عبر نافد"ة قطار... أو صراحة ما يشبه القطار... فقطارات بلدي بئيسة... لا تحترم توقيتاتها ولا زبائنها.. بل الوقت آخر هواجس القائمين عليها ولا العاملين بها.. أن يتأخر قطار بدقيقتين أو ساعتين.. الأمر سيّان.. "لا زرْبة على صْلاحْ" و"الله يجيب غير الصحة والسلامة" علما أنه لا صحة ولا سلامة مع قطارات وعمالة من هكذا نوع... يرتفع ضغطك، وتموت بردا ولربما تُشوى حرا، لا أحد يعبأ لك... ركاب آخرون يُكملون ما بدأه القطار ومن فيه.. تكول متّافْقين عليك.. البعض يدخن في الممرات علما أن التدخين ممنوع على متن القطار أصلا... فيما آخرون لا يحترمون أدنى شروط نظافة الحمامات أو ما يشبه الحمامات... والتي غدت نتنة وولوجها قطعة عذاب مستطير... طينة أخرى من الركاب... إزعاجك هدفهم... أطفال يجرون في الممرات.. يصيحون.. تخالهم أو يخالون ذواتهم داخل حارة أو حي شعبي لا وسيلة نقل مشتركة للمئات وأحيانا للألوف... عجوز هي الأخرى تصيح بأعلى صوتها في هاتف.. أو عفوا فيما يمكن ان تسميه ما شئت إلا الهاتف.. "بلغنا زطات.. فهمت لن أنزل في "واد زيز" (وازيس)، سأنزل حالما اصل ل"كازا باياجور" (الدارالبيضاء المسافرين)... فهمت عزيزي... يباغتنا رجل أو مسافر في "لا كابين": شكون لي نازل فالوازيس؟.. لم نجبه ربما خوفا ولربما شيئا آخر... المهم غادر في اتجاه كابينة أخرى فهمنا حينها فقط أن صاحبنا يبحث عن مكان مرشح للشغور.. لكن بفظاظة زائدة... إمرأة في سن الخمسين ولربما الستين ومعها صبيات ثلاث... في سن واحدة أو متقاربة جدا... إنصرفت لإطعامهن على مدى الطريق... خذن رايبي هذا.. ما رأيكن بقطعة خبز وزيت... في سنكن كنت اتناول من الطعام الكثير.. الكثير.. مُلتح.. بدا لي رجلا محترما جدا جدا.. رددت عليه سلامه بشكل شرعي.. جلس على مقربة من باب "لا كابين".. المسكين يبدو أنه مُحرج.. ليتضح أنه منشغل.. فمكان جلوسه إستراتيجي للحملقة في مؤخرات المسافرات.. يحملق ويحملق ببلاهة لم أرها من قبل.. وكلما مرت إحدى "المؤخرات" رفع صوته "لا حول ولا قوة إلا بالله"...