تشكل الزيارة التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للهند في أكتوبر الماضي، من أجل حضور أعمال القمة الثالثة لمنتدى "الهند-إفريقيا 2015"، نقطة تحول مهمة تمهد الطريق نحو شراكة استراتيجية أكثر نجاعة ومتانة بين المغرب والهند. وتعكس هذه الزيارة، الرغبة الملكية في تعزيز التعاون الثلاثي بين المغرب والهند وإفريقيا، باعتباره الآلية المثلى التي بإمكانها تحسين ظروف عيش شعوب المنطقة، والركيزة الأساسية للتعاون جنوب–جنوب، الذي يعد مسألة استراتيجية بالنسبة للمملكة في سعيها الدائم نحو مبادرات من هذا النوع.
كما تندرج هذه المبادرة في سياق التوجهات الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، الهادفة إلى الارتقاء بعلاقات التعاون السياسي والاقتصادي التي تجمع المغرب بالهند وعدد من بلدان القارة الإفريقية، إلى مستوى شراكة شاملة وناجعة على مختلف المستويات.
ومن هنا يأتي تأكيد جلالة الملك محمد السادس، في خطابه السامي أمام القمة المغربية – الخليجية بالرياض، على ضرورة التوجه نحو إطلاق شراكات استراتيجية مع بلدان كالهند والصين وروسيا، في إطار سعي المملكة الحثيث إلى البحث عن شركاء جدد والانفتاح على مجالات سياسية جديدة وآفاق اقتصادية أخرى.
وفي هذا الصدد، اعتبر الصحفي الهندي، رودرونيل غوش، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بنيودلهي، أن زيارة جلالة الملك محمد السادس للهند، بمناسبة انعقاد القمة الثالثة لمنتدى "الهند - إفريقيا 2015"، من شأنها الدفع قدما بالعلاقات المغربية-الهندية وبالشراكة الهندية-الإفريقية على حد سواء.
وأكد الصحفي الهندي أن الزيارة الملكية التاريخية لنيودلهي تشكل كذلك منعطفا مهما سيساهم في إعطاء دفعة قوية لتعزيز مسار العلاقات المغربية-الهندية، كما يؤكد على الرغبة في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى شراكة استراتيجية عميقة بين البلدين في جميع المجالات.
وأبرز غوش أن المشاركة "المتميزة" لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في أعمال القمة الثالثة لمنتدى الهند – إفريقيا 2015، تعد بمثابة نقطة تحول أساسية من شأنها تفعيل الدينامية الجديدة بين المغرب والهند، كما أنها تعكس أهمية الدور الذي طالما اضطلع به المغرب من أجل تطوير القارة السمراء واندماجها والذود عن وحدتها.
وأشار إلى أن المحادثات التي أجراها جلالة الملك محمد السادس مع الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي، على هامش أشعال القمة، كرست هذا المنحى بشكل واضح، حيث أفضت إلى إحداث لجنة عمل مكلفة ببحث المشاريع التي من شأنها إعطاء دينامية جديدة للتعاون المغربي-الهندي.
كما سجل غوش الدفعة القوية التي شهدتها العلاقات الثنائية على إثر الزيارة المهمة التي قام بها للمغرب نائب الرئيس الهندي، محمد حامد أنصاري، على رأس وفد مهم يضم أعضاء من الحكومة والبرلمان الهنديين، في الفترة الممتدة من 30 ماي إلى فاتح يونيو المنصرمين، والتي ناقش خلالها مع المسؤولين المغاربة سبل تطوير هذه العلاقة المتميزة على المستوى التجاري، وتوسيعها لتشمل مجالات أخرى مثل مكافحة الإرهاب والتعاون في المجالات الاجتماعية والثقافية.
وأبرز الصحفي الهندي أن هذه الزيارة توجت بتوقيع البلدين على مذكرة تفاهم بين الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية والمعهد الهندي للخدمات الخارجية وعلى برنامج للتبادل الثقافي للفترة 2016-2019، كما عرفت الإطلاق الرسمي لغرفة مغربية - هندية للتجارة والصناعة بالرباط كبنية موجهة للنهوض بالمبادلات والتعاون بين البلدين، وقفزة جديدة في مسار العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
واعتبر الصحفي الهندي أن المغرب يمثل بالنسبة للهند نقطة ارتكاز استراتيجية للتجارة الدولية بمخطط نمو طموح واقتصاد ينمو في السوق العالمية وقرب جغرافي من أوروبا تشجع على الربط بين إفريقيا وأمريكا وآسيا. وتنهل الشراكة الاستراتيجية المرتقبة بين نيودلهي والرباط من التاريخ العريق للبلدين، وتطابق مواقفهما بشأن العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، المتمثلة على الخصوص في إصلاح منظمة الأممالمتحدة وتكريس دورها في إرساء السلم والأمن العالميين، ومحاربة الإرهاب، والتسوية السلمية للنزاعات وغيرها.
إن المؤهلات التي يتوفر عليها المغرب، بفضل استقراره السياسي ونموه الاقتصادي وموارده البشرية المؤهلة وحضوره الفعال، لاسيما في منطقة غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية، تجعل من المملكة قاعدة مهمة وبوابة مثالية بالنسبة للمقاولات الهندية لولوج الأسواق الإفريقية الواعدة.
ويمكن القول إن المغرب والهند شرعا، منذ الزيارة الملكية الأخيرة، في التأسيس لشراكة استراتيجية نموذجية، تروم تطوير العلاقات الثنائية، عبر الاستفادة من المؤهلات التقنية والبشرية والموقع الجيو-استراتيجي للبلدين، من أجل بناء مستقبل أفضل لشعبين البلدين.
تجدر الإشارة إلى أنه، منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، شهدت العلاقات بين المغرب والهند تطورا ملحوظا على المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية، ساهم في إرسائها الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة الملك للهند في عام 2001 وتلك التي قام بها الوزير الأول الهندي الأسبق أتال بيهاري فاجبايي للمغرب في عام 1999.