الطالبي العلمي: لم نعد نقبل الفقر في المغرب وبرامج الحكومة ستغير بنية المجتمع    الوداد يوضح رسميا بشأن وضع موكوينا ويؤجل فسخ عقده إلى نهاية الموسم    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    عودة الكهرباء إلى معظم أنحاء إسبانيا .. ماذا نعرف حتى الآن؟    البرلمان الكولومبي يجدد دعمه للوحدة الترابية للمملكة المغربية    "كان" الشباب.. المنتخب الوطني المغربي يواصل تحضيراته استعدادا لمواجهة كينيا بعد غد الخميس    أرسنال يستضيف باريس سان جرمان في أولى مواجهتي نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    الحسيمة: إطلاق حملة واسعة لتحرير الملك العام استعدادًا لموسم الصيف    مهرجان كان السينمائي.. لجنة تحكيم دولية برئاسة جولييت بينوش وعضوية ليلى سليماني    مؤسسة المقريزي تسدل الستار على الأسبوع الثقافي الرابع تحت شعار: "مواطنة تراث إبداع وتميّز"    50 من موظفي الأونروا في غزة تعرضوا لسوء المعاملة في سجون إسرائيل    المكتب الوطني للمطارات يعلن عن عودة الوضع إلى طبيعته في كافة مطارات المملكة    شباب خنيفرة يسقط "الكوكب" ويحيي الصراع على الصعود    لقاء علمي بجامعة القاضي عياض بمراكش حول تاريخ النقود الموريتانية القديمة    عودة حمزة مون بيبي : فضيحة نصب تطيح بمؤثر شهير في بث مباشر وهمي    بعد انقطاع كهربائي غير مسبوق.. هكذا ساعد المغرب إسبانيا على الخروج من "الظلام"    السايح مدرب المنتخب النسوي للفوتسال: "التأهل للنهائي إنجاز تاريخي ونعدكم بالتتويج بلقب الكان.. والفضل يعود لهشام الدكيك"    منظمة العفو الدولية: "العالم يشاهد عبر شاشاته إبادة جماعية مباشرة في غزة"    وزير التعليم يربط تفشي العنف المدرسي بالضغط النفسي    مراكش: تفاصيل توقيف أستاذ جامعي يشتغل سائق طاكسي أجرة بدون ترخيص    "الجمعية" تحذر من انفلات صحي واجتماعي بالفقيه بن صالح    كيوسك الثلاثاء | بنعلي تعلن قرب تحقيق الأهداف الطاقية قبل أربع سنوات من الموعد المحدد    الصين: تسليط الضوء على دور القطاع البنكي في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الصين والمغرب    اختتام مشاركة وزارة العدل بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في نسخته الثلاثين    الأمم المتحدة: عمر هلال يوجه رسالة لمجلس الأمن تدحض ادعاءات الجزائر بشأن الصحراء المغربية    التيار الكهربائي يعود بشكل شبه تام في إسبانيا والبرتغال    لبؤات القاعة يبلغن النهائي على حساب أنغولا ويتأهلن للمونديال    طقس الثلاثاء .. أجواء حارة في عدد من المدن    تمارة.. اعتقال أب وابنه متورطين في النصب والاحتيال بطريقة "السماوي    وهبي: تعديل القانون الجنائي سيشدد العقوبات على حيازة الأسلحة البيضاء    إذاعة فرنسية: المغرب يؤكد ريادته الإفريقية مع تمديد الخط السككي فائق السرعة    انقطاع كهربائي واسع في إسبانيا والبرتغال يربك خدمات الإنترنت في المغرب    كندا.. الحزب الليبرالي يتجه نحو ولاية جديدة بعد فوزه في الانتخابات التشريعية    فاطمة الزهراء المنصوري: عدد الطلبات الاستفادة من الدعم المباشر بلغ 128 ألف و528    الصين: الحكومات المحلية تصدر سندات بحوالي 172 مليار دولار في الربع الأول    الصين تتوقع زيادة بنسبة 27 في المائة في السفر عبر الحدود خلال عطلة عيد العمال    التيار الكهربائي يعود إلى معظم مناطق إسبانيا    جسر جوي جديد بين تشنغدو ودبي.. دفعة قوية لحركة التجارة العالمية    حصاد وفير في مشروع تطوير الأرز الهجين بجيهانغا في بوروندي بدعم صيني    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    البوليساريو تنهار… وتصنيفها حركة ارهابية هو لها رصاصة رحمة    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    ببلوغ نهائي كأس إفريقيا للأمم .. "لبؤات الفوتسال" يتأهلن إلى المونديال    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهذه الأسباب دعونا إلى مقاطعة القناة الثانية - دوزيم
نشر في أخبارنا يوم 03 - 06 - 2018

