رفع قيمة تعويض الأخطار المهنية للممرضين والإداريين والتقنيين.. وإقراره لأول مرة للأساتذة الباحثين بالصحة    الحكومة تكشف: كلفة الحوار الاجتماعي تصل إلى 46.7 مليار درهم بحلول 2027    عامل إقليم سيدي إفني يفتتح الدورة التكوينية الخامسة من منتدى الصحراء المغربية الدولي للصحافة والاعلام    بايتاس: الاعتمادات الجديدة في الميزانية ممولة من الضرائب لسد الالتزامات ودعم القدرة الشرائية    الأخضر يوشّح تداولات بورصة الدار البيضاء    واتساب تطلق ميزة الخصوصية المتقدمة للدردشة    الوداد ينفصل عن موكوينا ويفسح المجال لبنهاشم حتى نهاية الموسم    أسرة ياسين الشبلي تطالب بإعادة التحقيق في قضية مقتل ابنها تحت التعذيب بمخفر للشرطة    الوكيل العام باستئنافية مراكش يأمر بفتح تحقيق في قضية تصوير محام مكبل اليدين داخل سيارة شرطة    إحباط محاولة لتهريب أزيد من 11 ألف مفرقعة بميناء طنجة المتوسط وتوقيف فرنسي من أصل مغربي    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    نبيل باها: الأطر المغربية تثبت الكفاءة    مسؤولون مغاربة يستعرضون رهانات البنية التحتية قبل "مونديال 2030"    المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة يتوجه إلى مصر للمشاركة في كأس إفريقيا    جلالة الملك يعطي اليوم انطلاقة أشغال خط القطار الفائق السرعة بين القنيطرة ومراكش    بنكيران يدعو إلى جمع المساهمات من أجل تغطية مصاريف مؤتمر "البيجيدي"    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    جماعة بوزنيقة تؤجل جلسة كريمين    مؤشر ثقة الأسر يتحسن في المغرب    رئيس الحكومة يقف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    الوداد البيضاوي ينفصل عن موكوينا بالتراضي ويعين بنهاشم بدلا منه    منظمة دولية تندد ب"تصعيد القمع" في الجزائر    أخنوش يترأس جلسة عمل للوقوف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    الملتقى الدولي لفنانين القصبة بخريبكة يؤكد ضرورة الفن لخدمة قضايا المجتمع    الكتاب في يومه العالمي بين عطر الورق وسرعة البكسل.. بقلم // عبده حقي    المجلس الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى احترام حق الجمعيات في التبليغ عن جرائم الفساد    نائب عمدة الدار البيضاء يتهم محسوبين على "جماهير الحسنية" بتخريب بعض مرافق ملعب محمد الخامس    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    المهدي الفاطمي يسائل وزير الصحة حول الصحة النفسية بالمغرب وأخطار الإهمال.. 'سفاح بن أحمد نموذجا    20 مليار مقطع فيديو حُمّلت على "يوتيوب" منذ إطلاقه قبل 20 سنة    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    وزراء الخارجية العرب يشيدون بالجهود المتواصلة التي يبذلها الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس من أجل الدفاع عن القدس الشريف    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    روبي تحيي أولى حفلاتها في المغرب ضمن مهرجان موازين 2025    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    سلسلة هزات ارتدادية تضرب إسطنبول بعد زلزال بحر مرمرة وإصابة 236 شخصاً    المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة: المغرب نموذج بارز للابتكار    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    الجيش المغربي يجري مناورات "فلوطيكس 2025" في المتوسط لتعزيز جاهزية البحرية    اتحاد طنجة يحتج بشدة على "المهزلة التحكيمية" ويطالب بفتح تحقيق عاجل    شراكة رائدة بين بيوفارما و الفدرالية المغربية لمربي أبقار سلالة أولماس – زعير لتطويرهذه السلالة المغربية    خالد بوطيب يجبر فيفا على معاقبة الزمالك    الصين تعلن عن التجارب الجديدة لعلوم الحياة في محطة الفضاء    السبتي: العنف الهستيري ضد غزة يذكّر بإبادة الهنود الحمر و"الأبارتايد"    "الذكاء الاصطناعي" يرشد الفلاحين بالدارجة في المعرض الدولي بمكناس    برادة يحوّل التكريم إلى "ورقة ترافعية" لصالح المغاربة و"اتحاد الكتاب"    مشاركة OCP في "سيام".. ترسيخٌ للعنصر البشري في التحول الفلاحي    مقاضاة الدولة وأزمة سيادة القانون: الواقع وال0فاق    الحكم الذاتي والاستفتاء البعدي!    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف الطفل المتعلم: الإصرار والتحدي
نشر في أخبارنا يوم 16 - 06 - 2018

كثيرا ما ينادى بإلزامية التعليم كحق مشروع لكل طفل، رُفعت

شعارا في العديد من المواثيق و المعاهدات والمنظمات الدولية... وهو الأمر نفسه الذي نادي به المغاربة منذ خروجهم من كبوة الاستعمار، وجعلوها مبدأ مهما وأساسا من الإصلاحات التي طالت مجال التعليم آنذاك، أي لكل طفل مغربي الحق في ولوج المدرسة المغربية دون قيد. لكن السؤال الذي يبقى مطروحا: هل الأمرُ ميّسر لجميع الأطفال وفي جميع المناطق؟؟ وفي المقابل، هل جميعهم يتمتعون بنفس الظروف المهيأة للعملية التعليمية التعلمية؟؟

