أحدهم كتب رسالته في اسطنبول، و أقحم دولتين باتتا تحتكران بعضا من المشهد الإقليمي، تركيا أوردغان تمايلت يمينا و يسار في بوصلة التحالفات خلال السنتين الماضيتين، فكانت أقرب إلى الحرب ضد روسيا بعد حادثة اسقاط الطائرة، ثم تغير الموقف لتصبح أحد أطراف تحالف ثلاثي يهيمن على ناصية القرار في المشهد السوري، السعودية خرجت من تدخلها في سوريا، لترمي بقوتها في اليمن، ثم تتجه نحو إيران و من ثم قطر، و تقدم لترامب مزيد المال، فيعلن هو صراحة أنه لن يجعل ملياراتها لغيره كروسيا و الصين.... 1818 كانت سنة سقوط الأسرة السعودية الأولى على يد الجيش العثماني، كثيرون ممن يجاهرون اليوم بعدائهم للسعودية، خاصة من الإخوان، يرغبون في تكرار الحادثة بعد مرور 200 سنة، من الصعب التكهن بذلك. فرسالة اختفاء خاشقجي قد ترمي بشواظ من نار أحمق على الجبهتين لكنها لن تصل إلى حالة الصدام المباشر، أوردغان ليس بالحمق الذي يدخل في حرب لمجرد أحلام شباب مبعد... أخطأت السعودية في تحالفها مع الامارات دون قطر، فالأخيرة تملك ما لا تملك الأولى، و أخطأت الكبرى حين أقحمت تركيا في حربها المشتتة، فتوارت إيران عن الأنظار، و انقلب التحالف الثلاثي إبان حالة الصفاء الإخواني الأميري إلى عداء تجر إليه المملكة والجمهورية، فتستفيد القوى الغربية و الإقليمية غير تركيا و السعودية، و يعبر عن ترامب عن قمة هذا الابتزاز صراحة حين يتحدث عن السلاح، و ما يعنيه مقتل صحفي مارق في دولة تناكفه تارة و تواليه تارة، فتمارس عنتريتها القومية باسم الكبرياء العصملي، و تطلق سراح قس أمريكي في ظلمة الأحداث، و غولن في واشنطن لم يبرحها بعد. من المؤسف أن تنقلب القوى التي يرجى منها الريادة بعد امتلاكها لمؤهلات القوة، في حروب وهمية بدوافع سلطانية و أوامر أميرية، فما تستفيد الصغرى و إعلامها يجد و يستجد نكاية في محاصرة المقترف الخاطئ البليد في قتلته إن صحت، غير رد كف الحصار القاصم لظهر مجلس التعاون، آخر لبنة الاجتماع العربي على تحالف و تضامن.... قتل خاشقجي أو اختطف، تشابه القصة مقتل الحريري، فبمقتله مزال لبنان على مافيه من هشاشة الاتفاق في أزمة داخلية تقسمه نصفان على أنصاف الحرب الأهلية، و بمقتله خرجت سوريا من لبنان... قتل خاشقي، و تورطت الرياض شاءت أم أبت، و تورطت تركيا أرادت أم لم ترد، و القضية بمآلاتها تحمل خبران، خبر يسر البعض و خبر يحزن البعض، هل هي نهاية الأمير؟ أم بداية لمغامرته في حرب ضد تركيا و الصغرى؟ و كيف سيتعامل أوردغان بدهائه و تقلبه، فهل يعبر بدولته مأزق التوريط، أم يسافر في عنترياته ضد المملكة؟
البادي للعيان أن الرياض ستدفع ثمنا كبيرا، ينعكس على منظومتها الداخلية قبل أزمتها الخارجية، فالأمر سيرتد في مملكة لم تألف هذا النوع من المغامرات الطائشة...