سيرا على نهج الخطب الملكية نفسه باعتبارها خطبا من الجيل الجديد، كان الخطاب الملكي في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان، خطابا قويا معلنا في طياته عن "ثورة إصلاحية كبرى " على مستوى إحدى أهم القطاعات تيجية المعول عليها للوصول إلى مدارج الدول الصاعدة، ألا وهو القطاع الإداري، الإستراوالذي ما فتئت منظومته تعاني من اختلالات جمة، جعلته قطاعا "معطوبا" ومهددا بالسكتة القلبية في كل وقت وحين، بالنظر إلى كونها اختلالات عميقة تقف عقبة كأداء أمام التنمية في وتمس في الصميم صدق نوايا الإجراءات التحديثية للبنيات الإدارية القائمة؛ شتى تجلياتها جوهرية وهيكلية. وذلك من منظور كما بإصلاحاتمما استوجب بالضرورة لتجاوزها القيام يؤكد الخطاب الملكي "أن النجاعة الإدارية معيار لتقدم الأمم "، الشيء الذي يفرض التفكير جديد للتدبير الإداري، نمط يجعل من الإدارة رافعة حقيقية للتنمية الشاملة الملي في تبني نمط والمستدامة، وإلا فإن عكس ذلك سيشكل في المستقبل كابحا موضوعيا أمام طموح المغرب في الارتقاء الإيجابي إلى مصاف الدول السائرة بثبات نحو الصعود "الإداري" على وجه في هذا الصدد إلى أنه "ما دامت علاقة الإدارة بالمواطن الخصوص. حيث يشير الخطاب نفسهلم تتحسن؛ فإن تصنيف المغرب في هذا الميدان سيبقى ضمن دول العالم الثالث؛ إن لم أقل الرابع أو الخامس". وبذلك فإن جوهر هذا الخطاب الملكي التاريخي هو الدعوة الصريحة إلى ها السلس من حكامة إدارية "سيئة" إلى حكامة بناء صرح الحكامة الإدارية وضمان انتقالإدارية "جيدة. فالحكامة الجيدة هي الإدارة الجيدة والتدبير الجيد، ،ما يرتبط مصطلح الحكامة بالإدارةكثيرا كما أن المؤسسات الدولية كثيرا ما تستعمل مبدأ الحكامة الجيدة من أجل تحديد سمات ، التي يمكن للدولة تبنيها للقيام بإصلاحات مرتبطة وخصائص "الإدارة العمومية الجيدة"بعلاقتها بالمجتمع وما يكتنف في دواخله من عوالم. وعلى ضوء هذا الاستعمال تبرز الصلة الوطيدة بين الحكامة الإدارية والتنمية البشرية. فهذا النمط من الحكامة جزء أساسي لا محيد جية الحكامة الإدارية التي لا بد من الرفع بمبادئها، عنه من خطط التنمية الحديثة، وإستراتيما هي سوى إستراتيجية جزئية حتمية من إستراتيجية أعم وأشمل هي الإستراتيجية التنموية حيث تشكل ،لاجتماعية والإدارية والعلميةالمستدامة بكل جوانبها الاقتصادية والثقافية وا
تكاملا تتداخل عناصره وتترابط محاوره وتتشابك هذه الجوانب المتنوعة والمتعددة كلا ممكوناته في علاقات متبادلة منسجمة وتفاعلية.
هكذا يبدو أن أبرز تجلٍ لقيام علاقة وطيدة بين الحكامة الإدارية والتنمية الشاملة ما حققته إدارتها بيد أنها بفضل -أو على الأقل تتسم على مستواها بالندرة -دول كثيرة لا تملك موارد الواعية والمتمكنة والمتسمة بالنجاعة والكفاية حققت نتائج ايجابية في نموها، ومن ثم ارتقت إلى درجات عالية من سلم التطور الحضاري (اليابان، ماليزيا، كوريا الجنوبية).
إن المجتمع "الحي" و"النابض" يتطور بحاجاته وتكيفه مع البيئة التي ما فتئت تتبدل، وهذا أداءم بالضرورة على المؤسسات أن تتطور أيضا، وأن تعمل جاهدة على تطوير نجاعة يحتبحيث يلزمها الأخذ بممارسات سلوكية فضلى، تسنح لها بمواكبة التغير والتأقلم مع ما يحدث والاستجابة للمتطلبات الطارئة والملحة والمتجددة لشريحة عريضة من الأفراد داخل فيها ويتوطد عليها بنيانها.المجتمعات التي تقوم
وبشكل عام يمكن التأكيد أن كل سياسة جديدة ومرحلة جديدة تظل في أمس الحاجة وفق ومتمكنة كفئةرؤية متجددة إلى رؤى إدارية جديدة ومتطورة وموارد بشرية . وقد حرصت سياسات الإصلاح الإداري في سائر بلدان المعمور على تلبية هذا الطموح وتغذيته بشكل ايجابي.
