يخلد المغرب والهند هذا العام ذكرى مرور 60 سنة على إقامة علاقات دبلوماسية بينهما، ما يشكل مناسبة أمام الرباطونيودلهي للعمل سويا في إطار دينامية متواصلة ترتكز على الرفع من وتيرة التعاون الثنائي وتعزيزه ليشمل مجالات متنوعة . وما فتئ البلدان يؤكدان على رغبتهما المشتركة في تمتين أواصر الصداقة والتعاون، التي تمتد جذورها التاريخية إلى القرن ال 14 عندما قام الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة برحلة إلى بلاد الهند، من خلال الانعقاد الدوري للجنة المشتركة المغربية - الهندية، وبفضل المشاورات المنتظمة ذات المستوى الرفيع بين البلدين . وفي هذا الصدد، شكلت الدورة الرابعة للمشاورات السياسية بين المغرب والهند، التي انعقدت في أبريل المنصرم بالعاصمة نيودلهي، آلية مهمة من شأنها أن تمهد لإرساء شراكة استراتيجية أكثر نجاعة بين البلدين، ولمنح دينامية جديدة لآفاق التعاون بينهما . وخلال هذا الاجتماع، بحث الجانبان المغربي والهندي السبل الكفيلة بتعزيز وتطوير التعاون الثنائي في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، كما تطرقا إلى المراحل الفعلية والآليات الكفيلة بإرساء شراكة استراتيجية تعود بالنفع على البلدين معا . وتبادل الطرفان، خلال هذه المشاورات، وجهات النظر حول مختلف مجالات التعاون والأشواط التي قطعت في إطار العلاقات المتينة التي تجمع بين البلدين، كما ناقشا سبل تطوير العلاقات المتميزة على المستوى التجاري، وتوسيعها لتشمل مجالات أخرى مثل مكافحة الإرهاب والتعاون في المجالات الاجتماعية والثقافية . وشكلت هذه المشاورات كذلك مناسبة استعرض خلالها الجانب المغربي التطورات الأخيرة للقضية الوطنية الأولى للمملكة وعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وهو القرار الذي رحبت به الحكومة الهندية "بحرارة"، مؤكدة أن "هذا الأمر سيعزز مسار الوحدة داخل القارة الإفريقية". وتواصلت دينامية التعاون بين البلدين بانعقاد "منتدى الأعمال المغربي- الهندي" يومي 19 و 20 أبريل الماضي بمبادرة من (مغرب تصدير)، وبمشاركة ممثلي خمسين مقاولة هندية كبرى وعدد من المقاولات المغربية، حيث تم تنظيم لقاءات أعمال مصغرة لفائدة المقاولات من كلا البلدين، فضلا عن تنظيم زيارات لمواقع صناعية لفائدة الفاعلين الاقتصاديين الهنود . واستمرارا لهذه الدينامية القوية، انعقدت اللجنة المشتركة المغربية- الهندية يومي 25 و 26 ماي الماضي، والتي أجرت خلالها السيدة نيرمالا سيتهارامان، وزيرة الدولة الهندية المكلفة بالتجارة والصناعة مباحثات بالرباط مع رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني، تم خلالها بحث سبل تعزيز المبادلات التجارية وتوسيعها لتشمل قطاعات جديدة، علاوة على القطاعات التقليدية للتعاون الثنائي . كما أكدت الوزيرة الهندية، التي حلت ضيفة شرف على لقاء الأعمال السنوي الأول حول "الصناعة المغربية.. الرهانات والتحديات" بالدار البيضاء، على ضرورة إحداث تكامل اقتصادي بين البلدين في المجال الصناعي وغيره من المجالات الحيوية الأخرى، داعية الفاعلين الاقتصاديين المغاربة إلى زيارة الهند واستكشاف فرص التعاون المتاحة من أجل تطوير الشراكات بين البلدين . وتشهد العلاقات بين البلدين دينامية جديدة، عززتها الزيارتان التاريخيتان اللتان قام بهما صاحب الجلالة الملك محمد السادس للهند في فبراير 2001 وفي أكتوبر 2015 ، حيث تم منذ ذلك الحين التوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، في إطار شراكة استراتيجية تقوم على مبدإ "رابح – رابح" . يذكر أن الهند، ثاني أكبر دولة في العالم من حيث السكان وثالث أكبر اقتصاد في القارة الآسيوية، تعتبر من القوى الاقتصادية الصاعدة على الساحة الدولية، وتتطلع إلى أن تصبح إحدى الاقتصاديات الأربع الأولى على الصعيد العالمي خلال العقود المقبلة .