يعتبر محظوظا من توفرت له الظروف الاجتماعية والنفسية والمادية التي تخلق له جوا ملائما للإقبال بأريحية على العملية التعليمية التعلمية، بكل جد ونشاط وقابلية. لكنّ الحال أن هناك من المتعلمين من تنعدم له هذه الشروط بثاتا، فالأطفال الذين جادت عليهم الأقدار بأن ينتموا إلى العالم القروي، خصوصا الذين يقطنون القرى النائية، خير دليل على ذلك، أولئك الذين يجاهدون ويتعبون و يضحّون ويعانون من أجل الظفر بما ينوّر أفهامهم، ولو بنذر يسير رغم أنف الظروف وبمعزل عن الدعم والتشجيع الكافي.

يوسف متعلم بالمستوى الرابع إبتدائي واحد من بين هؤلاء، يدرس بمدرسة قريته التي تنأى عن منزله بحوالي كيلومترين، يقطعها أحيانا غلى قدميه وأحيانا ممتطيا درّاجته الصغيرة الهوائية، تلك التي بدأ يتآكل هيكلها الحديدي شهورا تلو شهور، غير أنها ظلت وفية و مساندة له، يمتطي كرسيها الصغير بكل ثقة وحزم وأمل. أراه مقبلا على دراجته،

ينفطر قلبي تحسرا عندما أبدا، يخفي وراءها مسحة وعلى محياه ابتسامة لا تفارقه أخرى. فبالرغم من كل ما من الحزن والتعب وأشياء ابتسامة وجهه الأغبر وشعره يقاسيه يظل محافظا على همّا أكبر، وخلفه أخوه الأشعث، حاملا في صدره بالمستوى الأول، و الذي الصغير الذي يدرس أحيانا إلى المدرسة. يتكلف مهمة إيصاله معه

غالبا ما يصل يوسف إلى المدرسة متأخرا، يسرع في خطى ثابتة ليلقي بجسمه المنهوك على المقعد، ويخرج كتبه وأدواته، وعيناه فاحصتان على ما وضع على ظهر طاولة مجموعته، ومصوبتان طورا على السبورة وتارة على وجوه زملائه خاصة على وجه المميز المجد في الفصل، ليتدارك بهما ما فاته من أعمال. وعندما أستفسره الأمر يجيبني بأنه استيقظ مبكرا، وقام ببعض المهمات، كأن يخرج الماشية إلى المرعى ويعيدها إلى الحظيرة، وأحيانا ينشغل بجمع الحلزون، أو لقطف البقول أو السلق ليبيعها، تختلف تلك المهام حسب الفصول والمناسبات؛ ليوفر لنفسه بنفسه ما يحتاجه من ملبس وكتب وأدوات تخفيفا من عبء الأسرة.

الجميل في الأمر، ورغم كل هذه الظروف، أجد يوسف يكافح بكل ما أوتي من طاقة وقوة من أجل المنافسة الشديدة والشريفة مع زملائه، منتظرا منّي التشجيع والثناء بعينيه اللامعتين المغرورقتين، و الذي لا أبخل به عنه ولو بابتسامة، فيزيده حزما وإصرارا.

كل هذه الظروف جعلت فهم واستيعاب يوسف للدروس متأخرا، فغالبا ما يطلب مني في أدب بأن أعيد له الشرح، وتارة يندفع إلى السبورة دون وعي ليستفسر عن شرح أو عمل مطلوب منه حتى يستوعبه مرارا وتكرارا، ظل على تلك الحال، مصرا ومكافحا و مواظبا، إلى أن أصبح يحتكر الرتبة الثانية التي طالما تنافسها مع أحد الزملاء باستحقاق.

صحيح أنه يستفيد من " تيسير" تلك المبادرة الحسنة التي تقوم بها الدولة، لكن تبقى تلك الاستفادة غير كافية، تسد الأسرةُ بها رمق عيشها و التي تكون ولا شك في أمس الحاجة إليها....

إنها ولاشك الطفولة المغتصبة، الطفولة التي سرقت من يوسف براءته و أحلامه، سرقت منه تمتعه بلعبه، و ارتواءه من حنان أبويه، و تشبعه من حضن الأسرة التي لا يضاهيه كنوز الدنيا.

أفلا يحق لهذا الطفل المكافح أن يعيش طفولة بريئة؟ ألا يحق له أن يلعب ويتمتع ؟؟ و أن يرتع مع أترابه؟؟ ألا يحق له أن يدرس في جو وظرف مناسبين؟؟ألا يستحق دعما وعناية كافية؟؟ لما يتحمل همّا أكبر من همه؟؟ لما سرقت منه طفولته التي هيأته قصرا ليتحمل هما أكبر من حجمه؟؟...

كثيرة هي الأسئلة التي تسقط تباعا، ولكن ما يسعني إلا أن أدعو له بالتوفيق و أتمنى ألا يضيع عناءه سدى كما ضاع لأجيال قبله، وأن لا يملّ من كدّه وأمله أبدا مهما اختلفت الظروف كما فعل نبينا يوسف عليه السلام، كيف لا واسمه حمله تيمنا به.


فألف ألف تحية وتقدير لهذا الطفل المتحدي المناضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.