عند بداية تحدثنا عن فكرة إطلاق حملة مقاطعة تهدف إلى الامتناع عن مشاهدة برامج القناة الثانية دوزيم خلال فترة الفطور بشكل يومي حتى نهاية رمضان، عارض كثيرون الفكرة خوفا من أنها ستشتت ذهنية المغاربة وتساهم بذلك في لفت الأنظار عن القضية الرئيسية، وقد حدث ذلك في بداية انطلاق حملة المقاطعة التي استهدفت المنتجات الاستهلاكية الثلاث المعروفة.

هذا الأمر جعلني شخصيا أتريث في طرح موضوع القناة الثانية كمنتج جديد ينضاف إلى المقاطعة التي انطلقت من شبكات التواصل لتتفعل على أرض الواقع. لكن وبما أن هذه الحملة أمست خلال أسابيع قليلة أمرا واقعا، ما لبث أن تحول بسرعة مفرطة إلى عادة يومية لدى العديد من المغاربة ممن أصبح الإقدام لديهم على استهلاك منتج من المنتجات "المحظورة" محفوفا بتأنيب ضمير قد لا يتحملونه، فقد أضحت فكرة احتكار تجربة المقاطعة وتقزيمها في ثلاث شركات بعينها، ضربا من ضروب فرض الوصاية على المواطن الذي يبقى من حقه في التعبير عن رفضه لأي منتج أو خدمة قد يرى فيها تعارضا مع حقوقه المشروعة إنسانيا وقانونيا.

وبما أن تجربة المقاطعة أصبحت أقرب إلى ما يشبه أسلوب عيش وتفكير لدى الكثير من المغاربة، وكون حقوق المواطن تتعرض للانتهاك من جهات متعددة، لا تكتفي بالمساس بالحقوق المادية بل تمتد أيديها إلى العبث بالحقوق المعنوية والفكرية وغيرها، فان الانتهاك اليومي الذي تمارسه أكثر قناة مغربية من حيث المتابعة، في حق الشعب المغربي، وذلك، أولا بإقصاء جزء كبير من لغته وفرض لغة شعب أجنبي عليه، ثم ممارسة الغش في حقه بتقديم منتجات متردية في إطار خدمات إعلامية ممولة من المال العام ومن عائدات الإعلانات التي يدفعها المغربي بطريقة غير مباشرة من خلال ما يشتريه من سلع، ثم هيمنة أقلية على إدارة القناة، تعرف في الوسط المغربي ب"التيار الفرانكفوني" تفرض ما تعتبره، أو ما تتوهم أنه لغتها، وتصر على تقديمها كلغة انفتاح على الخارج فيما تتمادى في التشكيك في لغتنا العربية عبر الإيهام بأنها لغة ميتة منكفئة على ذاتها، مع العلم أن التقارير الدولية تثبت العكس..