فانطلاقا من الأهمية المتزايدة التي أصبحت تمثلها الإدارة العمومية؛ ونظرا للتحديات التي تواجهها في إطار تيار العولمة الجارف الذي أدى إلى توجيه الإدارات العمومية نحو تقنيات لاح الإداري من لدن جديدة للتدبير والتنظيم؛ أصبح الوعي الشامل بالحاجة الكبرى للإصأغلبية الدول مصحوبا بضرورة العمل العميق على تمتين عمل الإدارة للتقدم من أجل مواكبة العولمة والشمولية والتنافسية.
ينبغي أن هذه المواكبة تعد بالنسبة للمغرب بمثابة منطلق فلسفة الإصلاح الإداري، والتي صلاح الإدارة بإصلاح الدولة في ظل ما يسمى فنظرا لارتباط إ ،ينظر إليها في إطار كليبالتحديث الإداري، لم يعد من الممكن الحديث عن إصلاح للإدارة في غياب إصلاح شامل يستوعب الدولة نفسه.
إن الإصلاح الإداري بالمغرب ليس مطمحا وليد اليوم؛ بل إن المغرب نهج سياسة الإصلاح الإدارة وإعطاباولة حثيثة منه لتجاوز سلبيات الإداري منذ استرجاعه لاستقلاله؛ في مح، عن طريق القيام بمجموعة من الإصلاحات والمر دوديةالاستعمارية والرفع من النجاعة على هذا الصعيد. هكذا أولت واهتمت مختلف مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي الإدارة المغربية، حيث وعصرنهعرفها المغرب بالإصلاح الإداري كآلية سياسية لتحديث أعطت أولوية خاصة لتحسين ظروف العمل الإداري ووسائله، ولكل ما يتعلق بأخلاقيات من ألمسطريالوظيفة العمومية والاتصال المباشر بالجمهور والإعلام، كما اهتمت بالجانب يف من الإجراءات، خلال بعدين اثنين حاسمين، يتعلق الأول بتبسيط المساطر الإدارية والتخففيما يهدف الثاني إلى تحسين العلاقة بين الإدارة والجمهور.
جة "المثالية" بين "الحكامة" و"الإصلاح الإداري"، باعتبارهما دكل ذلك يخلق نوعا من النممعا نتاجا خالصا للمسارات الإصلاحية المؤسساتية، أي أن للإصلاح الإداري أدوارا تاريخية سساتية تؤسس لإدارة الحكامة كإدارة "مواطنة" وكإدارة للتنمية البشرية وتفاعلية ومؤوانفتاح وعقلنهالمستدامة، تتسم بكل خصائص التدبير الجيد من تخليق وشفافية وترشيد من مميزات من شأنها أن ترتقي بالإدارة وتجعلها حقا وتحفيز وغيرهاوتواصل وتبسيط تياجاته وتلبية مطالبه، إدارة الحكامة الجيدة وما ينجم مرفقا في خدمة المواطن وضمانُ احعنها من توفير سبل التطور وأسباب التقدم في هذا السياق، يرى الخطاب الملكي أمام أنه وبعد انتهاء "الولاية التشريعية الأولى بعد إقرار دستور 2016اكتوبر 14البرلمان في من مصادقة على القوانين المتعلقة بإقامة ؛ والتي كانت ولاية تأسيسية؛ لما ميزها 2011فإن المرحلة المقبلة هي "أكثر أهمية من سابقاتها، فهي تقتضي الانكباب الجاد المؤسسات؛على القضايا والانشغالات الحقيقية للمواطنين، والدفع قدما بعمل المرافق الإدارية، وتحسين الخدمات التي تقدمها".
