حادثة تازة ليوم الجمعة الأخير، لن تمر كسابقتها، وقد تتسبب في إضراب وطني مطلع شهر أكتوبر القادم ، ليس من قبل عائلات الضحايا ، بل من جانب السائقين ، يوم أمس شهدت الدارالبيضاء اجتماعا وطنيا لنقابات و مهنيي النقل وسائقي حافلات المسافرين ، وتقرر تنظيم إضراب وطني في فاتح أكتوبر القادم ، بسبب الإحتجاج على عدم تفعيل البنود المتعلقة بتحديد المسؤوليات في حوادث السير 0 قرار الإضراب هو نوع من التنديد بتحويل السائقين إلى أكباش فداء، رغم محدودية مسؤوليتهم عن الحوادث أو كونهم غالبا من بين الضحايا، يقول عبد العالي خافي رئيس المجلس النقابي المشترك لنقل المسافرين، مؤكدا للأحداث المغربية أن النقابات، وفي حال عدم استجابة الوزارة للقاءات جادة وفعالة مع نقابات السائقين ستعمد كذلك إلى شن سلسلة إضرابات خلال عيد الأضحي، الفترة التي تعرف ذروة التنقلات على الصعيد الوطني 0
الغضب والإحتجاج على الوزارة كان العنوان الأبرز لإجتماع أمس، المهنيون نددوا بعدم تنفيذ الوزارة لكافة بنود مدونة السير، خاصة الشق المتعلق بالسلامة الطرقية، كما احتجوا على تكوين لجنة تقنية بوزارة النقل، تضم أرباب نقل المسافرين، وتتجاهل السائقين رغم أنهم المعنيون رقم واحد بهذا الملف، و من بين المطالب أيضا إصدار مرسوم لوزير النقل والتجهيز يحدد بشكل واضح ، هل يمكن أداء ثمن تذكرة عن الأطفال الصغار أقل من أربع سنوات، حتى يقنعون به زبنائهم من الركاب ، أم أنهم معفيون من هذا الإجراء، حتى يواجهوا أعوان المراقبة الطرقية عند تسجيل مخالفات ضدهم 0
وكان يوم الجمعة الماضي شهد حادثة تسببت في إصابة 32 شخصا بجروح متفاوتة الخطورة، جراء انحراف حافلة لنقل المسافرين عن مسارها، مصادر رسمية عزت الحادث لعدم تحكم السائق في الحافلة، جراء السرعة المفرطة، على مستوى الطريق الجهوية رقم 505 ، بالقرب من منطقة تيزي وودرن بدائرة أكنول التابعة لإقليم تازة، حيث هرعت عناصر الوقاية المدنية إلى عين المكان، ونقلت المصابين إلى المستشفى الإقليمي ابن باجة لتلقي العلاجات الضرورية، علما أن ثلاثة أشخاص لقوا مصرعهم، وأصيب 27 آخرين بجروح، في حادثة سير وقعت بنفس المنطقة، في شهر أبريل الماضي 0
حادثة تازة شبيهة تماما بحادثة تيشكا، من حيث ظروفها العامة حيث أن السائق كان قد غادر مدينة مكناس في حدود الساعة الثامنة مساء ووصل إلى مدينة الناظور حوالي الساعة الرابعة صباحا، قبل أن يغادر نفس المحطة مجددا في حدود الساعة السادسة صباحا أي بفارق ساعتين فقط، لكن نظرا لوعورة المسالك والطريق على جبال الريف ، فقد نال التعب قدرا كبيرا من السائق، بعد أكثر من 12 ساعة سياقة، مما جعله يفقد التحكم في الحافلة وينزلق إلى أحد الأخاديد الجانبية، ولولا الألطاف الإلهية لكانت الفاجعة ولخلفت الحادثة عددا مماثلا من ضحايا تيشكا 0
الحادثة في هذا التوقيت بالذات، تثير تساؤلات كبيرة حول جدوى الإجراءات التي تحدت عنها الجميع في أعقاب حادثة تيشكا وكذا، تشديد المراقبة وغيرها من التدابير التي تحدث عنها مسؤؤلو وزارة النقل ، فهل شركات نقل المسافرين، تحترم فعلا ساعات العمل، علما أن مضامين مدونة تلزمها ، باشتغال السائق 4 ساعات ونصف، يرتاح بعدها ل 45 دقيقة ، ويعمل مجددا ل 4 ساعات ونصف، أي بمجموع تسع ساعات في اليوم، يرتاح بعدها 11 ساعة متصلة، لكن اليوم لايزال السائقون يعملون حوالي 13 أو 14 ساعة متواصلة دون فترات راحة 0
بعض الشركات التي تستغل خطوط نقل مسافرين طويلة، ترفض لحد الآن تطبيق توظيف سائقين اثنين في كل حافلة، وتفضل الإعتماد على سائق واحد ومساعد فقط ، لمسافات طويلة جدا، وهو ما يهدد سلامة الركاب ويعرض حياتهم للخطر، فهل يتم إتخاذ تدابير جذرية لمواجهة حرب الطرق، أم أن إراقة الدماء ستتواصل، وفي كل مرة تطلع علينا بلاغات رسمية ، ترجع أسباب الحوادث للسرعة وعدم التحكم في العربات، في انتظار فواجع جديدة ؟