تنص المادة 516 من مدونة الشغل المغربية على أن المشغل الذي يرغب في تشغيل أجير أجنبي عليه أن يحصل من السلطة الحكومية المكلفة بالشغل على رخصة تسلم على شكل تاشيرة توضع على عقد الشغل، وقد نص ظهير 1934 الملغى على نفس المقتضى و إن كان يحمل الاجير مسؤولية استصار هذه الرخصة من المصالح المختصة خلافا لما عليه الحال بعد دخول مدونة الشغل حيز التنفيذ. و يتشدد الاجتهاد القضائي الحالي في تطبيق هذا النص و اعتبار كل عقد لم يتم التاشير عليه بالرخصة السالفة الذكر باطلا كأن لم يكن و لا يستحق الاجير الاجنبي اي تعويض عن الفصل التعسفي و لو اشتغل سنوات عمره، مما يؤدي الى ضياع جميع حقوقه. و في هذا السياق جاء في قرار لمحكمة النقض بتاريخ 23 شتنبر 2009 ( إن الطاعنة لما كانت أجيرة أجنبية تنظم علاقتها الشغلية بمشغليها بالمغرب مقتضيات خاصة ورد التنصيص عليها بظهير 15-11-1934 حسبما وقع تغييره وتتميمه ثم بمدونة الشغل من بعده في الباب الخامس من الكتاب الرابع منها بشأن تشغيل الإجراء الأجانب، فإنها تبقى خاضعة لهذه المقتضيات الخاصة، والثابت من وثائق الملف وبإقرار الطاعنة ان العقد الرابط بينها وبين الملطوبة يعود لتاريخ 08/10/2001 أي قبل دخول مدونة الشغل حيز التنفيذ بتاريخ 08/06/2004، مما يجعله خاضعا لمقتضيات ظهير 15/11/1934 أعلاه التي كانت سارية المفعول وقت إبرامه فلا مجال للاستدلال بما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 516 من مدونة الشغل التي أوجبت على المشغل الراغب في تشغيل أجير أجنبي الحصول على رخصة من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالشغل تسلم على شكل تاشيرة توقع على عقد الشغل والقول بان المشغلة هي الملزمة بالحصول على هذه الرخصة وأنها بعدم حصولها عليها تكون هي المسؤولة عن تقصيرها وينبغي معاملتها بنقيض قصدها لكون الأجير هو المطالب بذلك عملا باحكام الفصل 3 من الظهير المذكور، كما وقع تعديله بمقتضى ظهير 21/02/1951 والذي جاء فيه: ( يجب على الأفراد المهاجرين إلى منطقة الحماية الفرنسية ليتعاطوا فيها مهنة أن يحصلوا بادئ الأمر على إذن بذلك … )، مما يجعل الإذن إلزاميا لقيام العقد وليس مجرد إجراء شكلي كما ذهبت إلى ذلك الطاعنة ويبقى تعليل القرار فيما استند إليه من تطبيق مقتضيات المادة 516 من مدونة الشغل تعليلا زائدا يستقيم بدونه مادام قد استند أيضا غلى مقتضيات ظهير 15/11/1934 الواجب التطبيق في النازلة، كما انه لا مبرر للاستدلال بما نص عليه الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود لكون العقد المفتقر للإذن المطلوب يعد والعدم سيان، واشتغال الطاعنة لمدة فاقت الثلاث سنوات لا يغني عن الإذن المذكور ولا يكسب العقد شرعيته خلافا لما جاء بالوسيلة، والقرار لما اعتبر العقد في النازلة عديم الأثر إلا فيما يخص الأجور المستحقة كان سليما فيما انتهى إليه ومعللا بما فيه الكفاية والفرع الثاني من الوسيلة الأولى وكذا الوسيلة الثانية على غير أساس) و نود الاشارة في هذا المقال الى أن القانون الدولي العام يستثني الاجانب المقيمين بصفة نظامية و دائمة من وجوب استصدار رخصة العمل في بلدان اقامتهم، مع العلم ان بطاقة الإقامة تسلم بقوة القانون، مع مراعاة الضوابط القانونية المتعلقة بالدخول والإقامة في المغرب ،إلى الأجانب الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في مقتضيات المادة 17 من القانون المنظم لإقامة الاجانب بالمغرب، و من أهمها ان يكون الأجنبي زوج لمواطنة مغربية، أوالأجنبية زوجة لمواطن مغربي كما سبق بيانه في الفقرة السابقة. و من البديهي ان من أهم آثار حصول الاجنبي على الاقامة بقوة القانون هو تخويله ممارسة جميع الحقوق المكفولة للمواطنين الاصليين باستثناء الحقوق السياسية من تصويت و ترشيح لشغل مناصب تمثيلية و غيرها و كذلك عدم امكانية توظيفه في القطاع العام أما ما عدا ذلك من شغل وظائف بالقطاع الخاص فيعامل كغيره من المواطنين الحاملين لجنسية البلد و يستفيد من الضمان الاجتماعي و التامين و التقاعد و تكون له اهلية التقاضي و تطبق عليه مقتضيات القانون الداخلي باستثناء تلك المتعلقة بنظام الاحوال الشخصية التي تراعى فيها مبادئ القانون الدولي الخاص، و لذلك فإنه من نافلة القول بيان كون الاجير الاجنبي له كامل الحرية في ولوج سوق الشغل بالمغرب دون توقف ذلك على وجوب استصدار رخصة بذلك من وزارة الشغل لأن مثل هذا الشرط انما يسري في مواجهة الاجانب الزائرين أو المقيمين بصفة عرضية كالطلبة الاجانب أو اللاجئين السياسيين، و هذه المقتضيات لا ينفرد بها التشريع المغربي بل إنها من الاعراف الدولية التي لها صفة الالزام، و على سبيل المثال فقط فإن المهاجرين المغاربة بالخارج يشتغلون بمختلف القطاعات و يستفيدون من مختلف الحقوق بدول الاستقبال دون توقف ذلك على حصولهم على جنسية بلد الاستقبال بل تكفي الاقامة التي تسلم بقوة القانون لمن استكمل شروطها، سواء بواسطة الزواج المختلط او الالتحاق العائلي أو غير ذلك، بل إن من المغاربة من ولد و ترعرع ببلد اجنبي دون ان يكون حاصلا على