جمع الشاب المسمى "صفوان"، الملقب ب"السيمو" ثروة طائلة من خلال عملياته وصفقاته وتجارته. مع مرور سنوات النعيم بدأ السيمو يطلق عنان نزواته بشكل هستيري، صار لا يستحيي من ممارسة مختلف أشكال الرذيلة منفسا عن مكبوتاته التي استفاقت من كمونها بحكم فتنة المال والنعم. كان السيمو يقضى معظم لحظاته متنقلا من ملهى إلى ملهىََ ومن ناد إلى 0خر. صاحب كثيرات، وضاجع الكثيرات. عندما يمشي في الشارع، كان يتقمص شخصية الأنيق ليتحرش بالنساء، لدرجة أصبح معها يوصف بزير النساء من كثرة العلاقات التي أنشأها مع الإناث، فجل علاقاته كانت تبدأ بعرض{ظاهره تعارف لأجل الزواج وباطنه ممارسة العلاقة الجنسية فقط}، فهو يعتقد أن جل الفتيات لا يستحقنه، بل يستحقن عشرته الحلال والتنعم بثروته مادام أنهن قد وقعن في فخ من فخاخه التي لطالما ينصبها هنا وهناك. أصبح عدد ضحاياه بالمئات، منهن من حملن وقام بإجهاضهن، ومنهن من فقدن عذريتهن بعد أن وثقن في حلاوة لسانه واستقامته الظاهرة. إلا أن واحدة صارت لها معه قصة أكثر مأساوية من جميع ضحاياه. تبدأ قصتها بلحظة حملها منه، لكنها لم تفلح في إجهاض الجنين، فاضطرت لوضع وليدها في بيت أبويها، مما أدى لفتح باب جهنم من المشاكل والم0سي عليها، حاولت التواصل مع السيمو كي تقنعه بضرورة منح الأبوة لولديهما معززة أقوالها بحجج دامغة حسب اعتقادي إلا أن السيمو تنكر للقضية، وأنكر جملة وتفصيلا كونه أبا للوليد، ورغم توجهها بقضية نحو ردهات المحاكم، إلا أنها لم تنل عدالة العدالة بعد إيسدال الستار على فصول تلك القضية. وبفشلها ارتأت الضحية أن تسمى ولدها عبد التواب كإشارة منها لعزمها على التوبة النصوح. لما بلغ السيمو سن الأربعين، قرر إكمال نصف الدين والتوبة النصوح والاستقامة، ولأجل ذلك بدأ عملية البحث عن العفيفة التي تستحق أن يكمل معها المشوار. كلف أمه بعملية التنقيب والفرز لأنها تعرف جيدا ذوات النسب والحسب والأصل من بين معارفها، وهي فقط من تستطيع تحديد معايير زوجة ولدها التائب، والتائب من الذنب كم لا ذنب له. وبعد مدة، اختارت له أمه فتاة خلوقة وحسناء وصغيرة السن، اختارت حملا وديعا لذئب تائب بعد أن فتك بحملان وعنزات كثيرات. فهو وإن كان مذنبا حسب اعتقاده، إلا أنه ما كان يرغم ضحاياه على الخطيئة، بل كل ما تم جرى بالتراضي وبلا أي إكراه. يوم الزفاف أنفق الشاب أموالا ببذخ، فعل ذلك لأنه يحدث الناس بنعمة الله "فأما بنعمة ربك فحدث" صدق الله العظيم، والناس بدورهم يعلمون جيدا أن السيمو رجل كريم وجواد، لأنه لطالما تبرع لبناء جزء كبير من مسجد قريتهم، بالإضافة إلى أنه يغدق على المحتاجين والفقراء القاصدين بيته. ليلة الزفاف، جلس العريس فوق الهودج وجنبه زوجته العفيفة المنتقاة. كانت أعين المدعوين مسمرة عليهما. الموسيقيون يعزفون مقاطع غنائية، والنادلون يوزعون الحلويات والمأكولات الشهية. في تلك اللحظة التاريخية أطل على المشهد طفل صغير رث الثياب، تسلل الطفل من بين الجموع دون أن يعلم الحرس، حتى وصل بهو القصر، فأخذ يرقص بينما سرواله يسقط بعد تمزق الخيط الذي يثبته على خاصرته؛ رغم محاولات الطفل المتكررة في المزاوجة بين الرقص وإمساك السروال كفعل بريء، إلا أن السروال وقع وظهرت عورته لتتحول أنظار الحاضرين نحو مشهد الطفل الصغير وهو عار تماما عوضا عن صورة العريسين والبذخ المصاحب لهما. أمسك الحراس بالطفل عبد التواب، وأخذا يدفعانه نحو الخارج وهو يحاول أن يستدير إلى أن أوصلوه إلى الباب الرئيسي للقاعة. هناك استدار عبد التواب استدارة أخيرة نحو الأب التائب عن ذنوبه إلى التواب، استدار فشاهد صفوان محمولا على الأكتاف في حين هو يرفس بالأقدام، تنهد ولو أنه ما كان يعلم أن الأب التائب، والجدة الحريصة على نقاء وطهارة العائلة، والعدالة الناقصة، والعصر المجحف، جميعهم تكالبوا ليحرموه من الانتشاء بالرقص والتلذذ بالعشاء الفخم. ودع الصغير الحفل الباذخ وهو يحس بلحظة القهر، ومشهد ذلك الشعور يتراءى من خلال وميض بؤبؤى عيناه الدامعتين. مع كل ذلك، فالطفل عبد التواب سرعان ما ابتسم وضحك ضحكة جميلة وبريئة عندما ناوله نادلا طيب القلب لحما وكعكا.
خلاصة القصة هو ما يلي: قبل أن نتوجه إلى الرب التواب طالبين المغفرة عن الذنوب التي ارتكبناها في حق بعضنا لابد أن نعلم أننا مطالبين بإنصاف ضحايانا، مطالبين برد المظالم لأصحابها. فالطفل في هاته القصة يمثل دور الضحية، ضحية بريئة وغير قادرة على الانتقام أو حتى على استيعاب كونها ضحية وكون الهاضم لحقه هو ذلك الأب النرجسي المتعالي الباحث الأنانية. فالطفل قد يكون شعبا بأكمله أو فئات من الشعب، والسيمو قد يكون قاض أو رئيس دولة أو وزير، والحقوق كثيرة أعلاها المال العام.