مع انتشار ظاهرة السمنة في الكثير من المجتمعات التي باتت وبالاً عليها من الناحية الصحية، بدأ الكثيرون ينتهجون أنظمة غذائية للتنحيف والمحافظة على الوزن، ومن هذه الأنظمة "التغذية منخفضة الدهون" التي تقوم على التقليل قدر الممكن من الكربوهيدرات. هذه الطريقة تنتهي بالغالب بفرص نجاح كبيرة في التخلص من الدهون الزائدة، إذ أكتشف الدارسون أن الكربوهيدرات تقلل من حرق الدهون، لأن الجسم يزيد من إنتاج الأنسولين في الدم، وهو ما يحول الكربوهيدرات إلى أنسجة دهنية ويخزنها الجسم، وبالتالي زيادة الوزن.
لكن دراسة أمريكية جديدة، نُشرت اليوم الاثنين (27 آب/ أغسطس 2018) في دورية لانسيت للصحة العالمية، أتت لتدمر هذه الصورة الجميلة عن التغذية منخفضة الدهون، إذ توصل باحثون إلى أن هذا النوع من الحمية يقود في الغالب إلى جعل الحياة أقصر. وبحسب الباحثين في مستشفى بريغهام أند ويمن في بوستون الأمريكية، فإن فهم تأثير الكربوهيدرات يتسم بالتناقض حتى وقت قريب، الأمر الذي دفعهم إلى مراجعة الكثير من الدراسات الأخرى التي تسلط الضوء على آثار الكربوهيدرات. كما راجعوا نتائج تجارب تتناول طبيعة تغذية الشعب الأمريكي وأُجريت بين عامي 2012 و2017. ومن خلال ذلك فقد سلطوا الضوء على نحو 400 ألف شخص وطبيعة سلوكهم الغذائي، وكان بينهم نحو 40 ألف شخص كانوا قد توفوا بالفعل. وخلصت الدراسة إلى أنه ليس الكمية القليلة من الكربوهيدرات تقود إلى زيادة احتمالية الوفاة، وإنما التغذية البديلة لها التي تقوم على زيادة استهلاك البروتينات والدهون الحيوانية. وعليه: من يتناول هذه الدهون عوضاً عن السباغيتي والخبز والبطاطا، فإنه يجعل حياته أقصر بمعدل أربعة أعوام. لكنها كشفت أيضاَ أن التغذية منخفضة الدهون يمكن أن تكون إيجابية أيضاً. فمن يتناول كمية أكثر من الدهون والبروتينات النباتية مقارنة بالحيوانية، فإنه يمكن أن يعيش لفترة أطول. كما ان كمية الكربوهيدرات المُتناولة ترتبط أيضاً بالمعدل العمر.
وجاء في ختام الدراسة: "توضح النتائج التي توصلنا إليها أن هناك علاقة بين متوسط العمر وتناول الكربوهيدرات. إن معدل العمر يزداد لدى الأشخاص الذين يتناولون الكربوهيدرات بنسبة 50 إلى 55 بالمائة".