جنسيته فهو يحتفظ بالجنسية المغربية معتزا بها و يستفيد فقط من الحقوق التي تكفلها له بطاقة الاقامة النظامية التي تجعله في نفس المرتبة مع المواطنين الحاملين للجنسية باستثناء حرمانه من الحقوق السياسية التي أشرنا اليها انفا. وانه مما استقر عليه الفقه القانوني في مادة القانون الدولي العام أنه يُفرض على الأجانب في الدول التي يوجدون فيها بصورة شرعية عدة واجبات ويتمتعون بعدة حقوق إستنادًا إلى اتفاق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وإتفاق العهد الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، وبالاستناد إلى الإعلان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها الرقم 40/144 تاريخ 13/12/1985 المتعلق بحقوق الأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه، من دون أن يضفي هذا الإعلان صفة الشرعية على دخول أي أجنبي ووجوده في أي دولة بصورة غير قانونية. كما انه من المستقر عليه في فقه القانون الدولي العام أن الاتفاقيات والمعاهدات والإعلانات الدولية قد منحت للأجانب عدة حقوق، شرط مراعاة القيود التي ينص عليها القانون والتي هي ضرورية في المجتمع لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو حقوق الآخرين وحرياتهم التي تتفق مع الحقوق والحريات الأخرى المعترف بها في الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. ولعلّ أهم حقوق الأجانب هي الحق في مراجعة القضاء الوطني، واستعمال حق الدفاع المقدَّس، بإعتبار ذلك من الحقوق الدستورية الأساسية، يضاف إلى ذلك الحق في العمل بطريقة آمنة وصحية، و الحق في تقاضي الأجر العادل من دون أي تمييز، والحق في عدم حرمان الأجنبي على نحو تعسفي مما اكتسبه من أموال بطريقة قانونية. و حيث إن ما سبق بيانه في الفقرة السابقة اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1985 بمناسبة الإعلان المتعلق بحقوق الإنسان للأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه. وقد حرص واضعو الإعلان على التأكيد من أن كفالة الحقوق الأساسية المعترف بها في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان يستفيد منها غير المواطنين أيضا. ( المواد من 5 إلى 10 من الإعلان المتعلق بحقوق الأفراد الذين ليسوا من مواطني البلد الذي يعيشون فيه ). وتجدر الاشارة الى إن معاملة الاجانب المقيمين بصفة نظامية بنوع من التحيز و عدم المساواة كما هو الحال في النازلة فيه خرق للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية لسنة 1976،والذي تتعهد كل دولة طرف فيه "باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب. و حيث إن هذا ما أكده كذلك المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وغيرها من أشكال التعصب ذات الصلة، المنعقد بدربان – جنوب أفريقيا (2001) و الذي طالب الدول بأن تُعزز وأن تحمي على نحو كامل وفعال حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع المهاجرين، وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما يقعُ عليها من التزامات بموجب الصكوك الدولية الأخرى لحقوق الإنسان. و من نافلة القول ان الاتفاقيات الدولية تواترت على وجوب ضمان الحقوق الاساسية للاجانب المقيمين، و هذا ما أكدته الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1969) حيث طالبت هذه الاتفاقية الدول الأطراف فيها بالقضاء على كافة أشكال التمييز بما في ذلك ما هو موجه ضد الأجانب، و نفس المقتضيات تضمنتها الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم (1990) و التي تناولت بشكل واضح الطائفة الواسعة من الحقوق التي يتمتع بها العمال المهاجرين الذين يعملون بشكل قانوني في دولة غير تلك التي يحملون جنسيتها، بما في ذلك حقهم في حرية التعبير (المادة 12) والحماية من التمييز (المادة 7) والحق في المحاكمة العادلة (المادتين 16 و 7)، و نفس المبادئ و المقتضيات تضمنتها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 97 بشأن العمال المهاجرين (1952) التي تنص على أنه يتوجب على الدول الأطراف في هذه الاتفاقية أن تتخذ "تدابير لتسهيل سفر واستقبال العمال المهاجرين" (المادة 4)، وكذلك بأن تقيم أو تتحقق من وجود إدارة مناسبة تقدم خدمات مجانية لمساعدة العمال المهاجرين (المادة 2)، والرعاية الطبية (المادة 5)، وأن تعاملهم معاملة لا تقل مواتاة عن المعاملة التي تتيحها لمواطنيها، فيما يتعلق بالحماية من التمييز والضمان الاجتماعي والسكن والحقوق المتعلقة بالأجر (المادة 6)، و أشارت اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 بشأن التمييز في مجال الاستخدام والمهنة (1958) لنفس الاجراءات الحمائية لفائدة الاجراء الاجانب المقيمين والتي تعمل على تحقيق المساواة في الفرص وفي المعاملة علي صعيد الاستخدام والمهنة، بغية القضاء علي أي تمييز في هذا المجال، بما في ذلك التمييز تجاه الأجانب، و حيث إن المادة 23 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان تكفل حق العمل لكل شخص مقيما كان أو حاملا لجنسية البلد.