كان الفلسطينيون ومعهم العرب وبعض شرفاء العالم يطالبون باسترجاع وطنهم فلسطين الذي اغتصبه اليهود سنة 48 بالوعد المشؤو م وفِي الظروف الناتجة عن الحرب العالمية الثانية وما سبقها وما تلاها من « الوديعة " التي طالت الوطن العربي . وبالموازاة. مع انطلاق المقاومة والعمليات الفدائية انطلقت الدسائس والمؤامرات والطعن من الخلف توجت. بمسلسل من الإخفاقات و التنازلات والانتكاسات أهمها نكسة 67 حيث خسرت الدول العربية مجتمعة حربا ضد شرذمة من الصهاينة هبتواطؤ من العرب أنفسهم ومن حلفائهم .
وأصبحنا نطالب بذلا من ارضنا المغتصبة ستة 48 بالاراضي المحتلة سنة 67 وانطلق مع الطلب مسلسل الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها إذ لم تعد تنعث في اعلامنا ومؤتمراتنا بالعدو الصهيوني الغاشم بل أصبحت تسمى ب "دولة اسرائيل "
ثم اندلعت حرب 73 واستكملت فيها اسرائيل احتلال مواقع استراتيجية مهمة في فلسطين وانبطح العرب بعد ان احتلت أراضي جميع الدول العربية الموجودة على التماس مع اسرائيل سيناء/مصر. جولان /سوريا وادي عربة الاْردن مع بسط السيطرة على القدس .
سنة 1982 اجتمع العرب وقرروا الاعتراف الرسمي والنهائي بإسرائيل. بدون مقابل او بمقابل هلامي سمي آنذاك اريحا اولا وقبلها الزيارة « التاريخية لأنوار السادات للكنيست الاسرائيلي ليدق بها اخر مسمار في نعش القضية الفلسطينية، وكانت جميع مسرحيات ما يسمى بالمحادثات والمفاوضات واللجنة الرباعية مضيعة لوقت الفلسطينيين وفرصة للإسرائليين لقضم المزيد من الدونمات الفلسطينية
الْيَوْمَ كما اسلفت لم نعد نطالب بأراضي 48 ولا بحدود 67 ولا بالجولان وسيناء ورفح ووادي عربة الذي باعته الاْردن لإسرائيل على رؤوس الأشهاد. بل نطالب فقط بنصف القدس ونتوسل من العالم الا يحول سفاراته الى القدس و اصبح خلافنا مع العدو الصهيون ينحصر في قضية القدس العاصمة الابدية لإسرائيل العاصمة الروحية الخيالية للمسلمين والمسيحيين
نحن نعلم علم اليقين ان جميع الدول التي ترتبط بعلاقات ديبلوماسية مع اسرائيل ستحول سفاراتها الى القدس بما فيها مصر والأردن وموريتانيا ونحن غير قادرين على التاثير على سياسة دول اعضاء فيما يسمى جامعة الدول العربية ولا التأثير على اضعف دولة في العالم فكيف بالدول العظمى التي تبارك وتدعم وتشجع اسرائيل التي يعتبرونها الدولة الوحيدة الديمقراطية في الشرق الأوسط والتي يجب حمايتها من الديكتاتوريات المتوحشة المحيطة بها من عرب وترك وفرس .
و رغم التنازلات المذلة التي قدمها ويقدمها العرب من ملايير الدولارات ومن إدارة ظهورهم لإخوانهم الفلسطينيين ومن مباركة الاعتداءات والتنكيل بهم كل يوم ومن المشاركة في حصارهم وشق صفوفهم وتأليب بعضهم على بعض رغم كل هذا الذل وَذَاك الخنوع فلن ترضى عليهم لا أمريكا ولا اسرائيل لا لشيء لأنهم لن يثقوا في من باع وطنه ودينه .
لو ترك الفلسطينيون وشأنهم منذ النكبة لما طال امد هذا الاحتلال ولكن ابت الدول العربية الا الركوب على قضيتهم كل حسب غايته واهدافه وأصبح لكل دولة عربية فصيل سياسي فلسطيني وزعيم فلسطيني وحركة فلسطينية فذهبت القضية الفلسطينية ادراج رياح ميولات وتوجهات هذه الفصائل وهذه الدول المحتضنة والمدعمة والممولة والمجيشة لهذا الفصيل او ذاك
و امتد الخلاف الى داخل الاراضي المحتلة فإلى حدود الْيَوْمَ فالمقاومة تسير بعدة رؤوس بل وللفلسطينيين عدة زعماء يتعذر إحصاؤهم وهم يتصارعون ويتناحرون في الداخل المحتل وفِي المخيمات المنتشرة في دول المنطقة
في حين ان الاسرائليين ومن خلفهم على قلب رجل واحد وماضون في تحقيق الأهداف المرسومة لهم
ولا يؤثر في مسارهم موت زعيم او فشله او استقالته
لقد دفع الفلسطينيون منذ 48 من دمهم وأرواحهم وارواح فلذات أكبادهم ومن حريتهم ما لا يمكن عده وليس لهم غير ذلك في غياب الدعم للحقيقي الملموس من مال وعتاد وفتح للحدود من أبناء جلدتهم وملتهم وستستمر اسرائيل في هدر دمهم واسترخاصه ولن تمنعهم. الخطب العربية المسجوعة والرماية ولا البيانات التنديدية ولا المسيرات والمظاهرات "المليونية » ولا لجن التحقيق ولا القصائد الشعرية الحماسية. ولا الدعوة لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن كل ذلك لن يغير من واقع الامر شيئا .ولن يغير
ميزان القوة لصالح اصحاب الارض الأصليين الذين يواجهون الموت كل يوم بصدور عارية
إن ذنب فلسطين انها عربية ولولا ذلك لتحررت ارضهم منذ زمن بعيد، لان التاريخ يشهد ان اسم العرب حكاما وشعوبا مرادف للخيانة .
الحكام خونة لتواطئهم المكشوف مع المعتدين والشعوب خونة لعدم قدرتهم على الثورة