تتبعنا مؤخرا خروج أحد أعضاء الحكومة المنتمين لحزب العدالة و التنمية في لباس حزبي طبعا، للتنديد بعدم تصريح السلطات للحفل الختامي للملتقى الوطني الثامن لشبيبة حزبه و الذي كان سيقام في ساحة الأممبطنجة، وهكذا فبعد أن وضع السيد بوليف صورة قاتمة عن المغرب حول "الحريات" و التي لا يتولى المسؤولية عنها سوى زميله في الحزب السيد مصطفى الرميد و حول "الصحافة" و التي لا يتحمل مسؤوليتها سوى زميله في الحزب السيد مصطفى لخلفي، حيث جاء على لسانه "أنه في المغرب لا زالت فيه أمور لا تتحسن وأنه رغم كون حزب العدالة و التنمية في الحكومة، فلا زالت هناك قمع لبعض الحريات و بعض الصحفيين" في تصريح غريب من نوعه من حيث الموقع الذي أصبح يحتله هذا الحزب على الساحة السياسية بالمغرب و من الناحية الدستورية. فمن ناحية الموقع، يظهر لنا بخصوص التصريحات الصحفية لبعض أعضاء الحزب بالنسبة لملفات الفساد و نقاشات السيد عبد الإله ابن كيران تحت قبة البرلمان وكذلك الخرجة الغريبة للسيد بوليف، أن الحزب يتخبط في "هوية الموقع الجديد للحزب " على الساحة السياسية و التي هي السلطة التنفيذية أي الحكومة، حيث ينتظر المغاربة من موقعهم الجديد )الحكومة( أجرأة الوعود الانتخابية على أرض الواقع وأن يترك دور المعارضة الذي لم يعد لهم! أما من الناحية الدستورية، و بما أن السيد بوليف تكلم عن دستور 2011 ، فلا بد أن نذكره بما جاء به الدستور بخصوص ربط المسؤولية بالمحاسبة، أي أن هؤلاء الوزراء السيد مصطفى الرميد و السيد مصطفى لخلفي هم المسئولين بقوة الدستور عن أي خلل في التدبير و التسيير لقطاعاتهم أمام الشعب، فلو كنا في دولة ديمقراطية حقيقية، لتم مسائلة الوزيرين عن تصرح الوزير بوليف بخصوص مسؤوليتهما عن القطاعين! وإذ نرى في منع السلطات للحفل الختامي لشبيبة الحزب العدالة والتنمية فيه نوع من المنطق و الموضوعية؛ نظرا لقرب موعد إجراء الانتخابات الجزئية لتجديد انتخاب ثلاث مقاعد برلمانية حيث كان قد فقدها حزب العدالة والتنمية و من ضمنها مقعد السيد بوليف حتى تلتزم السلطة الحياد بخصوص الحملة الانتخابية و التي من الواضح أن الحزب قد استبقها بهذه الخرجة الإعلامية؛ و هكذا فبعد استخدامه للتماسيح كرمز للشخصية الفاسدة حيث ما فتئ يتكلم عنها في كل مناسبة ، فلقد ارتأى هذه المرة الاستعانة بها ولكن هذه المرة بدموعها فقط للدفاع عن أحد أهم قلاع حزب العدالة والتنمية و التي هي طنجة. و هنا يمكننا طرح بعض التساؤلات: *هل كان حزب العدالة والتنمية سيرضى بقيام أحد منافسيه بنشاط في ساحة عمومية و الحملة الانتخابية الجزئية على الأبواب، أم سيسكن هذه المرة العفاريت للدفاع عن حقه في حياد السلطة بعدما استعمل دموع التماسيح للتعبير عن تظلمه ؟ *لماذا اختار الحزب بالضبط السيد نجيب بوليف دون باقي الأعضاء لتمرير رسائله الغريبة رغم غيابه الواضح في الصحافة؟ *و لأن في لحظة "المنع" استحضر السيد نجيب بوليف الدستور في ما يخص الحريات و الصحافة من أجل الدفاع الذاتي عن الحزب ، لماذا لم يستحضر السيد الوزير ما يخص مسؤوليته عن الحكامة الجيدة بخصوص ارتفاع أسعار المحروقات و ثمن وسائل النقل والمواد الاستهلاكية و تأثيرها على المواطن ؟ *لماذا لم نسمع بحبحة حنجرة السيد بوليف للنضال بخصوص الحريات و الصحافة في مناسبات عدة كتدخل الأمن لتفريق المعطلين، أو الاعتداء على الصحافة يوم تعبير بعض الشباب عن عدم رضاهم عن التقاليد التي تخص طقوس البيعة؟ إن ممارسة دور الضحية و توظيف "نظرية المؤامرة" على الحزب قد يكون لهما دور فعال من أجل كسب التعاطف الشعبي في حالة "موقع المعارضة"، أما و أن الحزب يتكلم من "الموقع الحكومي" فأكيد يا سادة أنه من غير المعقول " الأكل و الصراخ معا"، و من اللامنطق إظهار "أدوات النضال" للوصول إلى الكراسي، في حين يتم إظهار "الأذكار الدينية" لإسكات أصوات الشعب من قبيل "الرزاق الله" بخصوص أزمة التشغيل و "عفا الله عما سلف" بخصوص محاربة الفساد !