بعد القرارات الأخيرة للجنة التحضيرية لمؤتمر حزب الاستقلال والتي اتخذت السبت الماضي بمقر الحزب بالرباط، أصبح في حكم المؤكد بداية نهاية شرعية لقوة حميد شباط الأمين العام للحزب والانفتاح على حقبة جديدة من تاريخ التنظيم عنوانها الأبرز إعداد العدة لتنصيب نزار بركة حفيد علال الفاسي على رأس أعرق حزب سياسي بالمغرب. وفي سياق متصل، اعتبر قياديون استقلاليون يمثلون بعض الفئات القوية في التنظيم، أن قرارات اللجنة التنفيذية برئاسة عبد الله البقالي أحد مناصري شباط إلى عهد قريب، كانت معبرة بشكل جلي وواضح عن اختلال ميزان القوى داخل مؤسسات الحزب لصالح مناوئي الأمين العام الحالي وعلى رأسهم مجموعة حمدي ولد الرشيد ونزار بركة.
وفي هذا التوجه، صرح نور الدين مضيان رئيس الفريق النيابي بالغرفة الأولى للبرلمان وعضو اللجنة التنفيذية للحزب، أنه " كاستقلالي مرتاح جدا لنتائج اجتماعات اللجنة التحضيرية للمؤتمر" المزمع عقده أواخر شهر شتنبر من هذه السنة، وأن "مرحلة حميد شباط اتسمت بوجود أخطاء كثيرة أساءت للحزب، أصبح من الضروري وضع حد لها" حسب تعبيره. من جهة أخرى لم ينزعج ذات المتحدث من التعبير عن ميوله إلى ترشيح نزار بركة، واصفا إياه "بالرجل الهادئ والمتعقل" الذي "لا يذخر جهدا لتوحيد صفوف الحزب"، مبرزا مؤهلاته كرجل دولة واكب العديد من التحولات السياسية والاقتصادية وذو الخبرة والمعرفة العلمية والسياسية بمتطلبات المرحلة.
من جهتها كشفت خديجة الزومي البرلمانية السابقة عن الحزب، وأحد الوجوه المؤثرة داخله، عن كون مقررات اللجنة التحضيرية لم تكن "ضعفا أو هزيمة لأحد بما في ذلك حميد شباط بل كان تعبيرا قويا عن توافق داخلي يدل على شموخ الحزب وعلى إبعاد شبهة التدخل الخارجي" حسب مفرداتها. وعن سؤال مرشح المستقبل لقيادة التنظيم، لم تختلف الفاعلة السياسية، عن زميلها في الحزب، نور الدين مضيان، فأقرت بأنها تميل إلى تزكية نزار بركة، لكونه "رجل يتقن الإنصات، رجل الاستراتيجيات، وشخص له قدرة خاصة على التعامل مع تناقضات مختلف التيارات الداخلية بدون انحياز أو تقوقع سياسي ضيق ولا يؤمن بالخطاب الشعبوي أو العنيف في مواجهة الخصوم، بقدر ما يفضل الانكباب على فك طلاسم مشاكل المغرب والمغاربة وأنه لم يسبق أن كان موضوع فضائح تدبيرية أو أخلاقية "، بحسب تصريحها.
محمد ماء العينين، سفير المملكة السابق في عدة عواصم دولية عالمية، وأحد الوجوه البارزة في صناعة الرأي داخل مؤسسات الحزب، علق على قرارات المرحلة بما في ذلك التوجه شبه المجمع عليه في تدعيم نزار بركة، "أن على الجميع بما في ذلك شباط أن يدركوا أن التنظيم بصدد إعادة بناء نخبه القيادية، وأن المرحلة التي أفرزت شباط وتحديدا سنة 2012 مختلفة بشكل جذري عن سنة 2017"، وبالتالي أصبح من وجهة نظر السفير السابق " التسليم بأخطاء وفشل الماضي وفتح طريق جديد مع جيل جديد ذي مؤهلات قوية ومهمة" حسب تعبيره.
ومع اتخاذ اللجنة التحضيرية قرار تحديد تاريخ المؤتمر وعدد المؤتمرين، يكون حزب الاستقلال قد قطع مع مرحلة اتسمت بالصراع الظاهر والخفي وبالضربات المتنوعة تحت وفوق الحزام، ليبقى سؤال طريقة توديع شباط على رأس التنظيم قائما في المؤتمر المقبل وطريقة تسليمه بواقع القوة الحالي داخل مؤسساته، إضافة إلى سؤال معالم وهوية مرحلة مابعد رجل أثار الكثير من الجدل، رجل إسمه على إسم شهر متقلب الطقس والمزاج.