لم تنفع الآليات والمعايير المعتمدة في تجاوز اختلالات توزيع وجودة وأسعارالدقيق المدعم ولا تجنب سلبيات عملية إيصاله إلى المستفيدين، لذلك بادرت الحكومة إلى تشديد رقابتها على المادة، وذلك بنشرها لوائح المستفيدين من مأذونيات المتاجرة في هذا الدقيق. الإجراء الحكومي أعلن عنه الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة، محمد نجيب بوليف، وهو يكشف، أول أمس الاثنين، عن لائحة جديدة تعكف وزارته على تضمينها أسماء التجار المكلفين بتوزيع الدقيق المدعم في أفق وضعها رهن إشارة المواطنين . بوليف أوضح في تصريح ل «الأحداث المغربية»، أن لا جديد في الأمر وأن الوزارة ستعمل خلال الأيام القليلة القادمة على تفعيل قرار وزاري مشترك تم اتخاذه سابقا، بهدف «وضع رهن إشارة المواطنين لائحة بأسماء التجار المكلفين بتوزيع الدقيق المدعم وعناوينهم بكل مركز، وكذا الكمية الممنوحة لهم بمقرات الجماعات المعنية والمكاتب الجهوية للحبوب والقطاني، وذلك لإرساء دعائم الشفافية في عملية توزيع هذه المادة الحيوية» . خطوة أولى تشمل تجار الجملة الذين يقومون بتزويد المطاحن بالدقيق المدعم في انتظار أن «تشمل اللوائح، في مرحلة ثانية، تجار التقسيط حومة حومة.. ودرب درب» على حد تعبير الوزير المنتدب المكلف بالشؤون العامة والحكامة. قبل ذلك، وفي معرض رده على سؤال شفوي تقدم به فريق «العدالة والتنمية» بمجلس النواب حول «التلاعبات التي يعرفها الدقيق المدعم»، أوضح بوليف أنه «وللتأكد من وصول كميات الدقيق إلى المراكز المستفيدة تم تفويت عملية نقل الدقيق الوطني من المطاحن إلى تلك المراكز بواسطة طلب عروض إلى الشركة الوطنية للنقل واللوجيستيك التي ستستعمل أنظمة (جي بي إس) بطريقة تدريجية لتتبع مسار الدقيق ووجهته» . الوزير شدد في مداخلته على أن الوزارة ستعمل وبتنسيق مع الوزارات المعنية على مراجعة عملية توزيع الدقيق الوطني المدعم لضمان حسن توجيهه للمراكز المستهدفة ذات نسبة مرتفعة من الفقر والهشاشة، مبرزا أن الوزارة تنكب حاليا على مباشرة عمل تقني يهدف إلى المرور من نظام الحصص (الكوطا) إلى نظام طلبات العروض لإنتاج الدقيق الوطني ووضع الإجراءات المواكبة للنظام الجديد، وذلك في إطار تشاركي مع مهنيي القطاع وبمنهجية التعاقد التي تبنتها الحكومة. مبادرة، عللها الوزير بأنه «وبالرغم من الآليات والمعايير التي تتخذها الحكومة لضمان حسن توزيع الحصص والإنتاج والتسليم للمستفيدين، فإن هذه العملية تعرف بعض الاختلالات»، مؤكدا أن «المصالح المختصة قامت بتسجيل 300 مخالفة، من ضمنها مخالفات متعلقة بعدم إشهار أسعار الدقيق الوطني والزيادة غير المشروعة في أسعاره، وب 130 عملية مراقبة مباغتة شملت 36 مطحنة من مختلف مناطق المغرب، أسفرت عن ضبط مخالفات بمطحنتين تم منعهما نهائيا من إعداد الدقيق وكذا توقيف 18 تاجرا قاموا بتلاعبات في عملية التوزيع وتم التشطيب عليهم نهائيا من لائحة التجار المكلفين بهذه العملية». اختلالات سبق لوزير الاقتصاد والمالية نزار بركة أن دق ناقوس الخطر بشأنها، عندما كشف عن استفادة بعض المناطق من الدقيق المدعم، رغم أن عموم ساكنتها ليس في حاجة إليه. بركة أقر، أمام أعضاء مجلس المستشارين، بوجود تفاوتات في الحصص الممنوحة للمطاحن، وعدم احترام تسعيرة البيع المحدد في درهمين للكيلوغرام الواحد، ولا معايير الجودة في المنتوج، الذي تخصص له الدولة 11 في المائة من المبلغ المخصص لصندوق المقاصة بغلاف مالي فاق 30 مليار درهم.