إحسان الزكري ما يزال ملف الأطر العليا المشمولة بمحضر 20 يوليوز يراوح مكانه دون أن يبدو في الأفق المنظور ما يؤشر على دنو إنصاف حكومة بنكيران لهذه الفئة من المعطلين التي خطفت قضيتها الأضواء الإعلامية بشكل ملفت خلال الفترة الراهنة . وفي ظل هذه الأجواء التي يعتريها الترقب والإنتظار ، تتسارع وتيرة تحرك هؤلاء المعطلين على مختلف الجبهات والأصعدة ، فتراهم بعزيمتهم الفلاذية يتحركون فرادى وجماعات بلا كلل ولا ملل ،يجوبون مختلف المسالك متأبطين محضرا التزمت بموجبه الحكومة بتوظيفهم . ثم إنهم في خضم ذلك الحراك ، تجدهم يطرقون تارة أبواب مختلف المكاتب الحقوقية والحزبية لإيصال تظلمهم ، و طورا يرتادون شتى المنابر الإعلامية للتعريف بعدالة قضيتهم ، فلا يعودون منها إلا وقد غنموا حظا ثمينا من التعاطف ونصيبا وافرا من الدعم . وعلى الجبهة الميدانية ، تراهم وقد احتشدوا في شوارع الرباط متعاضدين ، وفي ساحة البريد وقبالة البرلمان مرابطين ، وبمنطوق الفصل التاسع والعشرين من الدستور الجديد مهتدين، يتحركون في مسيرات خاشعين ، وبتفعيل محضرهم مطالبين وآملين أن تلامس صيحاتهم المدوية آذان المسؤولين. هكذا تتواصل معاناة هؤلاء المعطلين ، الذين يجدون أنفسهم أحيانا ضحايا خرق الدستور في فصله الثاني والعشرين ، الذي ينص عدم جواز المس بالسلامة الجسدية والمعنوية للمواطنين ،فتلقاهم بعد ذلك وقد صارت أطرافهم ورؤوسهم مزارا للعصي و قبلة للهراوات التي لا ترحم ولا تبقي ولا تذر، في مشهد يجسد المعاملة القاسية واللاإنسانية المهينة الحاطة بالكرامة الإنسانية في أبشع حللها . وليت بشاعة المشهد تقف عند ذلك الحد ، فأحيانا قد تنزلق إلى ماهو أقسى وأمر حين ينجم عنها إجهاض الأمهات المعطلات كما حدث خلال تجمهرهم السلمي الأخير . لكن وبالرغم من كل ما اقترف في حق هؤلاء المعطلين من تعنيف وإجحاف ، تجدهم على درب نضالهم السلمي سائرين ،وقد آلوا على أنفسهم مواصلته مستندين في ذلك على محضر ملزم التفعيل لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه . وعلى الطرف الآخر ، يقف بعض أعضاء حزب المصباح وقد أحالوا المحضر المعلوم على أصحاب الحل والعقد أملا في إيجاد مخرج قانوني يكون طوق نجاة لهم ليتحللوا من التزامهم مع المعطلين المظلومين .لكن يبدو أنهم سدى يفعلون ، فقد ألفوا أن الفكاك من قيد ذلك الإلتزام قد استحال وما عليهم إلا الوفاء به لا الإخلال. هكذا يبقى مصير المحضر حبيسا لدى المسؤولين ، وبموازاة ذلك تبقى محبوسة أنفاس المعطلين في انتظار رد أهل القرار الذي في اعتقادهم مهما طال فإنه سيصب حتما في إطار تفعيل المحضر .