أنبوب غاز سيمتد على طول 5660 كيلومترا بين نيجيريا والمغرب وسيمر هذا الأنبوب بكل من بينين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا. وسيتم "تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجات المتزايدة للدول التي سيعبر فيها وصولاً إلى أوروبا خلال ال 25 سنة القادمة". هذا المشروع تم التوقيع عليه في الرباط وذلك بمناسبة زيارة رسمية لمدة يومين يقوم بها الرئيس النيجيري محمد بخاري إلى المغرب. وكان أعلن عن مشروع أنبوب الغاز في ديسمبر 2016 بمناسبة زيارة لملك المغرب إلى أبوجا حيث التقى محمد بخاري في تحسن ملفت للعلاقات بين البلدين. وتم إطلاق دراسة الجدوى في مايو 2017. وكان المغرب الذي يخوض منذ سنوات حملة دبلوماسية في القارة، قد عاد في يناير 2017 إلى الاتحاد الإفريقي واستعاد علاقات كانت باردة مع دول ناطقة بالإنكليزية على غرار نيجيريا. فما هي الجدوى الاقتصادية والاستراتيجية لهذا المشروع بالنسبة للمغرب؟ وهل سيضر هذا المشروع بالمصالح الجزائرية، خاصة وأن الجزائر هي أكبر مصدر للنفط والغاز إلى أوروبا؟ الرابحون من نيجيريا إلى أوروبا على الرغم من الاسئلة المتعلقة بمدى واقعية هذا المشروع من عدمه، وإمكانية إنجازه في ظل المدة المحددة، إلا أنه "يبقى مشروعا اقتصاديا طموحا بامتياز ومربحا لكل الدول التي يشملها، سواء المصدرة للغاز الطبيعي أو للدول المستهلكة له"، هكذا يختصر عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي في الرباط، الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع. فنيجيريا ودول إفريقية أخرى تبحث عن ممر استراتيجي لإيصال الغاز الطبيعي الإفريقي إلى أوروبا التي تعد واحدة من بين اكبر المستهلكين لهذه المادة الحيوية في العالم. بينما ترى أوروبا في المشروع واحداً من بين الخيارات التي قد يخفف عنها التبعية لروسيا في مجالي الغاز والنفط، كما وضح الأستاذ مصباح مناس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر، فألمانيا وحدها تستورد نحو 30 بالمائة من احتياجاتها النفطية والغازية من روسيا، الأمر الذي دفعها إلى البحث عن بدائل أخرى، خاصة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وما صاحبها من ضم روسيا لجزيرة القرم. البعد إفريقي.. والمعادلة راسخة! مما لا شك فيه أن هذا المشروع سيفتح الباب أمام المغرب للدخول بقوة إلى منطقة غرب إفريقيا من بوابة الغاز النيجيري، ويسعى المغرب ليكون ضمن مجموعة دول غرب إفريقيا الاقتصادية، وهي سوق نشطة وواعدة في القارة الإفريقية، ما يعني أن التوجه الجيو- استراتيجي للمغرب بات يركز على العمق الإفريقي بدلاً من التركيز على العمق المغاربي، وهنا يؤكد عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الرباط، أن هذا التوجه ليس بجديد، "فحينما عاد المغرب إلى الاتحاد الأفريقي وطلب الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا، حينها حسم المغرب أمره بتوجه للعمل أكثر مع دول القارة الإفريقية. وهذا المشروع جاء ليكرس هذا التوجه، إذ من خلال هذا المشروع سيجني المغرب العديد من المصالح، خاصة تنويع مصادر الطاقة، خاصة في ظل ضبابية العلاقات القائمة بينه وبين الجزائر".
وفي ذات الصدد يرى الأستاذ مصباح مناس، أن المغرب يبحث عن خطط بديلة لتخلص من تبعيته للغاز والنفط الجزائريين، مشيرا إلى أنبوب الغاز الجزائري الذي يمر عبر المغرب باتجاه إسبانيا ومن ثمة إلى أوروبا. فيما يشكك الأستاذ مناس في إمكانية تأثير مشروع أنبوب نيجيريا- المغرب على مكانة الجزائر الاستراتيجية كدولة مصدرة للنفط والغاز إلى أوروبا. وهو ذات الأمر الذي يركز عليه عبد الخالق التهامي، أستاذ الاقتصاد في جامعة الرباط، بأن الجزائر ليست الخاسر من خلال هذا المشروع، بل هو حافز للمغرب والجزائر لإعادة النظر في السياسات القائمة، وفهم المعادلة القائلة بأن المصالح الجزائر تمر عبر المغرب، وأن مصالح المغرب تمر عبر الجزائر".