أكدت دائرة الإفتاء العام أن الاسلام يحرم العنف بجميع أشكاله ومسمياته وان واجب النصيحة يقتضي علينا جميعا أن نسعى لتوعية المسلمين في كل مكان ، وتبيين مخاطر العنف وأضراره. وقالت الدائرة في بيان أصدرته امس ، ان العنف يولد الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع ، ويزرع الإثم والعدوان ، ويعطل جهود تحقيق الأمن والسلام العام للإنسانية. وأشار البيان إلى قوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". وأضاف البيان "ونحن نؤكد أن العنف الذي يحدث على صعيد الأسرة أو الجامعة أو المجتمع هو أمر دخيل على مجتمعنا الأردني الإسلامي ، وعلى ثقافتنا وقيمنا العربية الإسلامية النابعة من الأصالة والرفق والرحمة ، ولن يكون له ثمرة إلا الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وإفسادها ، ومن ثم الإضرار بالمواطنين ومصالحهم ، وهذا فساد في الأرض كبير" ، لافتا الى قوله تعالى "وَابْتَغً فًيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخًرَةَ وَلا تَنسَ نَصًيبَكَ مًنَ الدُّنْيَا وَأَحْسًن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إًلَيْكَ وَلا تَبْغً الْفَسَادَ فًي الأرْضً إًنَّ اللَّهَ لا يُحًبُّ الْمُفْسًدًينَ" القصص , 77 وقال البيان ان الإسلام حرم أيضا ترويع المسلم وإخافته ونشر الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد ، مشيرا الى قول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما" وقوله "مَنْ أَشَارَ إًلَى أَخًيهً بًحَدًيدَةْ فَإًنَّ الْمَلاَئًكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإًنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبًيهً وَأُمًّهً" رواه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم: "سًبَابُ الْمُسْلًمً فُسُوقّ ، وَقًتَالُهُ كُفْرّ" رواه البخاري. وزاد البيان: "وإذا كان الله تعالى قد حرم الاعتداء على مال الغير واعتبره من الإثم والكبائر ، ورتب عليه عقوبات في الدنيا والآخرة ، فإنه حرم كذلك الاعتداء على الممتلكات والأموال العامة التي هي ملك للجميع ، وجعل الاعتداء عليه ظلما للمجتمع وللنفس أيضا والله لا يحب الظالمين والمعتدين". وقال إن مقاصد الشريعة الإسلامية التي بعث بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والتي لا تستقيم المجتمعات والحضارات إلا بها تدعو الى انتشار الرحمة والمحبة بين الناس ومحاربة أشكال الاعتداء والتخريب التي ليست من الإسلام في شيء ، بل هو تشويه لصورة الإسلام الناصعة المشرقة ، وتحريف لمقاصده ، وربط لصورة العنف والتخريب بمبادئه الرحيمة ، بينما هو براء من كل ذلك. واوضح انه من تأمل في الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية يجد نصوصاً زاخرة تدل على تكريم الإنسان وتحريم ظلمه والاعتداء عليه والمحافظة على دينه ونفسه وعرضه وماله ، مشيرا الى قوله تعالى: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنًي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فًي الْبَرًّ وَالْبَحْرً وَرَزَقْنَاهُم مًّنَ الطَّيًّبَاتً وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى كَثًيرْ مًّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضًيلاً" الإسراء , 70 ولفت البيان إلى ان القاعدة الفقهية تقول "لا ضرر ولا ضرار" فأي فائدة يجنيها من يقتل أو يضرب أو يسيء؟ وأي فائدة يجنيها من يخرب أو يدمر أو يعطل العمل أو الدراسة سوى الشر والفساد؟ فكلما زاد العنف زادت الخسائر البشرية والمادية ، وفي هذا إهلاك للحرث والنسل ، واعتداء آثم على حق المجتمع ، سيسأل عنه فاعله وكل من ساهم فيه أمام الله تعالى يوم القيامة. وأكد أن حوادث العنف تزيد النعرات القبلية التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم "دعوها فإنها منتنة" ، ونحن نعلم أن العنف ينشر الفتنة ، ويزيد من الشائعات ، وبهذا يعم الخوف والرعب والفزع بين الناس ، ويزول الأمن والطمأنينة والاستقرار ، وتنطفئ شعلة العلم والنور التي تبثها جامعاتنا ومؤسساتنا وأسرنا ، وبذلك نفقد دورنا الريادي الذي مدحنا الله تعالى به حين قال "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله". ودعا البيان المواطنين ليحتكموا الى العقل في الأمور كلها وأن نلتزم بهدي الإسلام العظيم في الرفق والرحمة والتسامح ، وهي دعوة أيضاً لجميع الباحثين والدارسين والخطباء أن يعملوا على علاج هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا لنشر ثقافة الرحمة والتسامح والقضاء على مختلف أشكال العنف وشتى صوره.