عندما وجدت سناء جثة هامدة إلى جانب غثاء السيل الجارف لواد "كشكاط" الذي عبر هضاب رأس العين وشعاب الكنتور، متجها نحو مدينة اليوسفية في موكب رهيب استدعى كل عبارات التكبير والحوقلة، جميعنا اتهم الأمطار وواد "كشكاط" تحديدا بتهم ثقيلة وصل بعضها إلى جريمة الخيانة العظمى للوطن في انتظار تحقيق شامل، يسلط الضوء على الجناة الحقيقيين. الأمطار وإن كانت بفرط تهاطلها تخلف ضحايا، بشرية وخسائر مادية، فهي تزود السدود وقنوات السقي بمنسوب مياه ينتفع منها الطائر بجناحيه والزاحف على بطنه ولأجل بطنه ولو كان ذلك بعد حين، غير أن المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي بكل ألوانهم وصفاتهم، ماذا استفاد منهم الإقليم وسكان الإقليم سوى الوعود الكاذبة والشعارات التمويهية الجوفاء. فمنذ ثماني سنوات وتحديدا عقب الزيارة الملكية التي دشن فيها الملك مشروع إعادة تهيئة "واد كشكاط" وتدعيم البنية التحتية للمدينة، هذا المشروع الذي سمعنا به ولم نره .. منذ ذاك الحين، واليوسفيون ينتظرون المشروع ومعهم واد "كشكاط" الذي يبدو أن صبره نفد، وعاد من حيث نبع ليطمئن على وعود هي أشبه بالسراب. كان لنا يقين بأن واد "كشكاط" سيعود في وقت من الأوقات، لأنه لا يخلف وعوده كما يخلف مسؤولو الإقليم وعودهم ويرمون بها الأرض عقب أول استعمال لها، كما ترمى المناديل الورقية. أجزم على أن واد "كشكاط" هو الوحيد في الإقليم الذي يفي بوعوده ومواعيده، هو الوحيد أكثر من غيره الذي يحترم سكان الإقليم، هو وحده الشاهد الأول والمتهم الأخير.