غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية ، احتشدت الجماهير الشعبية في الأزقة والساحات العمومية ، وفي ساعات متقطعة من الليل .. تتعالى أصوات حناجرها يخالطها صخب أبواق السيارات .. " أدّاها ودّاها.. والله ما خلاّها .." إعلانا عن فوز مرشحهم أو بالأحرى جوادهم الذي راهنوا عليه في حملاتهم الورقية .. وبعد حين تم التعرف على القبائل الحزبية وترتيبها في لائحة المقاعد العامة . وهكذا ومرة أخرى ؛ وفي سابقة لم تكن متوقعة ولا واردة في الحسابات الكبيرة والصغيرة ؛ قفز شعار المصباح إلى الواجهة .. فتهللت الوجوه الملتحية ، وجعلت أناملها تفرك ذقونها غبطة وسرورا ، بينما كانت وفي ركن منزو أنامل لأشخاص آخرين يقضمون رؤوس أصابعهم حسرة وندما ! الفصل الأول
جوقة من الأشخاص الذين حالفهم الحظ ؛ يتبادلون التهاني عبر الموبايل ..
* الأول : لم أكن أصدق حواسي .. حتى أكد لي الجيران بالإعلان عن إسمي .. " شوفْ ربّي سهّلْ فيها .. حمْلا ماشي حتى لْتمّا .. والشعب مسكين .. والله خاصْنا نردّو ليهْ شيحاجا .."
* الثاني مقهقها بملء فيه : " .. ديرْ النيّا ..تلْقاها .. حتّى أنا .. كانو كايْقولو عليّا .. بالّلي أنا الزّريعا دْيالْ تْراكتورْ .. ولكنْ .."
* الثالث يدخل على الخط : " .. دابا آسّي الباراكا .. واشْ مانْفهْموشْ روسْنا شْويّا ؟ .. راها اللّحْية قرْبتْ تْصادرْ أملاكْنا .. خاصْنا نكرْطو يمّاها منْ غدّا ... باشْ مانْوقعوشْ فالقصّة دْيالْ " أُكلتُ يوم أكل الثور الأبيض" ..
الفصل الثاني
داخل مقهى البرلمان : كانت القاعة غاصة بالزوار ، منهم الندماء الذين لهم تاريخ مديد مع احتساء كؤوس الشاي في هذا البهو .. صخب وضجيج ، وأدخنة من كل الأنواع تفور من الأفواه ... من السيجار الكوبي إلى كازا سبور بالنسبة للوافدين الجدد .. عناقات واحتضانات ، وضحكات وهمسات ولمزات .. لا تستبين من بينها سوى عبارات "الله يبارك فيك" .. "جاتْ مْعاكْ هادْ لغْرافاتا مْنينْ خْديتيها..."
* أحدهم يسر في أذن جليسه : " ..فوقاشْ غاتْخْلاقْ هادْ الحكومة .. زعْما القضيّة مافيهاشْ إنّا ..؟ "
* الثاني يحملق في وجهه : " .. زعْما كيفاشْ .. واشْ عاقو بيللّي الشعب كانْ فدارْ غفْلونْ ...؟ إكونْ ولاّ مايْكونشْ .. حْنا المهم نجحْنا .. إدبرو لْروسْهم .."
* فجأة يسمع من بعيد : " .. احتراماتي السيد الرئيس .. احتراماتي السيد الرئيس .. فالتفت الحضور إلى شخص دلف بوابة المقهى تشيعه نظرات التبجيل من كل زاوية .. ودبّتْ وشْوشة داخل المقهى : إيهْ هوّا نيتْ .. الحمامة .. الحمامة .. سّي أخنوش ماجاشْ معاه هدا الشّعار ديالْ الحمامة .. لاّ خاصهمْ فالحزب إدبْرُولُو على شعارْ مْناسبْ ... بْحالاشْ .. بْحالاشْ .. بْحالاشْ ..؟ اصبرْ عليّا .. شعارْ دْيالْ القرشْ .. القرشْ .. نيتْ هوّا وكّالْ ما يقدرْ عليهْ غيرْ لّيخلْقو .. راهْ هوّا ليبْلوكا الحوتْ ما يتحرّكْ حتى يعطيوهْ ما يمضغْ ..المهم خصوّ زرْدا دلْماكْلا ...
غادر المقهى لتوه ؛ وقد نثر خلفه هذه الجملة أمام إلحاح أفراد من حزبه : " .. آفوقاشْ الفراجا آسي الرئيس ؟ .. " .. قْريبْ قْريبْ إنشاء الله "
الفصل الثالث
بعدما أن تم انتخاب رئيس البرلمان ؛ جلس هذا الأخير يتداول هو ونوابه في بنود النظام الداخلي للمجلس :
* نائب برلماني يلج إلى مكتب الرئيس : ".. مبْروكْ آسي الرئيس ... واشْ مهْدكومشْ الله تعْطيوْنا رْزقْنا دْيالْ هدي رْبعشْهورْ .. آسي الرئيس.. هدا هوّا أهم قرارْ غادّيرو فْحْياتكْ .. راهومْ طوْلو عْلينا ... أودابا .."
* قاطعه صوت رخيم ؛ صاحبه يقعد خلف أريكة ، بين حين وآخر يقذف إلى جوفه بقطع من الشوكلاطة : " .. شوفْ آسي النائب معا النائب المحترم .. باشْ إحرْكو داكْ الفصل دْيالْ الماندا ... راها الناسْ مالْقاتْ ماتاكولْ ..الله يكونْ فالعوْن ... يالاطيفْ منْ دابا بْدا اجّوعْ ..."
* رد عليه نائبه الثاني : ".. آسي الرئيس .. راهْ هْدرنا مْعاهوم فالتلفون .. قالونّا .. راهومْ مشغولين بالْماندا دْيالْ البرلمانيين المتقاعدين ... يمْكن اسبْقونا حْنا الْوالا.."
* النائب الثالث : " .. عاودْ اتّاصالْ بهومْ منْ جْديدْ ... ولاّ صيفاطْ ليهومْ الفاكسْ بإسم سي الرئيس .."
* الرئيس يتململ في أريكته ويقاطعه : " .. آجي .. كيفاشْ انتا النائب التالت .. مزْيان .. آشْ غادّيرو .. أنا ما خاصْني لا نائب أول ولا تاني ...آعباد الله هدا منكر .."
يقاطعه نائبه الأول بنبرة حادة " .. كيفاشْ آسي الرئيس درْتيلْها .. ما عنْداكْ شغالات ...ما كاتقبْطاكْشْ كرشاكْ مْنينْ كايكونو النوابْ فالأسئلة الشفوية ... آدْوي .. ماكايجيكْشْ انْعاسْ حينْما يجي شي وزير يخطب ..؟؟ آه "