بدون إطناب في المقدمة.. وبدون انتقاء للكلمات.. وبدون جزالة لفظ أو انتقاء للمصطلحات.. أقول إن ما يقع بحدود باب المحشر بسبتةالمحتلة تجعلني أقف حائرا خائفا مشتت الذهن والأفكار.. روح بلا جسد لشدة الصدمة ومن هول ما شهدته الليلة هناك ! في طابورات الجحيم والاحتقار والذل والعذاب وكل أوصاف الجحيم لا تكفي، وكل قصص المعاناة أهون على ما تعانيه أمهاتنا وإخوتنا من ممتهني التهريب المعيشي بباب الحشر ومعبر الموت بباب سبتةالمحتلة، رغم الحلول التنظيمية التي تنهجها السلطات هناك ورغم كل الصرامة في التطبيق ورغم كل التضحيات فالواقع عسير لأن البطون الجائعة لا تعترف إلا بلغة الخبز ! إننا هنا أمام مواطنين مغاربة يمثلون جيش من الفقر المدقع، همهم الوحيد هو العبور إلى المدينة السليبة للحصول على دراهم معدودات تخفف عنهم وعن أسرهم معاناة شظف العيش وقصر ذات اليد أمام انعدام الفرص في بلدهم ولو مرغت كرامتهم في الوحل أو مزقت أجسادهم تحت الأحذية الثقيلة. ورغم صراخنا، ورغم صدح حناجرنا، ورغم كل ما كتبناه حول جحيم باب الحشر، إلا أننا نصطدم دوما بجدار لامبالاة مسؤولينا وصم ساسة البلاد آذانهم عما يقع، ولا عجب في ذلك ماداموا هم يعيشون في النعيم والبذخ وكأنهم ساسة دول البترودولار، أما معاناة المواطن المغربي البسيط فلا تهمهم ولا تعنيهم في شيء ! إن ما شاهدته اليوم عندما تفحصت كل جوانب طابور ممتنهي التهريب المعيشي جعلني أجزم بأننا نقدم بهذه البشاعة التي تضرب كل الإصلاحات الحقوقية والاقتصادية والتنموية التي باشرها وطننا عبر الحائط هدية على طبق من ذهب لأعداء الوطن، ونعيد عقارب الساعة إلى الصفر؛ فيجف حلقي وتحبس أنفاسي وأضطر لطرح سؤال عريض: ماذا قدمت الأحزاب السياسية والساسة عموما لهذه الفئة من المواطنين المغاربة الذين يعانون كل هذا الجحيم ومازلوا لحدود الساعة واقفون في الطابورات ينتظرون شروق الشمس من أجل أن يستنجدوا بالمستعمر طلبا للقمة عيش تسد رمقهم ؟؟