التنموية وتجعله محور جل الصيرورةالمواطن في صلب سائر إنها المرحلة التي تموقع ف" ،كل واحد المواطن بالمرفق العموميالسياسات العمومية، خاصة تلك التي تجمع في ليه كل المؤسسات هو خدمة الذي يجب أن تسعى إ -كما يؤكد الخطاب الملكي-الهدف بل لا مبرر لوجودها أصلا. ،الجدوىوبدون قيامها بهذه المهمة فإنها تبقى عديمة ،المواطن
وهنا ينبثق موضوع العلاقة الوثيقة التي ينبغي أن تجمع المواطن بالإدارة كموضوع بالغ ويوضح ،قة باعتبارها جوهر عمل المؤسساتالأهمية، كما تبرز ضرورة تحسين هذه العلاهنا علاقة المواطن الخطاب الملكي مختلف المرافق المعنية بهذه العلاقة كما يلي: "وأقصد بالإدارة، سواء أتعلق الأمر بالمصالح المركزية والإدارة الترابية، أم المجالس المنتخبة كما أقصد أيضا مختلف المرافق المعنية بالاستثمار ،مصالح الجهوية للقطاعات الوزاريةوالالغاية منها وتشجيع المقاولات، وحتى قضاء الحاجيات البسيطة للمواطن كيفما كان نوعها، فواحدة، هي تمكين المواطن من قضاء مصالحه، في أحسن الظروف والآجال، وتبسيط إن من شأن كل ذلك أن يؤسس بالفعل ،المرافق والخدمات الأساسية منه" المساطر، وتقريبلصرح دولة الثقة التي تعطي لكل مواطن الحق في الاستفادة المنصفة والعادلة من خدماتها، لفكرة القائلة بأن الجهود المبذولة من مؤسسات الدولة المركزية واللامركزية وأن يرسخ االريادي في ومتوقعه، هي اعتراف صريح وقوي بمحورية وكينونة المواطن واللام مركزة"، ترفع شعار: "خدمة المواطن، هي جوهر محكومةالأولى لكل سياسة عمومية " ألمصافك كله من أجل ربح الرهان الذي يرنو إليه مغرب الحكامة التنمية المستدامة والشاملة". وذلبكل عزم وثبات، ألا وهو رهان الالتحاق بنادي الدول الصاعدة. أولا اختلالات منظومة الحكامة الإدارية:
إنه وعلى الرغم من أن الاختلال البنيوي كثيرا ما يرتبط بالأدبيات الاقتصادية كاختلال في نمط و الاختلال البنيوي للسوق لدى الاقتصاديين الكلاسيكيين، فهو قد يمس أ ألأجريالاقتصاد هنا تبرز الاختلالات كتيمات خاضعة للملاحظة، ،أيضا مجمل القطاعات بما فيها الإداريفالانتكاسة وعموما وكإبراز للتباعدات القائمة بين التصور المطلوب والواقع المُتسم بالتعقدمن الناحية البنيوية هي مرادفة للاختلال الذي يحيل على بنية تتسم بوقوف الحركة وتعثر
ويتمظهر ذلك بالنسبة للمغرب من خلال الاختلالات الإدارية التي ما فتئ يعاني ،الميكانيزماتالاقتصادية منها، والتي تستدعي حوارا عميقا ونقاشا شفافا بين مختلف الفعاليات السياسية ووالاجتماعية والثقافية والمدنية، من أجل صياغة ميثاق إداري تعاقدي يضمن نموا مستداما ويحقق التوازن بين المتطلبات الآنية وبين الأهداف المستقبلية، وهذا يمكن أن يتم عبر بلورة ابية إدارية طموحة قد يستغرق تنفيذها سنوات، بيد أن نجاعتها ذات آثار ايج إستراتيجية.وعميقة على المدى البعيد
كثيرة، وذلك على الرغم من وإعطابهكذا تظل الحكامة الإدارية تشكو من نقائص كبيرة بعض التطورات الظرفية والمحدودة، وهو مافتئ يتجلى أساسا في تفشي وتكريس مجموعة مواطن، ومنها من الممارسات المسيئة للفعل الإداري الناجع وللإدارة كمرفق حيوي بالنسبة للالرشوة والمحسوبية والزبونية وذلك على الرغم من الإجراءات والتدابير والإستراتيجيات المتخذة، ومن بينها الإعلان عن ميثاق حسن التدبير وشفافية إجراء الصفقات العمومية، وإدخال قواعد متراصة في مجال حكامة الموارد البشرية، من قبيل المساواة والنزاهة والشروع في إصلاح القضاء وخاصة إنشاء المحاكم الإدارية والتجارية والمر دوديةاءة والكفوالمالية، واللجوء المتواتر والمتواصل إلى الافتحاصات والتدقيقات الضرورية في كل وقت وحين.