المغرب الحبيب يظهر تدهورا كبيرا في تقديم الخدمات الصحية على مستوى الكم والكيف، و الطامة الكبرى هي تحول عدد كبير من الفاعلين الخواص في الميدان الصحي إلى مجرد مقاولين يبحثون عن الربح الضخم والسريع دون تقديم خدمات صحية في المستوى المطلوب، و دون استحضار البعد الإنساني و الوفاء بقسم الطبيب، بل تتخلل عملية الاستشفاء هذه في العديد من المرات مبالغات كبيرة في فواتير الاستشفاء في ظل غياب رقابة الدولة وصرامة القوانين، إنهم يفعلون ما يشاؤون بصحة المواطن الذي لا حول له و لا قوة.بالطبع لست أعمم هذا الوضع على الجميع، لكنني أرصد واقعا أليما نعيشه في حياتنا اليومية. وهنا أشير إلى حالة إنسانية لا زالت تنتظر قدرها إلى حد كتابة هذه السطور، "حالة المواطنة يسرى الحبشيالبالغة من العمر 34 سنة و الأم لطفلين و الحامل في شهرها السابع"، و التي ترقد بأحد المستشفيات الخاصة بمدينة الدار البيضاءبعد أن أصيبت بداء إتش1 إن1، فأسرتها بين نارين: نار تدهور صحة الأم وإمكانية فقدانها، و نار ارتفاع فاتورة الاستشفاء بشكل مهول، دون أن ننسى الرقم الخيالي اللازم لرعاية الطفل إن قدرت له الحياة لأنه من الأطفال الخدج (6000 درهم يوميا و طيلة شهرين)، علما أن إمكانيات الأسرة متواضعة جدا و لا تقدر على هذا الأمر.و إن حدثوك عن الجهات المسؤولة فهي غائبة حتى و إن تعلق الأمر بهذا الوباء الخطير الذي يفترض تحركا سريعا من الجهات المسؤولة. أيها المسؤولون كفى استهتارا بأرواح المواطنين؟