أما بعد فبعد نشر مقال " إشارات بسيطة لكنها مهمة " في هذا المنبر القيم توصلت بإشارات أخرى نبهني إليها بعض الأصدقاء و الأحباب و طلبوا مني وضعها في مقال يكون بمثابة الجزء الثاني لما سبقه ، وعليه فقد صغتها و وضعتها و أسأل الله أن يجازي خيرا كل من ساهم في تقريب هذه الإشارات من قريب أو بعيد . الإشارة الحادية عشرة : في بعض المساجد و خاصة عند صلاة الجمعة تستعمل الطريق المجاورة لها لأداء الصلاة ، إنما بعض الصفوف خارج المسجد تكون متقدمة عن محراب المسجد وهذا لا يجوز شرعا ، ، فالمأموم تكون نيته الاقتداء بالإمام ، لذا لا يجوز سبقه لا في المكان ولا في التكبير ولا الركوع ولا السجود ولا التسليم حتى تصح الصلاة ، والله أعلم الإشارة الثانية عشرة : هناك من الناس من يصلي صلاته وكأنه ينقر نقر الغراب و هم قليل والحمد لله ، مع العلم أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة ، فحديث الرجل الذي دخل يصلي في المسجد ورآه النبي صلى الله عليه وسلم وكان يقول له " ارجع فصل فإنك لم تصل " كان بسبب السرعة التي يصلي بها الرجل و لا يترك أعضاء جسده تستقيم لا في الركوع ولا في الرفع منه ولا في السجود .... ولهذا عدّ العلماء الطمأنينة ركناً مهماً من أركان الصلاة , لا تتم الصلاة بدونها فعلى المأموم والإمام والمنفرد وكل مصلٍ ، أن يحرص على الطمأنينة والخشوع في الصلاة. الإشارة الثالثة عشرة : هناك من الناس من يظن أن عقد النية يكون تلفظا ، فتجده عند كل صلاة يقول اللهم إني نويت أن أصلي صلاة كذا .. أو من يقول نويت أن أصوم شهر رمضان مثلا ، و النية محلها القلب وهي تعقد بدون تلفظ الكلمات ، وما إن ذهبت وتوضأت لتصلي فتلك هي النية. و الله علم الإشارة الرابعة عشرة : من الناس من يكون في المسجد ينتظر دخول وقت إحدى الصلوات و هو جالس و أصابعه متشابكة ، فتشبيك الأصابع بعد الصلاة لا بأس به، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شبك بين أصابعه بعد الصلاة ، أما إذا كان قبل الصلاة، أو في أثناء الصلاة فمكروه، لحديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامداً إلى الصلاة فلا يشبكن بين يديه فإنه في صلاة. " رواه أبو داود وصححه الألباني . الإشارة الخامسة عشرة : بفضل من الله ومنته يجتهد المسلمون في شهر رمضان اجتهادا لا مثيل له فالناس تحافظ على الصلوات بالمساجد ، و تجد المساجد في صلاة الفجر مليئة وليس كباقي الأيام من العام كما يتجنب الناس الكثير من المعاصي ربما كانوا يفعلونها في أيام دون أيام رمضان . وهنا التذكير بأن عبادة الله قائمة دائمة في رمضان وغيره ، لذا وجب علينا الحفاظ على الصلوات الخمس في المساجد خاصة صلاة الفجر ولو بعد رمضان وأن نحفظ ألسنتنا و كل جوارحنا من المعاصي بعد رمضان . الإشارة السادسة عشرة : نجد اليوم كثيرا من الناس من يجلسون على كراسي موضوعة في آخر المساجد مخصصة لمن لا يقدر على الصلاة واقفا، فالجلوس في الصلاة مع القدرة على القيام خطأ كبير ، فهناك من يصلي الصلاة من أولها لآخرها وهو جالس لمرض أو غيره، وهذا الأمر له ضوابط شرعية: فمن استطاع القيام حتى ولو كان عاجز عن الركوع والسجود لا يسقط عنه القيام، فيجب عليه القيام ثم ينحني قليلا للركوع ويجلس ويسجد بانحناء أكبر من انحنائه للركوع ، لأن القيام ركن من أركان الصلاة، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلي قاعداً وهو يستطيع الوقوف. إلاّ لضرورة قصوى . الإشارة السابعة عشرة : عند الصلاة الجهرية تجد من الناس من يقرأ مع الإمام بصوت مسموع ، و هذا ربما يشوش على باقي المصلين أو على من بجانبه ، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، إلاّ القراءة بفاتحة الكتاب مطلوب . قال الرسول عليه الصلاة والسلام بعد إحدى صلواته مع أصاحبه : ((لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)) رواه أحمد وأبو داود وابن حبان بإسناد حسن ، ومع ذلك فقراءة المأموم تكون سرا وليس بصوت مسموع والله أعلم الإشارة الثامنة عشرة : أن يوطن الرجل لنفسه مكان في المسجد ولا يفترق عنه ، و هذا منهي عنه ، فعلينا أن نصلي في كل جنبات المسجد حتى تشهد لنا نلك الأماكن غدا يوم القيام بالصلاة فيها . عن عبد الرحمن بن شيل : أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ثَلاثٍ : عن نَقرةِ الغُرابِ ، وافتراشِ السَّبُعِ ، وأن يوطِّنَ الرَّجلُ المقامَ للصَّلاةِ كما يوطِّنُ البعيرُ. رواه أبو داود والنسائي و حسنه الألباني . أحمد الله على أن وفق إخواني للإشارة علي بمزيد من الإشارات التي تهم المصلي ، و أسأله سبحانه أن ينفع بها .