فان هذه النقاط مجتمعة، جعلتني شخصيا ألتجئ إلى أسلوب المقاطعة، وذلك بعدما قمت بعدة خطوات في سبيل إيصال صوت يُطالب بإحقاق الحق وتطبيق القانون، فراسلت عبر أحد المراكز المدنية التي أنشط فيها، معالي رئيس الحكومة بقائمة نقاط مطلبية تتعلق باللغة العربية في مختلف مناحي الحياة العامة، وتتضمن إلى جانب نقاط أخرى، نقاطا تتعلق باللغة العربية في السياسة البرامجية للقناة، ثم عقب ذلك

توجهتُ بمراسلة السيد مدير عام القناة بذات الشأن، وفي غياب أي تجاوب، فان عدم الاكتراث هذا والذي لا يمثل سوى جانب ضيق من ثقافة عدم المبالاة التي تسود مغربنا، كانت الدعوة إلى مقاطعة القناة هي الباب المتبقي للفت الانتباه إلى موضوع في غاية الأهمية، وشخصيا أرى فيه أهمية ذات قيمة أكبر بكثير من مسألة المطالبة فقط بتحسين ما هو مادي، علما أني منخرط من البداية في حملة مقاطعة المنتجات الاستهلاكية الثلاث وغيرها.

إن الموضوع الذي أتحدث عنه يتعلق بكرامة المواطن المغربي، مثلما يهم السيادة الوطنية. فوحدة البلاد لا تختزل في السيادة الترابية فقط وإنما هنالك ما يعرف بالسيادة اللغوية التي لا تقل أهمية، وأي اختراق لهذه السيادة من طرف دولة أجنبية، فان ذلك يمثل تهديدا للاستقرار القومي لن تظهر خطورته إلا بعد أعوام طويلة. ففي ظل فوضى لغوية وتسامح بلغ حد تشريع الباب وترك المجال سائبا للغة دولة أجنبية لا يربطنا بها سوى انفتاح رسمي لا يرقى إلى مستوى الانفتاح الشعبي، كي تفرض نفسها على جميع مناحي الحياة العامة، من خلال تواجدها الجد مفرط، واحتكارها في كثير من الأحيان، لعدد واسع من الميادين، ثم ليتخذ وضعها شكلا أكثر وقاحة، عندما تخترق بيوتنا عبر وسائل إعلامنا المدفوعة التكاليف من أموالنا الخاصة والعامة، ولتصبح إذاك شريك حياتنا الخاصة والشخصية.

هذه اللغة الأجنبية فرضها خدام فرنسا علينا بالإكراه، ضاربين بذلك حق المواطن المغربي في الاختيار اللغوي الذي يناسبه للانفتاح به، فمثلا أنا، تجذبي اللغة الانكليزية، فلا أشعر بأي انجذاب للغة فرنسا، فلماذا تفرض علي هذه القلة القلية المفرنسة ما تعتبره لغتها؟ ولماذا، وأنا في بلدي أجبر على متابعة برامج في قنوات تنتمي لوطني بلغة لا تربطني بها أي صلة؟ ثم لماذا لا تحمي القوانين حقوقي في الاستفادة من مجموعة من المعلومات والخدمات الإدارية أو حتى الإعلامية بلغتي أنا المواطن المغربي لا بلغة المواطن الفرنسي؟ ثم إذا لم يكن في قوانيننا أي نص يضفي الشرعية الإدارية على هذه اللغة الأجنبية بما أننا في دولة تقوم على المؤسسات والقانون؟ فان فرضها علينا كلغة خطاب وتواصل وخدمات إعلامية عمومية، هو سلوك يبقى خارج القانون ومنافي لروح الدستور. كما أن إصرار الأقلية المتحكمة في مؤسسات بلادنا، وبنظرة إلى القانون العام، فهو تصرف توجب فيه المساءلة القضائية القاضية بمعاقبة كل من امتنع عن تنفيذ حكم قضائي وفقا لمقتضيات الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية.

