في فصل جديد من المواجهة بين الدولة وحزب العدالة والتنمية، أقدمت وزارة الداخلية، في خطوة غير متوقعة، على منع الحفل الختامي للملتقى الوطني الثامن لشبيبة الحزب المذكور، الذي كان منتظرا أن ينظم أول أمس السبت بساحة الأمم في طنجة، بحضور رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران. وقد خلّف قرار منع هذا النشاط لحزب يرأس الحكومة موجة احتجاج واستياء كبيرة داخل قياديي العدالة والتنمية ومناضليه، فيما وصف عبد العزيز أفتاتي، القيادي في الحزب نفسه، قرار المنع ب«السّفيه»، كما وصف متخذيه ب«السّفهاء». ودعا أفتاتي، في تصريح ل«المساء»، أعضاء حزبه في جميع مناطق المغرب، من طنجة إلى الكويرة، إلى الانتفاضة ضد ما أسماه «المخزن الحكار والمتسلط»، مضيفا أن حادث المنع هو إهانة للحزب وإهانه لأمينه العام عبد الإله بنكيران وإهانة لوزرائه، لأن الأمر يتعلق بمنع طال الرجل الثاني في هرم الدولة بعد الملك»، مشددا على القول «إن هذا القرار سياسي ولم يُتّخَذ في طنجة وإنما اتخذ على مستويات عليا». ومن جانبه، تفادي عبد الإله بنكيران، في كلمة مقتضبة، في الحفل الختامي، الذي تم نقله إلى قاعة بدر بعد قرار المنع، الخوض في هذه القضية، لكن شباب الحزب احتجوا عليه وقاطعوه أكثر من مرة لإرغامه على الحديث في موضوع المنع، بل إن بعض الشباب انتفضوا في وجه بنكيران عندما أخذ يتحدث عن العلاقة الودية التي تربط بين الحزب والملك، حيث ظل بعضهم يصرخون: «لماذا مُنعنا اليوم من الساحة العمومية يا رئيس الحكومة؟».. حينها، اضطر بنكيران إلى الرد عليهم بالقول: «لا تدَعوهم يفسدون عليكم فرحة نجاح ملتقاكم، ولا تضيّعوا الوقت بمثل هذه الأسئلة». وقال بنكيران إن «الحزب مر بأيام عصيبة، لكن أياما عصيبة أخرى قد تأتي، لذا على شبيبة العدالة والتنمية أن تتشبث، دائما، بمبادئ الحزب»، مضيفا أن حزبه لن يتخلى عن «مسؤوليته التاريخية» وأنه سيتحملها ب«شجاعة واعتدال في إطار احترام الثوابت والمقدسات». وبدروه، انتقد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات وعضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية، قرار المنع الذي تعرّضَ له هذا الحفل، وقال، في تصريح خاص ل«المساء»، إن هذا المنع ليس له أساس قانوني وغير معقول وغير مقبول أيضا». ولم يخلُ رد فعل عبد الله بوانو، القيادي في الحزب، من انتقادات مباشرة للحكومة التي يرأسها حزبه ولوزارة الداخلية، عندما قال إن «منع حفل اختتام شبيبة العدالة والتنمية مؤشر آخر مقلق على عودة التحكم وانزعاج قوى الردة من الإصلاحات التي جاءت بها الحكومة الحالية». وقال بوانو إنه «لا يُستبعَد أن يكون سبب المنع هو الانتقادات التي طالت طقوس الولاء للملك خلال هذا الملتقى». وفي السياق نفسه، قال نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، تعليقا على قرار المنع، خلال ندوة الوزراء، التي نُظّمت في صباح اليوم الختامي: «أنا مرتاح من الناحية البيداغوجية للمنع الذي طال نشاط شبيبتكم، لأنه سيجعلكم تتأكدون أن القمع ما يزال موجودا وألا تتوهموا أن المغرب صار بخير». وتابع بوليف قائلا: «حذار من أن تحملوا صورة مغلوطة، فالمنع ما يزال موجودا وقمع الصحافيين ما يزال مستمرا والمسيرة ما تزال في بدايتها». إلى ذلك ثمنت أحزاب المعارضة، ممثلة في الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، موقف السلطات القاضي بمنع نشاط شبيبة العدالة لأن هذا النشاط، حسب قولها، هو حملة انتخابية سابقة لأوانها، في إشارة إلى موعد إجراء الانتخابات الجزئية بجهة طنجةتطوان، المرتقب في أكتوبر المقبل. وينتظر أن تصدر الأحزاب الثلاثة بيانا تعتبر فيه هذا الحفل غير قانوني وتتهم فيه رئيس الحكومة بخرق الدستور.