ولذلك، فتحول هذه اللغة الأجنبية غير القانونية، إلى لغة شبه رسمية تهيمن على جانب واسع من البرامج على القناة، وحيث أنها لغة لا ذكر لها في الدستور، وبعد الحكم القضائي الإداري الأخير الذي أقر بعدم قانونيتها في المؤسسات الوطنية، وأيضا بعد وضع مشروع قانون يهدف إلى تمكين اللغة العربية في كافة المجالات، وهو في حد ذاته سيكون بمثابة ثورة ثقافية في حال المصادقة عليه، فان هذه التطورات، وفي خضم رغبة واسعة وجامحة في فرض إرادة المغاربة على ضوء موجات المقاطعة الشعبية المتواصلة والتي تتسع إلى مجالات أخرى، فان هذا التحول شجعنا على إطلاق هذه الحملة، كي نشير، أولا إلى أن إصرار إدارة القناة الثانية على إنتاج برامج ذات تمويل عمومي بلغة غير قانونية وفق


الدستور والأحكام القضائية، يدخل في مجال تبذير المال العام، ذلك أن البيانات المختصة التي تفيد بها مؤسسات تتبُع نسب المشاهدة تكشف محدودية جمهور تلك البرامج ذات اللغة الأجنبية، وهو ما يتسبب في حرمان المغاربة من حقهم الدستوري في الاستفادة من خدمات إعلامية عمومية ممولة من المال العام. ودعوتنا، في هذا الصدد، إلى تعريب برامج القناة، قادنا إلى المطالبة بإنهاء هيمنة التيار الذي يفرض على قناتنا الحكومية توجها خارجا عن القانون، لكونه يمثل عقلية ترفض العمل بالأمر الواقع، وهكذا، فان دعواتنا ليست تهدف فقط إلى إرغام القناة على استعمال العربية لغة خطاب رئيسية، دون إنكار التعبيرات الأمازيغية المناطقية الثلاث، وإنما لوعينا بالدور الذي لعبه الإعلام المغربي المرئي والمسموع في تكريس التبعية من جهة، وإذكاء الشعور بعدم ضرورة احترام القوانين السائدة من جهة أخرى، وان بداية هذا التحرر، من هذا الخضوع إلى فرنسا لغويا، لن يكون إلا من خلال وسيلتين، الأولى هي الخروج من تحت المظلة الاقتصادية الفرنسية التي جعلتنا طيلة 60 سنة مجرد سوق للمنتجات الفرنسية التي بلغت في حياتنا حد التبجيل والتقديس، ثم، الثانية، من خلال الانفكاك عن اللغة الفرنسية التي باتت تحتل الترتيب التاسع من حيث الانتشار ضمن رتبة لا تشرف، وإذا كان المغرب قد بدأ يتحرر اقتصاديا شيئا فشيئا من فرنسا بعد توجهه إلى أفريقيا - وان كانت بداية هذا التحرر حدثت خلال 0142 عندما أهين تباعا رمزان يمثلان عمق الدولة هما وزير الخارجية الأسبق صلاح الدين مزوار وقبله المدير العام للمخابرات المغربية، عندما تعاملت معهما السلطات الفرنسية كسائحين أو زائرين لا كرجلي دولة في مهمة رسمية - وإذا كانت قضية اللغة العربية هي قضية وجود وكرامة وتحرر من قيود الاستعمار ومن شكل آخر من شكل آخر من أوجه الرجعية، فان مسألة المضمون في البرامج التلفزيونية لا يمكن إهماله، مادام هو الأساس الذي من أجله تقوم الدولة بتأسيس قنوات وتكفلها ماديا، وحتى نسهم في الارتقاء بهذا المضمون كان لابد من وضع هذه النقطة ضمن النقاط المطلبية والتوجه بها إلى جميع من يؤمنون بسلطة القانون وهيبته، هؤلاء الذين أظهروا أنهم بانخراطهم في حملات المقاطعة للمنتجات الاستهلاكية، بأنهم دعاة عدالة اجتماعية تقوم على مؤسسات مواطنة، تخضع، كما تنحني جميع الرقاب كيفما كانت، أمام سلطة القانون، حيث ينتهي الاحتكار والاستفراد بالقرارات، في جميع صوره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.